صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

الملحدون المسالمون.. وعمائم الكلاشنكوف

 

ثلّة ممن سمّاهم السيد عمار الحكيم بالملحدين أثاروا حفيظته ومخاوفه وهواجسه الفكرية، وأعلن الحرب عليهم ودعا الى محاربتهم وضربهم بيد من حديد، وهم “عشرة أنفار” كما قال بالتمام والكمال.

 

والضرب بيد من حديد دعوة علنية للعنف ضد افراد في المجتمع العراقي لا يجيدون حتى استخدام سكينة المطبخ في مواجهة قوى مسلحة بالفكر السائد والاسلحة المتنوعة، من كاتم الصوت الى الدبابات، ودورات تعليم الاطفال على استخدام السلاح، التي ينظمها علانية السيد الحكيم من أجل العراق الجديد المبني على مبدأ التعايش السلمي والقبول بالآخر وهي عبارات طالما رددها السيد الحكيم وتغنى بها في خطبه الاربعائية!

 

لا تخون السيد الحكيم ذاكرته من كتب التأريخ التي درسها عن سلوك النبي الذي دخل الكعبة منتصراً وقال للكفار من أبناء مكة المكرمة  “اذهبوا فانتم الطلقاء”، ولاتخونه ذاكرته ولا مرجعيته الفكرية والتأريخية ان سيدنا يوسف قال لاخوته الذين القوه في الجب “لا تثريب عليكم”.

 

معركتنا الحقيقية اليوم ضد من يحمل السلاح لقتل العراقيين من أمثال داعش الارهابي وضد سلوك الدواعش المتخفين تحت العمائم والعباءات، ونحن نعرفهم جيدا قبل ان يقول الحجاج ذات زمن لأهالي العراق  “متى اضع العمامة تعرفوني”.

 

تغيير البوصلة نحو أعداء “جدد” مفترضين ليس الا تعبيرا عن الفشل الفاضح في بناء الدولة وفي خدمة المواطنين وفي إنقاذ البلاد من بحر الدم وانفلات الميليشيات التي اكتفى العبادي بانتقادها منزعجا من سلوكها!

 

بودي أن أسأل السيد الحكيم :

 

أيهما أخطر على البلاد، عشرة ملحدين يتبادلون الرأي والنقاش عبر التواصل الاجتماعي أم تجييش الاطفال وتدريبهم على السلاح في مرحلة نهاية داعش؟

 

أليس انخراط الأطفال في أي نوع من أنواع التجييش هو عمل مناف لكل مبادئ حقوق الاطفال والانسان والمجتمعات المتحضرة وخطرا على السلم الاجتماعي؟

 

ألا يكفي نحو مليون عسكري وربع مليون حشدي و28 دولة من التحالف الدولي، بينها اميركا وبريطانيا وفرنسا، لانقاذ البلاد من داعش؟

 

أسئلة ربما يتجنب السيد عمّار الحكيم الاجابة عليها، لان الاجابة المنطقية والحقيقية تقول: إن فشل الطبقة الحاكمة في توفير الأمن والأمان وبناء الدولة وحماية المواطن تدعوها للبحث عن أعداء مفترضين للتنفيس الشعبي عن الأزمة الخانقة!

 

لكن الأكثر خطورة كما يقول الباحث العراقي رشيد خيون، إن “معممي الأحزاب الدينية يحاربون الملحدين، هؤلاء، أي المعممين، يتبعون فكر وسلوك السيد الخميني، بشكل من الأشكال، فإذا كان الأخير فرض على المرجع الكبير شريعتمداري التوبة علانية والإقامة الجبرية ومنع الصلاة على جنازته، فهل سيعف تلامذته عن سواه من المساكين؟”

 

وشريعتمداري اعترض على تسمية الجمهورية بالإسلامية رحمة بالإسلام وكان غير منسجم مع ولاية الفقيه. ومنافس فقهي كبير وهو لا يقر العمل السياسي للأحزاب الاسلامية.. فدفع الرجل الفاتورة كاملة!

 

ليتسع صدر السيد الحكيم لرأي مواطن عراقي، ليس ملحدا ولا متدينا، يرى إن العمائم جملة وتفصيلا  التي تحكم البلاد علانية ومن خلال الدولة العميقة التي يحميها السلاح، هي السبب المباشر لكل الخراب الذي تعيشه البلاد، وان هذا الرأي ليس رافضا لهم وانما رافضا للمكان الذي هم فيه، فالدولة ليست شغلتهم، ونذكره إن أوربا لم تتخلص من كوارث القسسة الا بعد أن قالت لهم  بحركة تنويرية كبيرة “تفضلوا الكنيسة مكانكم”.. في هذه اللحظة الفاصلة انطلقت أوربا الى عالم العلم والمعرفة والتحضر وحقوق الانسان كاملة.

 

فلماذا نعيد التجربة وندفع فاتورتها المكلفة؟

 

أقرأ أيضا