صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

ماذا بعد الاختطاف؟

 

جميع الديانات والمذاهب كفلت حرية التعبير عن الاّراء والأفكار وحتى الوثائق التي كانت تعلنها الدول في بداية استقلالها وضعت الحرية والمساواة من أولوياتها وجعلتها أساسا لتثبيتها فوثيقة استقلال الولايات المتحدة الأميركية التي صاغها توماس جفرسون ثالث رئيس لاميركا جاء فيها، (كلّ البشر خلقوا متساوين، وحباهم خالقهم بحقوق غير قابلة للتصرف، أهمها الحقّ في الحياة والحريّة، الحقّ في السعي وراء السعادة،، وبغية تأمين هذه الحقوق تنشأ الحكومة التي من حقّ المواطنين تشكيلها، وتستمد الحكومة كافة سلطاتها العادلة من موافقة المحكومين)، تلك كانت المبادئ الاساسية للوثيقة، والتي جعلت الحرية والحق باختيار طريقة العيش والحياة مكفولة للجميع وليس لأحد ان يجبر المواطنين على اعتناق فكر معين او دين او مذهب، هذا كان قبل أكثر من 200 عام، وقبلها جاءت مبادى الدين الاسلامي التي ركزت على تحرير الانسان من العبودية وجعله سيد نفسه فيما يختار من دون ان تتعرض له السلطات، لكن ما نعانيه الْيَوْمَ يختلف عن جميع تلك المبادئ التي كانت من المفترض ان تترسخ بشكل كبير بعد العام 2003، والتغيير الذي حصل في البلاد، فأصبحت حرية التعبير والدعوات للإصلاح ومحاربة الفساد جريمة قد يغيب من ينادي بها، من قبل جهات أخذت دور السلطة والحكومة وأصبحت رقيبة على الشعب فهي تمتلك المجاميع المسلحة والمال والقرار حتى أصبحت الحكومة تفاوضها للافراج عن ضحاياها، وآخرها اختطاف الشباب السبعة الناشطين في التظاهرات والذين أفرج عنهم بعد اكثر من 24 ساعة في ظروف غامضة ومن دون كشف الجهة التي اختطفتهم.

 

لكن ما يثير الغرابة في قضية الإفراج عن المختطفين ان وزير الداخلية قاسم الأعرجي هو من قاد المفاوضات بحسب وزارة الداخلية نفسها، والتي لم تخجل من ذكر مفردة مفاوضات وكان الخاطفين حكومة ودولة ذات سيادة تم التفاوض معها لإنهاء حرب وقعت بين بلدين، ولَم تتعامل معهم كمجرمين يجب اعتقالهم ومحاسبتهم، تلك الحادثة تعود لتذكرنا بالافراج عن الصيادين القطرين والمفاوضات التي حصلت بين الخاطفين وجهات دولية خارجية لعبت خلالها الحكومة بجميع اجهزتها الأمنية دور المتفرج فقط، في حين اكتفى رئيس الحكومة حيدر العبادي بإطلاق التهديدات والتعهدات بمحاسبة الخاطفين في حينها لكن في النهاية القضية انتهت واغلق الملف وهو ما سيحصل مع حادثة اختطاف الناشطين السبعة أيضا خاصة بعد منحهم مبالغ مالية قيمتها 100 الف دينار لكل مختطف من قبل وزارة الداخلية، في محاولة لتحسين صورتها بعد عجزها عن كشف الجهة التي ينتمي اليها الخاطفون لأسباب يعلمها الجميع وقد تكون ارتباطها بدولة إقليمية لايرغب وزير الداخلية بازعاجها، فجميع تلك الأحداث توكد حقيقة واحدة هي غياب القانون في دولة تدعي حكومتها السيادة وهي تعجز عن محاسبة المنفلتين والخارجين عن القانون.

 

عملية اختطاف الناشطين من شقتهم، وسط بغداد، في منطقة تنتشر فيها الأجهزة الأمنية لن تكون الاخيرة ضد المطالبين بالاصلاحات ومحاربة الفساد والفاسدين، ولكنها قد تكون انذارا وكما يقال (جرة إذن) سنكون بعدها امام حالات جديدة وتهديدات اخرى ضد الأصوات الحرة التي تعبر عن مطالب وهموم المواطنين، لكن السؤال الذي يتردد الْيَوْمَ،، ماذا بعد عملية الاختطاف وهل سننتظر دور ناشطين اخرين يختارهم “المنفلتون” ليكون بطل التحرير مرة اخرى وزير الداخلية؟.

 

أقرأ أيضا