جمهور التيار الصدري الفقير والمهمش، حاله حال بقية فئات الشعب المبتلية بهذه الطبقة السياسية الفاسدة، لايتحركون دفاعا عن حقوقهم المهدورة الا ببيان من السيد الصدر أو توجيه منه، وهم جمهور مطيع لتوجهات قائدهم، وتصل حدود الاطاعة الى حدودها العمياء وهو مستعد للذهاب بولائه الى آخر الحدود دون أي خطوط حمر كما في اقتحام المنطقة الخضراء، وهي نتيجة منطقية لإيمانهم بالخط الذي إعتنقوه، إرتباطا بخلفيات تأريخية مذهبية وتأسيساً على تأريخ الشهيد الصدر الأول في مواجهة نظام صدام الدموي.
لكن المؤاخذة على هذا الجمهور هو أن إحتجاجاته مرتبطة بشخص السيد الصدر وتوجهاته وافكاره وعلاقاته في مجمل العملية السياسية في البلاد، وموقفهم السلبي من حركة الاحتجاجات المدنية التي ترفع شعارات الصدر نفسه في محاربة الفساد والمفسدين واصلاح العملية السياسية.
لن ندخل في نقاش الولاء للسيد الصدر فتلك قضية أخرى، لكننا نعتقد ان على هذا الجمهور الفقير والمعدم والمنتهك الحقوق،أن يكون شريكاً قويا في حركة الاحتجاجات المدنية، وهي حركة وطنية لاتنافس السيد الصدر على موقع ولا مرجعيتة على المستويين السياسي والديني، وهي حركة مكتوية بنيران مايجري في البلاد، كما إن شعاراتها محط قبول حتى من قبل المعترضين عليها، سوى على المستوى الرسمي أو مستوى الإداء السياسي لها.
الجمهور الصدري بإمكانه ان يبقي على ولائه للسيد الصدر ومرجعيته الدينية والسياسية، وفي نفس الوقت بامكانهم ان يشاركوا بفعالية بحركة الاحتجاجات المدنية التي تضم اطيافا مختلفة من الشعب العراقي، وغالبيتهم من الشيعة أيضاً، لان غالبية المكون السني يعاني من مشكلات النزوح وحروب تحرير المدن من قبضة داعش الإرهابي.
ومشاركتهم تصب في الهدف نفسه الذي يرفعون شعاراته في الأيام التي يدعوهم السيد الصدر فيها للتظاهر، بل انها تدعم تلك الاتجاهات، والسيد الصدر نفسه التقى بقيادات حركة الاحتجاج ومنهم قيادات في الحزب الشيوعي العراقي.
ونعتقد ان من مصلحتهم المشاركة في حركة الاحتجاجات المدنية والسلمية، ومن مصلحة التيار الصدري نفسه، بل هي في مصلحة السيد الصدر نفسه كزعيم ديني ووطني لجماهير مليونية.
مشاركة نابعة من الايمان ان نيل الحقوق لايأتي من إعتبارات آنية ومرحلية، بل هي عملية شاقة وطويلة النفس متواصلة ومتصاعدة بالزخم الجماهيري، زخم الجماهير التي تجمعها الأهداف المشتركة لتحسين الحياة من خلال محاربة الفساد والمفسدين وإصلاح العملية السياسية الفاشلة وتصعيد وتنويع أشكال النضال المطلبي اليومي من أجل.
السيد الصدر نفسه أوصى جماهيره بمواصلة ثورة الإصلاح في حال تعرضه الى أي مكروه، ولو حدث ذلك لا سامح الله، فمن ينتظرون لدعوتهم الى ساحات الاحتجاج الجماهيري النبيلة؟
وفي اعتقادنا إن السيد الصدر لم يمنع جماهيره من المشاركة في الاحتجاجات، ونعتقد أيضاً إن السيد الصدر منتبه الى هذه النقطة وإلا لما قال لجماهيره “استمروا بعدي”.
ينبغي أن تعي جماهير التيار الصدري المكتوية بحياتها البائسة، إن قضية العراق ومستقبله غير مرتبطة بأي شخص مهما كان بما في ذلك السيد مقتدى الصدر رغم مكانته الروحية لديهم وشعبيته المليونية.