صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

تجار فاشلون وأرباح مضاعفة

 

لن نرى خطاباً دينياً يتسم بالعقلانية مالم تطالب الأغلبية بتحرير الدين من الفزاعات السياسية, وعلى الأغلبية المتدينة أن تطالب مرشحيها بمزيد من الحقوق والمساواة بدلاً من استخدام الدين لصالح هؤلاء.

 

فما دام الدين بقبضة السياسيين لن نرى إلا مزيد من التشبث بالسلطة وإيهام الناس بنزاعات وهمية للتغطية على مخازيهم . ينبغي على المتدين أن يتجاوز دائرة حرية الطقوس, لأنها حريات مكفولة في كل الدول الديمقراطية وليست حكراً على هذه الأحزاب, فالمرحلة التي تلي حرية الطقوس في وعي المتدين يجب أن تتجه إلى مزيد من الحريات والحقوق والمساوات السياسية والاجتماعية , والضغط على الفاسدين الذين يتغنون بزهد علي ابن أبي طالب.

 

عليهم أن يضغطوا على هؤلاء الأثرياء الذين سرقوا البلد وباعوه في سوق الخردة وحطموا بنيته التحتية، ويحاولون الاستيلاء على ملكية الشعب العامّة وبيعها للشركات. إن كان هناك ذرة من الوعي السياسي لدى الأغلبية لن تسكت على فساد هؤلاء السرّاق سنةً وشيعةً. سوف نصحوا في يومِ ما ونجد العراق مفلساً من ثرواته , ونجد فنادق ومصارف الغرب تعجّ بهؤلاء السياسيين.

 

وبالطبع هذه ليست دعوة لضرب الدين إطلاقاً ، فعزل الشعارات الدينية من هؤلاء هو تحرير له من فسادهم وإفسادهم، ذلك إن محاولة ضرب الدين وإبعاده عن مسرح الحياة سيؤدي في نهاية المطاف إلى قوة الدين!. فالدين في المجال العام له قوة سحرية لا يمكن تجاهلها تماماً.

 

والحل الأسلم هو زيادة مساحة التعليم وإنشاء مؤسسات أكاديمية رصينة والتركيز على مناهج العلوم الإنسانية من قبيل “فلسفة الدين”، “علم الأديان المقارن”، “علم الاجتماع الديني”، “الأنثروبولوجيا الدينية”، “وعلم التأويل” وغيرها.. لتعميق ذهنية المسلم وتمرنه على المناهج المعاصرة ذات العلاقة بالأديان, على الأقل ستنتج لنا عقليات أكاديمية متوازنة تمتص حالة الخطاب التقديسي والحماسي الخالي من أي نزعة عقلانية. وبهذه الخطوة نضمن عدم استغلال الدين من التجار.

 

الحد الفاصل في هذا كله , هو التركيز على المؤسسات الأكاديمية الرصينية, والانخراط في الحوار من خلال هذه المداخل الأكاديمية. ترك الدين بلا مؤسسات أكاديمية معاصرة يتيح المجال لكل من هب ودب لاستغلال الناس البسطاء. صحيح أن هذه الخطوة لا تنهي حالة التلاعب او استغلال الدين من قبل التنظيمات الدينية ، لكنه على الأقل يفرز لنا نخباً واعية لما يحدث، فثمّ فرق كبير بين أستاذ في علم الأديان المقارن وخطيب منبري ليس له هم سوى إبكاء الآخرين.

 

فمن هذه الناحية سنضمن على المستوى البعيد عدم المتاجرة بالدين من هذه التنظيمات الإسلامية التي أثرت بسبب استغلال الناس البسطاء وتوريطهم في حروب طائفية لم تنتج سوى خراب البلد من شماله إلى جنوبيه. سيبقى الدين من هذه الناحية الشمّاعة التي يعلّق عليها السياسيون مخازيهم وفضاعاتهم وإيهام الناس بمعارك وانتصارات وهمية، لكن من يسمع؟!.

 

أقرأ أيضا