صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

لماذا وصل الإرهاب إلى لندن؟

 

بعد سيطرة داعش على مدينة الموصل في حزيران 2014 دعا رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون الى ضرورة مواجهة تنظيم “داعش” فورا، وإلا سيواجههم في شوارع بريطانيا، وفيما حذر من مخاطر “دولة الخلافة الإرهابية” على سواحل البحر الأبيض المتوسط، أكد أن بريطانيا ستطرح الموضوع على طاولة مناقشات حلف شمال الأطلسي “الناتو”. وكان تقدير رئيس الوزراء حينها صائبا، لكن السياسة تفرض أحيانا شروطها غير المنطقية على الاشخاص والحكومات.

 

وقفت أغلب الحكومات الغربية موقف المتفرج إزاء توسع داعش في سوريا والعراق في بداية الأمر عندما كانت تعاني ضعف التنظيم وإنعدام قدرتها على تجنيد العدد المطلوب من المقاتلين للسيطرة على كامل المساحة التي إحتلتها، بل غضت الطرف عن حلفاء لها ساهموا بتمويل داعش وتاجروا معها، وتمسكت بعض الأطراف قبل إحتلال الموصل، بهدف إسقاط نظام بشار الأسد رغم إن إسقاطه كان يعني منح سوريا للإرهاب وتوفير ملجأ آمن له بالإضافة إلى وضع إمكانات ومقدرات الدولة السورية تحت تصرفه، فيما وقفت الولايات المتحدة برئاسة أوباما دون حراك بل حتى دون أن تحذر الحكومة العراقية من إحتمال وقوع هجوم على الموصل قبل وقوعه، إلى حين مهاجمة داعش لأربيل، عندها فقط تحركت بعض الطائرات للدفاع عن “مصالح الولايات المتحدة في اربيل” حسب تبرير الإدارة لعملياتها حينذاك، لأنها كانت على خلاف مع رئيس الحكومة العراقية السابق نوري المالكي المحسوب على إيران والذي بلغ الخطاب الطائفي في وقته أقصى درجات التطرف، بالإضافة إلى إنه لم يأخذ بنظر الاعتبار أن الحلفاء إنما يكونوا حلفاء عندما ترتبط مصالحهم مع بعض وإلا كيف يمكن أن تخوض الولايات المتحدة أو غيرها حربا “ليس لها فيها ناقة ولا جمل”؟ شجع التباطؤ والتراخي غير المبرر في محاربة داعش على توسعها وبناء قدراتها المادية والبشرية والإعلامية ما جعلها قادرة على تجنيد أشخاص في فرنسا وبريطانيا وروسيا والمانيا ليقوموا بإرتكاب جرائم ضد مجتمعاتهم وبلدانهم، ولو صدقت النيات التي دعا لها كاميرون بعد شهرين من دخول داعش للموصل ب”مواجهة داعش فورا” لما حدث الذي حدث في لندن وقبلها في باريس وبرلين وإسبانيا وغيرها.

 

الأمر المؤلم أكثر في الموضوع إن بعض دول العالم وخاصة الغربية لازالت غير جادة في الحرب على الإرهاب، فالولايات المتحدة –على سبيل المثال- لم تسلح الجيش العراقي بأسلحة تضمن حسم المعارك، مثل طائرات اباتشي العمودية ولازالت صفقة طائرات F16 لم تكتمل لغاية اليوم رغم إن توقيع العقد مضى عليه أكثر من ست سنوات! ولا زال ثمة من يضع “شروط” على “من يجب أن يحارب داعش ومن لا يجب عليه ذلك” مثل “الخطوط الحمراء”التي تضعها بعض الأطراف على تحركات قوات الحشد الشعبي التي أثبتت فاعليتها في مواجهة داعش والإرهاب، لأن هناك من حلفاء الغرب في المنطقة من ينظر للحشد من منظار طائفي فقط دون النظر إلى إنجازاته التي تخدم أمن بريطانيا وفرنسا والمانيا وإيران والمملكة العربية السعودية على حد سواء، لأنها أولا وأخيرا قوات تحارب داعش وقوى الإرهاب الذي ضرب وسيضرب المزيد من الأهداف داخل أوربا وآىسيا وأفريقيا، مادام لم يتخذ قرار سياسي بعد في توحيد الجهود لمحاربة الإرهاب على مستوى العالم، وعدم تخلي بعض الأطراف عن محاولة إستخدام شعار “محاربة الإرهاب” لغايات سياسية ظرفية قد تمنح الإرهاب فرصا ومساحات أفضل.

أقرأ أيضا