صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

الانسحاب من تلعفر مخالفة شرعية وقانونية!!

 

منذ الامس تناولت الوكالات الاخبارية، أنباء متضاربة حول انسحاب بعض فصائل الحشد الشعبي (عصائب أهل الحق) و(كتائب حزب الله) و(بدر) و(الخرسان) من معركة تلعفر.

 

وتم تأكيد هذا الخبر في بيان صحفي منسوب لرئيس كتلة صادقون النيابية حسن سالم، حيث نشره موقع (شبكة اخبار العراق)، وجاء في النص: (شهود عيان رصدوا أرتالا أميركية وقوات برية في اطراف قضاء تلعفر وتحديدا في منطقة تل عبطة٬ وذلك بخلاف المواقف الرسمية لرئيس الوزراء، ودفع بفصائل المقاومة الإسلامية وعلى رأسها كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق إلى الانسحاب من المعركة).

 

ربما لا يعلم السيد النائب ان هذه التصريحات بينت لنا الدور الحقيقي لفصائل الحشد الشعبي في هذه المعركة، كما انها فندت في نفس الوقت ما جاء به المتحدث باسم الحشد الشعبي النائب أحمد الاسدي، بخصوص وجود دور اساسي، وليس ثانويا لها، والا فكيف يمكن للمقاتلين في الخطوط الأمامية والمنشغلين في المواجهة المباشرة مع العدو وصد الانتحاريين وإسعاف واجلاء المدنيين، ان يقرروا الانسحاب بشكل مفاجئ؟!.. فيما العدو لا يبعد عنهم سوى امتار!.

 

لو بحثنا الأمر من وجهة نظر قانونية فانه لا يمكن أن يصدق على هذا الانسحاب الا مفهوم واحد وهو التمرد على صلاحيات وأوامر رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، حيث لا يحق لأي جهة منضوية في المؤسسة العسكرية والامنية ان تتخذ مثل هذا القرار دون إذن او توجيه من القائد العام!. اضافة الى التداعيات الفضيعة التي خلفها الاعلان عن هذا القرار، من قبيل حدوث حالة ارباك في عدة جبهات بخطوط الصد الامامية!. كما انها جاءت بالتزامن مع توغل قطعات الفرقة التاسعة للجيش العراقي معززة بفرقة العباس القتالية، في حي الخضراء احد أهم الأحياء القريبة من مطار تلعفر، والحصن الكبير لعناصر التنظيم!.

 

ناهيك عن أن مجرد الحديث عن الانسحاب، قد تصب بمصلحة التنظيم الارهابي، ويستفيد منها في تغيير مسار المعركة، حيث يستطيع توجيه عناصره في كتيبة الانغماسيين بفتح جبهة في مواقع القوة المنسحبة، ويستطيع مباغتة القطعات العسكرية في خطوط الصد، وبالتالي يجب الاعتراف ان اعلان الانسحاب كان خطأ فادحا جداً، ويدخل في خانة التشويش غير المتعمد على سير المعارك!.

 

ولو بحثنا في سبب الانسحاب، فاننا نجده غير مبرر إطلاقاً، بل ربما يكون فخاً تقف وراءه جهة دولية او محلية متضررة من تحرير تلعفر، وتريد بأية طريقة إفشال المعركة عبر هذه الخطوة.. كما لا ننسى ابدا ان مدينة (تل عبطة) من المناطق الشمالية الحدودية مع سورية، وفي تلك المدن توجد قوات اجنبية مختلفة من بينها (تركيا نظامية وغير نظامية)، ولا نستبعد من احتمال الاقدام على محاولات رامية لايقاف سير عمليات التحرير في القضاء!.

 

وحتى لو افترضنا وجود قوات أمريكية حقيقية على ارض تل عبطة، فليس من المصلحة العامة اللجوء الى قرار الانسحاب، بل بإمكان المتعرضين على تواجدها تقديم مذكرة احتجاج للقائد العام او الاستنكار ورفض وشجب وجودها عبر وسائل الاعلام، لان تلعفر ارض عراقية والعراقيون هم اولى من غيرهم بتحريرها، أما تركها فانه سيفتح المجال امام تدخلات اجنبية او إقليمية.

 

الشيء الاخر والمهم، هو ان مقاتلي الحشد الشعبي يفترض بهم الالتزام أكثر من غيرهم بفتوى “الجهاد الكفائي” للمرجع الاعلى في النجف الاشرف السيد علي السيستاني، إذ أن الأخير لا يمانع من استشارة القوات الأجنبية الموجودة بشكل رسمي، كما لا يحرم مشاركة طائرات التحالف الدولي في اية معركة لطالما تعمل بغطاء رسمي وبإشراف حكومي، بالتالي فان اقدام اي فصيل بالحشد على الانسحاب اثناء المعركة بالحجة المذكورة سيكون بمثابة مخالفة شرعية قبل ان تكون مخالفة قانونية! الا اللهم اذا افترضنا أن هذا الفصيل أو ذاك يرجعون بالتقليد الفقهي الى مرجع آخر يحمل رؤية مختلفة، وهنا لا مبرر لذلك الفصيل اطلاقا من الجهر بأنه يعمل تحت غطاء فتوى الجهاد الكفائي.. “أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض”.

أقرأ أيضا