صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

كوردستان الدولة الحلم 

 

حلم قومي كوردي عاد ليتردد في مسامعنا مع قدوم اعياد نوروز الماضية وخاصة بعد زيارة الرئيس الوزراء العراقي الى امريكا والظاهر ان البارزاني أراد أن يعود إلى طرقه المعتادة، وهي التهديد بالاستقلال بعد ان رأى ان امريكا سترفع من شأن المركز العراقي على حساب اقليم كوردستان الذي يعرف بالهوية العراقية الى الان، وليس بالهوية الكوردية، ومن يعيش فيه هم عراقيون باختلاف تسمياتهم الدينية والمذهبية والعرقية والبارزاني لا زال يكرر خطابا سنويا يمنح الأمل الكاذب بالاستقلال للمحافظة على قوته الشعبية، وخاصة أنها في تراجع بعد الأزمة الاقتصادية في كوردستان والعراق عموما، وأيضا الأزمة السياسية بين السليمانية واربيل، ولكن تبقى جمهورية كوردستان المستقلة حلما بعيد المنال، ويمكن تعليل ذلك بأن العبادي تلقى الضوء الأخضر بأن كوردستان لن تكون مصدر إزعاج كما هو معتاد للحكومة العراقية، وستثبت الأيام المقبلة ذلك.

 

البارزاني وحلمه، ومن يحلم معه بذلك تناسى أن هناك من ينتظر هذه الفرصة للقضاء عليه، وخاصة حليفه أردوغان الذي يكره شيئا اسمه كوردستان، وخاصة إذا كانت دولة ورأينا ردّه حول رفع العلم الكوردي في محافظة التأميم العراقية، وحسب قول أردوغان ان الاكراد سيخسرون الكثير من هذه الخطوة وهو تجاوز على التركمان المدعومين قوميا من تركيا، وكما تناسى البارزاني ان إيران تنتظر نفس الإعلان للقضاء عليه، ولكن إيران تختلف عن تركيا باعتبار ان لديها حليفا كورديا وهو الاتحاد الوطني الكوردستاني بزعامة الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني وهو الغريم التقليدي للبارزاني، كما ان العراق وسوريا ينتظران نفس الاعلان للخلاص من البارزاني الذي تناسى أن وقت الجد سيجعل العراقي العربي السني الذي يدعمه منذ سنوات يتنازل عنه في حال اعلان دولته المزعومة، وسيقف مع الشيعي لان مناطقهم ستبقى عراقية خاصة وأنه (أي السني) يمتلك حدودا مع كوردستان، ولذا سيقف ابناء الموصل وكركوك وديالى مع الطرف الاقوى وهو العراقي السوري الايراني التركي.

 

اما الدول الكبرى فستقتصر مهمتها على توفير السلاح الاسود للطرفين مع التحيز للطرف المناهض للدولة الكوردية بسبب ان مصالحهم كدول كبرى تكمن مع عضو الناتو تركيا والدولة القوية ايران مع وجود برنامجها النووي والعراق النفطي وسوريا الروسية الصينية، وأما لو تأتي الى الحليف الديني للبارزاني وهي السعودية، فان من الواضح أنها ستتركه وحيدا داخل الدوامة القادمة للمنطقة مع قدوم ترامب، اذ أن الخليج لا يملك سوى اطاعة أوامر اولاد العم سام وخلفاء لينين، فكيف يريد البارزاني دولة بدون حماية.

 

البارزاني اصبح من القوى الضعيفة على الصعيد العراقي، والكل يتجه لإدخاله في عزلة سياسية قريبا، وإبراز السليمانية كممثل قوي للاكراد وترك البارزاني لأحلامه التي يحلم بها منذ وفاة والده، وهو ان يكون اول رئيس لجمهورية كوردية حقيقية والخروج من صفة رئيس إقليم منتهي الصلاحية مع تكاثر الاعداء له في الوسط الكوردي بسبب دكتاتوريته وتعنته المستمر، وربما تناسى البارزاني ان البيشمركة الكوردية لم تعد تقوى على القتال بدون مادة تعتاش عليها عوائلهم وخاصة ان ما نسبته 10 بالمئة الى 15 بالمئة من البيشمركه الكوردية هاجروا خارج كوردستان العراق، ومنهم من بقي في كوردستان وبدأ يعمل في مهنة اخرى غير الجيش بسبب الازمة الاقتصادية، واكثر من 60 بالمئة من مدارس كوردستان العراق متوقفة بسبب تأخر الرواتب، وهنا يكمن السؤال لكل من يدعم قيام الدولة الكوردية، ما هي مقومات النجاح لدولتكم الحلم في ظل هكذا محيط وظروف سياسية اقتصادية سيئة؟

 

أقرأ أيضا