قبل 13 سنة وفي زمن النظام السابق اتذكر كنا نقول نحن عراقيون فقط، ولم أكن أشاهد عنصرية من أحد بسبب ديني أو هويتي القومية الإيزيدية، وهنا اتكلم من تجربتي الشخصية وما شاهدته منذ 2003 إلى الآن، وأما من تم قتلهم في زمن النظام السابق من الإيزيديين فليس لأنهم ينتمون لهذا الدين وانما بسبب انخراطهم بعمل سياسي وانتمائهم لأحزاب سياسية معارضة.
لست هنا بمدافع عن النظام الدكتاتوري السابق، الا أن عهده ورغم كل شيء وباعتراف الأغلبية كان أفضل من العهد الحالي، إذ بمجرد سقوط النظام السابق ودخول السياسيين الإيزيديين للعملية السياسية وبدء المطالبة بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والإجتماعية والثقافية للإيزيديين، حتى تدهورت الأمور، وبالمناسبة هذه المطالبات كانت كذبة كبرى طالب بها سياسيون إيزيديون في أول انتخابات برلمانية عراقية، والحقيقة أن سياسيين كُوردا كانوا وراءها، وكانوا يملون عليهم، ما يخدم مصالحهم، وليس تلبية لمطالب الإيزيديين، وهنا كنت أتساءل قليلا: إذا كان الاكراد بأنفسهم لم يعطونا حقوقنا المسلوبة كإيزيديين، فكيف نطلبها من العراق، فيما نقول بأننا أكراد؟
وللتوضيح دعوني أسجل شهادتي الشخصية حول جملة امور:
أولا: في زمن النظام السابق لم أشهد شخصا ما يقول ان الإيزيديين كفار أو لا تأكلوا من طعامهم، وهذا حدث في زمن السيطرة الكوردية على مناطق الايزيدية.
ثانيا: في زمن النظام السابق كان الإيزيديون في الجيش او الشرطة يحظون باحترام كونهم كان يتعامل معهم على اساس الكفاءة والرتبة وهذا ما لم يحدث في صفوف البيشمركة أو الشرطة الكوردية التي تتعامل على اساس الدين.
ثالثا: في زمن النظام السابق لم نكن نعاني في الدوائر الحكومية، حيث تنتهي معاملاتنا بشكل طبيعي، وطبعا عن طريق وسطاء، اما الآن فمعاملات الإيزيديين في اقليم كوردستان العراق تتأخر فقط لأنهم إيزيديون وهنا اتكلم عن موظفي الدولة من الأكراد فقط.
رابعا: الضغط على الإيزيديين في مركز مدينة سنجار والتعدي عليهم وجعلهم يبيعون بيوتهم إلى الكورمانج (الكورد) والتحول إلى المجمعات خارجها وإذا حدث وأصبحت سنجار محافظة، فانها لن تكون للإيزيديين كما يروج لها.
خامسا: ناحية شيخان كانت ذات أغلبية إيزيدية، ولم تحدث فيها مشاكل دينية سابقا، أما الآن فقد تم توزيع الأراضي على الاكراد المسلمين وبنسبة 90 % تحت مسمى التكريد ودفع الإيزيدية للهجرة بعد المشاكل الدينية المفتعلة من قبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني واتباعه.
سادسا: خطف الفتيات ازداد بعد السيطرة الكوردية على المناطق الإيزيدية فيما لا تتم محاسبة أحد.
سابعا: تكفير الإيزيدية من قبل الأئمة الاكراد المسلمين في الجوامع والمنتديات الإسلامية والبرامج التليفزيونية دونما رقابة ومحاسبة.
ثامنا: “تل عزير” و”سيبا شيخ خدري” تعرضتا لأعمال إرهابية عدة، حيث يتهم أنصار الحزب الديمقراطي الكوردستاني بالتواطؤ لعبور الشاحنات المفخخة.
