رسالتي للجعفري: أقنع شيعة النجف أولاً

ظهر رئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري الاثنين الماضي، على غير عادته مستفزا إثر مشادة برلمانية حدثت بين نائبين، اعترض أحدهما على رفع صور لزعماء إيرانيين في شوارع العاصمة بغداد.

حيث لملم الجعفري أعضاء ائتلافه المنقسم بحدة، ووقف خلف المنصة في مشهد نادر الحدوث، وشبّه صور مؤسس الجمهورية الاسلامية الايرانية، وخلفه علي خامنئي، بصور جيفارا وغاندي، واعتبر مجرد طرح فكرة رفع الصور إساءة لعواطف ملايين الشيعة، الأمر الذي أشعل حفيظة القائمة العراقية لتلملم أطرافها المتناحرة، وترد عليه بنفس الطريقة، معتبرة إلصاق تلك الصور إساءة لملايين السنة.

وقبل أن أستوقفك دولة الرئيس السابق، للتعليق على بعض ما ورد في تصريحاتك، عليّ أن أحلف لك بأغلظ الأيمان وأشدها أني لست بعثيا، ولم أكن من أعوان النظام السابق، بل أؤكد لك بأني من ضحاياه الذين اضطرهم اضطهاده الى السجن والهجرة (حال ملايين العراقيين)، وتم اعتقالي وسجن أفراد أسرتي وإعدام 3 منهم (وأنت تعرف أحدهم جيدا، فقد كان زميلا لك في حزب الدعوة تحديدا).

دولة الرئيس (وأعرف أنك تتمنى عودة هذا اللقب عن طريق خلافة خليفتك المالكي)، لقد هاجرتُ مع عائلتي الى الجارة إيران في سنوات المحنة التي مازالت تلقي بظلالها على العراق رغم تبوئكم وتبوء حزبكم \”الدعوة\” مقاليد السلطة فيه، ودفعت هناك سنين شبابي الأولى ثمنا لذلك الاضطهاد، (الى جانب الكثير من العراقيين المحرومين من عبق الوطن، ورائحة الحرية، فيما كنت أنت تقبع في عاصمة الضباب بعيدا عن همومهم).

وتجولت في شوارع العاصمة طهران، وكثير من مدن إيران، بما فيها قم المدينة الأكثر تدينا، غير أني لم أر صورة واحدة لرجل دين عراقي أنجبته حوزة النجف على مدى قرون، رغم من مروا على ترابها من مراجع وعلماء دين أفذاذ، ولم نكن نؤشر عليهم ذلك، بل على العكس كنا نعرف أن إيران للإيرانيين فقط وفقط، وهو الشعار الذي رفعه مرشحو الرئاسة في إيران، وفازوا لدورات رئاسية متعاقبة من خلاله. 

ورغم امتناني للشعب الإيراني الذي عوضتنا طيبة الكثير من أبنائه عن معاناة الغربة، إلا أننا كنا مهمومين بجراح الوطن، ونبحث عنه في حكايا الذاهبين، ونفتش عنه في وجوه القادمين، ونتشرف بحمل علمه في ملاعب كرة القدم، والمحافل الأخرى، متحدّين محاولات تخويننا واتهامنا من قبل قوى المعارضة آنذاك، والتي كانت تعد رفع العلم العراقي تواطؤا مع نظام صدام.

إيران رغم إظهارها الاهتمام بالشعوب المسلمة الأخرى، إلا أنها لم تكن تعلق صور رموزها (تلك الشعوب)، في شوارعها مطلقا! وكدليل على ذلك، يا دولة الرئيس.. هل طالعتك أثناء جولاتك العديدة في طهران، صورة للسيد السيستاني أو أيّ من مراجع النجف هناك؟ بالتأكيد كلا! 

لذا أرجو أن لا يؤدي احترامك لساسة وزعماء إيران الى تعليق صورهم في شوارعنا، بل أرجو أن تحقق ذلك بنسج علاقات دبلوماسية متوازنة معهم على أساس مصالح البلدين وحسب.

وأما تبريرك لرفع الصور، بأنه دفاع عن القضية الفلسطينية والوقوف بالضد من سياسات إسرائيل، فهو واهٍ، لأنه يعني قبولا غير مباشر بتعليق صور جمال عبد الناصر، وصدام حسين، الذي خدم القضية الفلسطينية في نظر البعض طبعا.

أما تشبيه الصورتين بصور غاندي وجيفارا، فهو قياس مع الفارق، إذ أننا لم نشاهد صورا لهذين الرمزين في شوارع العاصمة، خلافا لصور الزعيمين الايرانيين، ثم أنك وكل المدافعين عن تعليق تلك الصور، لم تنجحوا بعد في تحويل شخصية الخميني من كونها شخصية خلافية في العراق، الى رمز يتفق عليه الجميع، فمع كل احترامي لما قام به من نهضة وثورة في بلده، إلا أن كثيرا من العراقيين مازالوا ينظرون اليه على أنه سبب من أسباب إدامة الحرب 8 سنوات.

دولة الرئيس السابق، كان عليك قبل الدفاع عن رفع تلك الصور، البحث عن آلية لاقناع معظم أبناء السنة في العراق بأن الخميني جيفارا المسلمين، لأنهم شركاؤك في بغداد والعراق معا، مثلما عليك أيضا أن توضح ذلك لليبراليي الشيعة ومتدينيهم من مقلدي المرجعيات \”النجفية\”! وليس من حقك مطلقا الحديث باسمهم أو باسم غيرهم في مثل تلك القضايا.

ولا يفوتني هنا أيضا أن أسجل استغرابي من أمرك حقا، في وقوفك الحازم للدفاع عن هذه القضية المشكوك في قانونيتها، كون من قام بتعليق تلك الصور إنما هي جهة مليشياوية غير رسمية، فضلا عن أنها قامت بنصبها فوق واجهات ضخمة من دون إجازة تذكر من قبل أمانة العاصمة. 

لكني سأتلمس لك عذرا لسببين: أولهما طموحك بمنصب رئيس الوزراء الذي يتطلب منك إظهار تناغم مع طهران، وثانيهما إثارة الشارع وتأزيمه طائفيا (وهنا لا أبرئ زميلك حيدر الملا بالتواطؤ معك)، كي يظل الشارع العراقي منقسما، ولا يلتفت الى القضايا الكبرى المتعلقة بالحد من تعاظم امتيازاتكم التي تنعمون بها، وبالتالي حصد أصوات كافية لإبقائكم في مناصبكم التي بنيتموها بدماء أبناء الشعب الذي سيحاسبكم يوما ما.

إقرأ أيضا