استثمار «بصية» يُشعل فتيل أزمة بين المثنى وذي قار

ما زالت ناحية بصية وبادية السماوة في محافظة المثنى تشكل مصدر خلاف مع محافظة ذي قار، التي تؤكد أن الناحية من أراضيها، فيما ترى عشائر في المحافظة المجاورة أن هذه الأراضي هي مراعٍ متاحة للجميع، وأن المثنى تريد تحويلها إلى ملكية خاصة لبعض الأشخاص، ما قد يحرم مواشيهم ومواشي بقية المحافظات من الرعي في تلك الأراضي التي تعد موردا مهما لها.

ونفى المسؤولون المحليون في حكومة المثنى صحة هذه الادعاءات، مؤكدين أن اراضي المرعى باقية ولا مساس بها، ولكن من حق المحافظة أن تقوم بتنظيمها والاستفادة من أراضيها في المجال الاقتصادي والاستثماري.

ويقول أحد شيوخ عشيرة البدور في ذي قار، خالد الشرشاب، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ناحية بصية الواقعة في الجهة الشمالية الغربية لمحافظة المثنى تمتلك أرضا واسعة للرعي والتي يقصدها المئات من رعاة المواشي من جميع المحافظات العراقية بدء من البصرة مرورا بالمحافظات الوسطى وصولا إلى نينوى، فهي هبة للجميع”.

ويضيف “لذا يطالب الرعاة بأن تبقى مراعى طبيعية، لكن فما ورد إلينا أن هناك تحرك لتمليكها لبعض الأشخاص كأراضي زراعية أو غير ذلك، وهذا الأمر لا يمكن تقبله لذا قمنا بتنظيم تظاهرة سلمية داخل بصية وأوصلنا من خلالها رسالة تتضمن المطالب”.

ويتابع الشرشاب “المتظاهرون ليس لديهم أي رغبة للتصعيد وأي خطوة مقبلة هي ضمن السقف السلمي ولكن لدينا مخاوف مستقبلا خلال الفصل الشتوي المقبل أن يتم طرد الرعاة عند وصولهم إلى بصية للرعي، وحينها قد يتطور الأمر وهذا ما يخيفنا فنحن أبناء بلد واحد والفائدة للجميع”.

وتشير بعض التقديرات إلى أن مساحة المراعي الطبيعية في محافظة المثنى تشكل ما مقداره نحو 30 بالمئة من مساحة المحافظة الإجمالية وتتركز هذه المراعي بشكل أساسي في المنطقة الشمالية والغربية من المحافظة، حيث تتميز بتضاريسها الصحراوية وشبه الصحراوية تبلغ مساحة ناحية بصية التي حصلت فيها التظاهرة أكثر من 24500 كيلومتر مربع، أي ما يعادل نحو 8 بالمئة من مساحة محافظة المثنى الإجمالية.

من جانبه، يوضح رئيس مجلس محافظة المثنى أحمد محسن آل دريول، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “لقد توجهت إلى ناحية بصية على خلفية التظاهرات برفقة قوة أمنية وعقدت مؤتمرا صحفيا لتبيين ملابسات ما حصل”.

ويتابع “نحن نرفض ما قامت هذه القبائل وهذا خرق امني مرفوض وعلى حكومة ذي قار تقديم اعتذار رسمي لكون الأمر يعد تدخلا في شؤون المثنى الداخلية ويشكل اضطرابا أمنيا، فثروات المثنى لا يمكن التعدي عليها وبادية السماوة هي أرض مرعى للجميع إلا أن المشاريع الاستثمارية والزراعية والاقتصادية هي من خصوصية المثنى ولا يمكن التجاوز عليها”.

وتعود جذور هذه الخلافات إلى طبيعة الأراضي في المثنى، حيث تُعدّ من أهم مناطق الرعي في العراق، وتعتمد عليها العديد من العشائر في مختلف المحافظات.

ويجادل ممثلو عشائر ذي قار بأن لهم حقوقا تاريخية في رعي مواشيهم في تلك الأراضي، وأن تحويلها إلى ملكية خاصة سيشكل انتهاكا لهذه الحقوق.

بدوره، يؤكد قائد شرطة المثنى اللواء عبد الرضا كاطع، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “تم تحريك سرية إلى ناحية بصية وإنشاء مخفر ضمن منطقة المقالع على خلفية التظاهرات ونحن نحاول تغطية المنطقة بالكامل، لاسيما أن هناك استثمارات وعلينا تأمينها ولا نسمح مستقبلا بأي تدخل من أي محافظة”.

ويؤكد كاطع، أن “الأمور تحت السيطرة وتم تعزيز القوات الأمنية في المنطقة لمنع أي محاولات قد تزعزع الوضع الأمني في ناحية بصية، وكذلك لمنع تكرار ما جرى”.

وتشير إحصائيات لهيئة الاستثمار في المثنى حتى العام 2023، إلى أن المشاريع التي أحيلت كفرص استثمارية في بادية المثنى الجنوبية بلغ عددها 96 مشروعا في القطاعين الزراعي والصناعي، وأن اتساع هذه المشاريع الاستثمارية قد تكون تشكل ضررا على المراعي الطبيعية.

من جانبه، يلفت رئيس مجلس محافظة ذي قار، عبد الباقي العمري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “حجم العلاقات الاجتماعية بين محافظتيّ ذي قار والمثنى أكبر من أي خلافات وقد ذهبنا برفقة عدد من أعضاء مجلس المحافظة إلى المثنى للتأكيد على هذا الأمر”.

ويبين أنه “تم الاحتكام إلى حل أي خلاف عبر القانون، كما تم الاتفاق على تهدئة الأمور والسماح باستغلال أراضي المراعي للجميع مع إعادة النظر بعدد المشاريع الاستثمارية التي تعتبر أحد نقاط الخلاف”.

يشار إلى أن الحكومات المحلية المتعاقبة في ذي قار كانت تطالب بضم ناحية بصية في المثنى إلى المحافظة، وكثيرا ما كانت هذه الناحية الغنية بالمعادن والثروات الطبيعية محل خلاف بين المحافظتين.

إقرأ أيضا