تاسعا: اعتقال الإيزيديين الذين يطالبون بحقوقهم بحجة أنهم أكراد، وهناك من حكومة في اقليم كوردستان تدافع عنهم.
عاشرا: ضرب العمال الإيزيديين في كوردستان وعدم تشغيلهم فقط لأنهم إيزيديون.
حادي عشر: إبادة جماعية كانت بسبب إنسحاب تكتيكي مخطط له راح ضحيته الإيزيديون في سنجار وبعشيقة وبحزاني وتعاون الاكراد المتطرفين معهم لقتل الإيزيديين وسبي نسائهم.
ثاني عشر: محاربة الشباب الإيزيديين واعتقالهم دائما من قبل الأمن الداخلي في كوردستان.
ثالث عشرة: استخدام الإيزيديين للحصول على الأسلحة والدعم اللوجستي ومحاربة القوات الإيزيدية واعتقال قياداتها.
رابع عشرة: تاريخيا كان الأكراد مساهمين دائما في قتل الإيزيديين بكل مناطقهم التاريخية، وكمثال على ذلك ميري كور؛ أمير رواندز وهي منطقة قريبة من السليمانية، فقد اشترك بابادة عشرات الاف الايزيديين حين كان تحت اشراف العثمانيين.
خامس عشرة: الاكراد ساهموا بهجرة الإيزيديين، والمساهمة في قتلهم منذ السقوط ومحاربتهم فقط لأنهم ايزيديون، وهذا وحده يكفي لأن أقول أنا عراقي إيزيدي ولست كورديا.
هناك الكثير والكثير الذي يجبر كل إيزيدي على الإعتراف بالقومية الإيزيدية والإنفكاك عن القومية الكوردية التي كانت نقمة على الإيزيديين دائما، ولم يحصلوا من تلك التسمية (الاكراد الإيزيديين) على شيء سوى وعود كاذبة بالحماية من قبل الاكراد والعكس دائما ما يحصل.
داعش عندما هاجم الإيزيديين لم يقتلهم، إلا لأنهم إيزيديون وذوو ديانة وقومية مستقلة عن الآخرين.
الايزيديون كانوا كبش فداء يدفع به الأكراد من اجل الترويج لدولة كوردستان الحرة، وفي الأخير يأتي ايزيدي امثال عضو برلمان كوردستان العراق انه على الإيزيدية الإفتخار بنفسهم لأنهم ضحية لقيام كوردستان، وبالتالي الرقص على أهواء الأخ عضو البرلمان وكأنه تناسى أن الإيزيديين كانوا مخدوعين دائما بامثاله، ولا استبعد علم عضو البرلمان الكوردي الإيزيدي المحترم بمخطط داعش.
أحيانا افكر ما هي القضية الإيزيدية احتار في ذلك حقيقة.
فبين إثبات إيزيديتي وبين الخروج من القومية الكوردية التي اتعبت الإيزيديين كثيرا من خلال استغلالهم في شتى الإتجاهات والمجالات بحجة الحماية من خلال مبدأ “حاميها حراميها”، لم يعط الكورد شيئا للإيزيديين لكي يجعلهم يفتخرون بالإنتماء إليهم، لذا فكان فقط عليه الخروج وبالصوت العالي ليقول انا ايزيدي، قضيتي دينية بحتة، لكن الابواق الكوردية الإيزيدية كانت نقطة ضعف إيزيدية لجعل الإيزيديين تحت التصرف الكوردي متى ما أرادوا وقودا لهم ولسياستهم الإسلامية الكوردية المرتبطة بالسعودية وتركيا العثمانية والحلم الكبير بدولة كوردستان الإسلامية والتي تواجه عقبة وجود الكفار (الديانات غير الإسلامية)، والتي بدأت تختفي شيئا فشيئا ولذلك انا لست كورديا.
ملاحظة مهمة: لا أقصد بالكورد الشعب الكوردي اطلاقا فهو مغلوب على أمره كما هو حال العراق والمنطقة جمعاء، وإنما الساسة الكورد.