صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

الاغتيالات وتداعيات اخرى (2/3)

 

وقد نبه الصدر في مذكراته بالقول: ما أريد التنويه له هو أنَّ المنطقة مُقبِلَة أو على شفى حرب طائفية طاحنة, يسقط بها ما لا يعلم عدده إذا بقيت الأمور على هذا التشدّد وعلى هذا الحال لاسمح الله.

 

تزامن هذا الخطاب في وقت كانت فيه ماعرف “بانتفاضة المدن الـ 6” في العراق, وكانت تقودها عشائر, وقاموا باعتصامات تطالب الحكومة وعلى رأسهم المالكي “بحقوق” لهم, واستمرت الى ان تحولت الى حضن داعش. والقصة معروفة.. كنت في تلك الايام قد توقعت اننا دخلنا في عهد الاغتيالات السياسية, إلا ان سقوط الموصل بيد داعش 10-6-2014 , قد أجل هذا الموضوع لان الجميع أصبح مستهدف, وقد لفتت فتوى الجهاد الكفائي الانظار الى حمل السلاح للدفاع عن العراق بمقدساته, وارضه. وتم تشكيل سرايا السلام, كجناح عسكري للتيار الصدري.

 

ما يلفت النظر ان الصدر ظهر بقوة في هذه الفترة, وتبنى خطاباً وطنيا سلمياً, بعد ان قام بتجميد (جيش المهدي) في 2007 الى اشعار غير معلوم.

 

قبالة ذلك وجدنا مجالس الاسناد قد استقطبت الكثير من وجهاء العشائر, وقد بدت ذات توجه حزبي ضيق, علما انها عملت تحت غطاء قانوني. وقد قام (العبادي) بحلها.

 

الحكومة والجيش اضعفوا أكثر بعد ان اخذ زمام المبادرة الحشد الشعبي. وصار جيشاً عقائدياً موازيا, والتأثير الايراني عليه واضح. هنا لابد ان ننبه أن الحشد قام بسد الفراع الذي احدثه انسحاب الجيش العراقي, ولولاه والحال ينطبق ايضا على السرايا, لكانت داعش قد وصلت الى بغداد والمناطق المقدسة.

 

تغيرت المواجهة من وطنية الى عقائدية, حتى انني اذكر منشور على صفحة الفيسبوك الرسمية لـ ( قاسم الاعرجي) – وزير الداخلية الحالي- انه قال: من يقف في مواجهة داعش هم اؤلئك الضباط ” الدمج ” الذين تم الانتقاص منهم, بعد أن فر الجيش العراقي امام داعش (احداث الموصل) أو كما قال نصا.

 

وكثير من الازمات الخانقة عصفت بنا, فما زال الاطراف في تضاد لغياب الثقة المتبادلة. والمشروع الانفصالي الكردي قائم, وتصدع البيت الشيعي, وتشظي مواقف السنة وخراب مناطقهم, والمسيحيون وبقية الاقليات والطوائف في خبر كان..

 

وقد حاول الطرف الاميركي غير مرة ان يعيد للجيش العراقي مكانته السابقة, حتى قام في “اخر محاولة” له في اعادة (خالد العبيدي) وزيراً للدفاع مرة اخرى, عن طريق القضاء, إلا انهم لم يفلحوا فقد استبقهم السيد ( العبادي) وقدم اسمين للبرلمان, وقد تمت تسمية وزيري للدفاع والداخلية, إلا أن ضغوطات اميركية اصبحت أكثر وضوحاً بزيارة السيد (العبادي) الى اميركا مؤخراً, من خلال التوكيد على انهاء دور الحشد, وايران في العراق, وتقوية دور الجيش العراقي, ان كان العراق يريد استمرار دعم الولايات المتحدة, والقروض التي تأتي بضمانتها, وبقية المساعدات وفق اتفاقية الشراكة الدائمة بين البلدين.

 

بسبب تسمم علاقات القوى السياسية والنافذة في المجتمع, لاتجد برنامج وطني شامل تتبناه, من اجل البدئ بصفحة جديدة, فالدستور باق على اعوجاجه, والتسوية التاريخية – الوطنية او السياسية” -كآخر طرح للسلم الاهلي-, لم تأخذ حيزها الطبيعي عند المواطنين, كما كانت المصالحة الوطنية السابقة حبراً على ورق, ويبدو ان هذا الامر نتاج طبيعي لعملية سياسية مأزومة, وبظرف اجتماعي واقتصادي ووو عقيم وصل الى طريق مغلق.

 

ليبدأ انتاج شكل جديد من المواجهة وهو تصفية الخصوم بعضهم بعضا بالاغتيال. مع ان معضلة داعش وتحرير الموصل لم تنته بعد..

أقرأ أيضا