بعد سقوط النظام السابق في 2003 برزت ظواهر عديدة لم نكن نتوقعها أساءت كثيرا للمجتمع العراقي، ومنها ظاهرة (التسول) التي تنامت بشكل مخيف في شوارع بغداد، وأخذت تزداد يوما بعد يوم، ورغم تسليط الضوء عليها من قبل وسائل الاعلام الا أنها لم تحظ بحلول تذكر للحد منها أو القضاء عليها بشكل نهائي، فقد استقطبت الكثير من كبار وصغار السن ومن مختلف الجنسين.
ما قيل عن اتخاذ الدولة إجراءات قانونية بحقهم والقاء القبض على عدد منهم، لم تدم طويلا، فقد تم إخراجهم وعادوا الى الشوارع، وكأن هنالك من يرعاهم ويروج لنشاطهم.
حدثني سائق تاكسي عن مشاهدته أكثر من مرة لسيارة خاصة “تنقل هؤلاء المتسولين، ويتم توزيعهم في الصباح الباكر على التقاطعات ليجمعوا المال”.
ويضيف “أمر بتلك التقاطعات أكثر من مرة في اليوم، وأرى أولئك المتسولين في أماكنهم دون أن يتحركوا أو تفرقهم الأجهزة المختصة، لأنهم كثيرا ما يقومون بمضايقة الركاب وأصحاب المركبات”.
وكثيرا ما شاهدت هؤلاء المتسولين يقومون بمختلف الاساليب من أجل التسول، بعضهم يكتب عبارات الاسترحام والبعض الاخر يقولها بانكسار وحزن مفتعلين، ويقومون بالتمثيل بطرق مختلفة ومقنعة بنفس الوقت من أجل الحصول على المال.
المحزن في الأمر أن بعض الفتيات المتسولات يتعرضن للتحرش، بسبب تراوح أعمارهن بين 7 الى 15 عاما.
تساؤلات كثيرة حول هذه الظاهرة.. من المسؤولون وأين يعيشون، ولماذا هم طلقاء؟.. لماذا يتم القضاء على طموح وأحلام هؤلاء الاطفال؟ لماذا يفقدون فرص التعليم والتربية على مرأى من أنظار الحكومة والمسؤولين، ولماذا لا يصار الى معاقبة ومحاسبة ذويهم الذين يجازفون بزجهم في الطرقات؟ من أجل الحصول على أموال إضافية؟ لماذا يتركون عرضة للتشرد وامراض الشارع؟ ومن المسؤول عن ترك هؤلاء كقنابل موقوتة في الشارع وادوات للمجرمين والارهابيين؟ الى الان لم تتم معالجة هذه الحالة ولا نعلم الى متى ستستمر؟
كمقدمة للقضاء على هذه الظاهرة، لابد للحكومة من إجراء حملة كبرى متواصلة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، ووسائل الاعلام المحلية، وأمانة بغداد ووزارتي الداخلية، والعمل والشؤون الاجتماعية، وأي جهة مسؤولة عن محاربة هذه الظاهرة غير الحضارية لتحارب وتكافح وتحاسب المسؤول عنها، وإنقاذ هؤلاء الأطفال الصغار الذين لا ذنب لهم في هذه الحياة سوى وجودهم ضمن عوائل غير سوية تمتهن التسول مجبرين أطفالهم على العيش في ظروف غير إنسانية.