«البارتي» يثبت مقاطعته.. هل ستجري انتخابات كردستان؟

بانتهاء فترة تسجيل الأحزاب السياسية لانتخابات إقليم كردستان، ثبّت الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي) موقفه بالمقاطعة على الرغم من الوساطات التي سعت لثنيه عن هذا القرار، وبحسب قيادي في الحزب فإن التراجع عن المقاطعة مشروط بحزمة طلبات كنزاهة الاقتراع وعدم تقويض صلاحيات الإقليم.

وفيما يرى قيادي في الإطار التنسيقي، أن مقاطعة “البارتي” للانتخابات ضغط سياسي غير مبرر، حذر مراقب سياسي من أن إجراء الانتخابات من دون الحزب الديمقراطي، يدخل الإقليم في أزمات خطيرة، متوقعا تأجيلها بمساعٍ داخلية ودولية.

ويقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفاء محمد كريم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “موقف البارتي ثابت ومعلن بمقاطعة انتخابات برلمان إقليم كردستان، فهو يدرك خطورة المؤامرة التي تحاك ضده وضد الإقليم وسعي سيطرة أطراف محددة على الإقليم لتنفيذ أجندة لا تخدم الشعب الكردي، وهذا ما لم ولن نقبل به”.

ويضيف كريم، أن “وساطات ومساعي داخلية وخارجية مختلفة عملت خلال الفترة الماضية على ثني الحزب الديمقراطي الكردستاني، عن موقفه بالمقاطعة، لكن القيادة كانت مصرة، والتراجع عن هذا القرار يحتاج إلى شروط أبرزها إعطاء ضمانات بنزاهة العملية الانتخابية وعدم التلاعب بها، وعدم تقويض صلاحيات الإقليم الدستورية”.

ويرجح أن “يكون خيار تأجيل انتخابات برلمان إقليم كردستان، وارد جداً، بعد مقاطعة الحزب الديمقراطي الكردستاني، فمن غير المنطقي والمعقول إجراء الانتخابات بمقاطعة قوى سياسية تمثل ما يقارب 70 بالمئة من الشعب الكردي، فهذا الأمر سوف يفقدها الشرعية والاعتراف بها حتى على المستوى الدولي”.

وكانت المتحدثة باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات جمانة الغلاي، أكدت أمس الاثنين، انتهاء مرحلة استلام قوائم المرشحين للتحالفات والأحزاب السياسية والأفراد المرشحين، والتي أسفرت عن تحالفين و10 أحزاب قدموا قوائم مرشحين و54 مرشحاً فردياً (من دون الحزب الديمقراطي).

وفي آذار مارس الماضي، قرر الحزب الديمقراطي الكردستاني مقاطعة انتخابات الإقليم، ما عُدّ خطوة تصعيدية أخرى احتجاجا على قرارات المحكمة الاتحادية التي يعدها استهدافا له وتقويضا لنفوذه، كما لوّح الحزب الأصفر بالانسحاب من العملية السياسية.

وفي تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، اعتبر “البارتي”، قراره هذا ردا على الحكومة والمحكمة الاتحاديتين، بسبب القرارات المتتالية ضده، وجاءت هذه الخطوة بعد أيام من انسحاب قاضٍ كردي من تشكيلة المحكمة الاتحادية العليا.

من جهته، يرى القيادي في الإطار التنسيقي عائد الهلالي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مقاطعة الحزب الديمقراطي الكردستاني لانتخابات برلمان الإقليم، شأن داخلي وخاص بهم، ولا توجد أي مبررات منطقية لهذه المقاطعة، ونعتقد أن هذا الأمر جزء من عملية الضغط السياسي”.

ويوضح الهلالي أن “هذه المقاطعة تؤكد أن الحزب الديمقراطي الكردستاني يريد تأجيل الانتخابات، فهو يريد بقاءه لفترة أطول بالحكم دون وجود رقابة عليه من قبل البرلمان، وهذه المقاطعة لن تغيّر أي شيء من قرارات المحكمة الاتحادية العليا”.

ويضيف أن “قرارات المحكمة الاتحادية العليا، فوق كل الاتفاقات السياسية، ومحاولة الضغط السياسي من خلال المقاطعة أو التصعيد الإعلامي من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني، لن تنفعه بشيء فالقرارات ملزمة وباتة لكل السلطات، ويبقى قرار المقاطعة شأن خاص وداخلي، ونحن بالتأكيد سنعمل على ثني الحزب عن هذا القرار كونه شريكاً أساسياً بالعملية السياسية”.

وأصدرت المحكمة الاتحادية، في شهر شباط فبراير الماضي، قرارا بحصر توزيع مرتبات موظفي الإقليم في المصارف الحكومية الاتحادية، الأمر الذي أثار مخاوف سلطات أربيل من تقليص صلاحياتها، بهدف حل أزمة خرجت على إثرها عشرات التظاهرات والاحتجاجات من قبل موظفي الإقليم، الذين يعانون منذ فترة طويلة بسبب انقطاع رواتبهم أو اجتزائها بحجة عدم وصولها من المركز.

كما أصدرت المحكمة أيضا، قرارات بشأن انتخابات برلمان الإقليم، حيث قسمت الإقليم إلى 4 مناطق انتخابية، وقررت أيضا أن تحلَّ المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الاتحادية، بدلا من الكردستانية.

وجاء قرار المحكمة لصالح شكوى قدمها الاتحاد الوطني الكردستاني بعد فشل حسم خلافه مع غريمه التقليدي الحزب الديمقراطي الكردستاني، بشأن قانون الانتخابات داخل برلمان كردستان العراق.

إلى ذلك، يجد المحلل السياسي أحمد الشريفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مقاطعة الحزب الديمقراطي بشكل نهائي لانتخابات برلمان إقليم كردستان، يعني أن الانتخابات لن تجري، فالكل يدرك خطورة إقامة أي عملية انتخابية بغياب بارزاني وحزبه عن المشهد”.

ويوضح الشريفي أن “إقامة أي انتخابات بمقاطعة البارتي يعني أن الأخير لن يعترف بنتائجها، ولن يعمل على تسليم السلطة، وهذا قد يدخل الإقليم في مشكلات وأزمات خطيرة وكبيرة، قد تصل إلى الاقتتال الداخلي من أجل الحكم، ولهذا ستعمل كل الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية على التهدئة وربما الدفع لتأجيل الانتخابات أو فتح باب تسجيل الكيانات مرة أخرى، بعد إقناع البارتي بالمشاركة”.

ويتوقع أن “الأيام المقبلة ستشهد تصعيدا سياسيا وإعلاميا جديدا من قبل حكومة الإقليم وكذلك الحزب الديمقراطي الكردستاني تجاه الحكومة الاتحادية والمحكمة الاتحادية، ورفض تنفيذ القرارات القضائية الأخيرة، فالإقليم يعتقد أن تنفيذ ذلك سيكلفه خسارة الكثير من صلاحياته خلال المرحلة المقبلة”.

وكان زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، قد اتهم، الأسبوع الماضي، المحكمة الاتحادية العليا بـ”التلاعب” بقانون انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق من أجل “أجندات خارجية”، متهماً إياها بالسعي لـ”كسر” الحزب الديمقراطي، في حين رفض تنفيذ قراراتها التي وصفها بـ”غير الدستورية”.

إقرأ أيضا