صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

مفاجآت محتملة في الانتخابات الرئاسية الفرنسية القادمة

 

يتجه الفرنسيون الأحد (23 نيسان أبريل الجاري) الى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للسنوات الخمس القادمة. نظام الانتخابات الرئاسية الفرنسية هو الاقتراع العام والمباشر، ومن دورتين (الا في حالة حصول احد المرشحين على اغلبية مطلقة من الدورة الاولى).

 

هناك 11 مرشحا مسجلا رسميا لخوض الانتخبات الرئاسية لعام 2017 ثمانية منهم يعادون او ينتقدون بشدة الاتحاد الاوروبي، بينهم من يدعو للخروج حالا من الاتحاد ومنهم من يطالب بالتفاوض املا بالوصول لاتفاق جديد.

 

وحسب استطلاعات الرأي العام حتى اليوم (علينا التعامل معها بحذر)، تظهر أن حجم ما يمكن الحصول عليه من قبل مرشحي الحزبين الحاكمين (الحزب الاشتراكي وحزب الجمهوريين: يمين كلاسيكي/ وهو مزيج من بقايا الجناح المحافظ للديغولية واليبرالية) لم تتجاوز الـ30 بالمئة. وهذا يعني وجود رغبة لدى الاغلبية الفرنسية لتقبّل بدائل جديدة للخروج من ازمة البلد العميقة، بما في ذلك الخروج من نظام الجمهورية الخامسة.

 

نسبة اصوات المرشحين المعادين او المتوجسين من الاتحاد الاوروبي مجتمعة تجاوت الـ50 بالمئة (لكنهم منقسمون: من اليسار الراديكالي وحتى اليمين المتطرف).

 

ودائما، حسب مؤسسات استطلاعات الراي بأنه لم تشهد فرنسا منذ عقود هذا العدد الكبير من الناخبين المحتملين ممن لم يقرروا بعد خيارهم الانتخابي الاخير (حوالي ثلاثين بالمئة). وهذا ما يدفع بهم للقول بأن الانتخابات القادمة ستكون عرضة لمفاجأت كبيرة، منها على سبيل المثال:

 

هل هناك احتمال أن تفوز مرشحة اليمين المتطرف العنصري (مارين لوبن) للدورة الثانية؟ وماذا ستكون عليه سياستها الشرق اوسطية، هذا الى جانب تعاطيها مع ملف المهاجرين والمقيمين من المسلمين في فرنسا؟

 

هل باستطاعة مرشح الوسط والاشتراكي الديمقراطي الليبرالي (ايمانوئيل ماكرون) الاحتفاظ بتقدمه حسب العديد من مؤسسات استطلاعات الرأي؟ العديد من المراقبين الاقتصاديين يرون في برنامجه ضرب من اقتصاد السوق الكلاسيكي، ووعود عامة، الخ. سياسة ماكرون الشرق اوسطية لا تختلف كثيرا عن نهج الرئيس الحالي فرانسوا هولاند (عدا اعترافه العابر والاخلاقي بجرائم الكولنيالية).

 

قضمت فضائح مرشح اليمين الكلاسيكي (فرانسوا فيون، رئيس وزراء فرنسا الاسبق) الكثير من شعبيته؟ فضائحه المالية اضعفت من مصداقيته دون ان يقصيه ذلك من لعبة الانتخابات. وللتعويض عن تأكل قاعدته الشعبية اقترب فيون منذ اشهر من الوسط الكاثوليكي المحافظ، مصاحبا ذلك بتصعيد من حدة خطابه القومي والهوياتي (منها مثلا: تتكون فرنسا تاريخيا من ثقافة محددة، وقيم حضارة ودينية/ اي مسيحية ونمط حياتي خاص، الخ).

 

نلاحظ ايضا في الآونة الاخيرة صعود نجم مرشح اليسار الراديكالي (جان لوك ميلانشون) الذي يدعو الى جمهورية سادسة، واعادة التفاوض مع اوربا حول دور وصلاحيات لجان الاتحاد غير المنتخبة في بروكسل، والخروج من حلف شمال الاطلسي، الى جانب التفاوض بشأن العملة الاوربية (اليورو)، وعدم توريط فرنسا في حروب خارجية اضافية، خاصة في الشرق الاوسط وافريقيا واوربا الشرقية، الخ.

 

كل الاحتمالات اذن قائمة، رغم ان المحللين يعتقدون بأن الدورة الثانية قد تنتهي بين ايمانوئيل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف العنصري، مارين لوبن. ما هذه الا مجرد تخمينات. نتائج الانتخابات الامريكية الاخيرة كشفت بأن ناخبي اليوم يبحثون عن بدائل يعتقدونها «جديدة» للخروج من الازمة المجتمعية التي باتت بنيوية.

 

 

د. هشام داود: باحث الانثروبولوجية السياسية، يعمل في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية.

 

أقرأ أيضا