بغداد وأنقرة.. حزمة اتفاقات فمن الرابح؟

حزمة من الاتفاقات ومذكرات التفاهم أبرمتها بغداد مع أنقرة أمس بزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى العراق، لكن دخول هذه الاتفاقات حيز التنفيذ هو أمر يشكك به مراقبون.

وفيما تؤكد لجنة نيابية أن هذه المذكرات ستخضع لدراسة عميقة داخل البرلمان قبل المصادقة عليها، يشكك خبير اقتصادي في نية تركيا التي تقدم مصالحها في هذه الاتفاقات، لافتا إلى أنها لا تتعامل وفق مبدأ حسن الجوار والمصالح المشتركة.

ويقول عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية مختار الموسوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مذكرات التفاهم مهمة بالنسبة للعراق مع تركيا أو باقي دول المنطقة والعالم، وبالتأكيد أن هذه المذكرات ستصب في صالح البلدين، وهي ليست لمصلحة بلد دون آخر”.

ويضيف الموسوي، أن “لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية، لم تطلع على كل تفاصيل تلك المذكرات، ولذا ستتم خلال الأيام المقبلة دراسة تلك الاتفاقيات وجميع مذكرات التفاهم”، لافتا إلى أن “تحول مذكرات التفاهم إلى اتفاق رسمي موقع يحتاج إلى تصويت مجلس النواب، فالاتفاقات الدولية تحتاج غالبا إلى مصادقة البرلمان عليها بالأغلبية، وهذا ما أكدت عليه المحكمة الاتحادية”.

ويشدد على أن “أي فقرة ضمن أي اتفاق لا يمكن تمريرها في مجلس النواب دون دراسة، فهكذا اتفاقات وحتى مذكرات التفاهم يتم دراستها بشكل جيد من قبل لجان مختصة فنية وقانونية، وللبرلمان حق الاعتراض ورفض أي اتفاق دولي يعارض مصالح العراق أو يخالف النصوص الدستورية”.

ووصل أمس الاثنين، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى العاصمة بغداد في زيارة هي الأولى منذ 13 عاما، بعد أن كانت آخر زيارة له حين كان رئيسا للوزراء في آذار مارس 2011، ورافقه وزراء الخارجية هاكان فيدان، والدفاع يشار غولر، والداخلية علي يرلي قايا، والتجارة عمر بولات، والنقل والبنية التحتية عبد القادر أورال أوغلو، والزراعة والغابات إبراهيم يوماقلي، والطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بيرقدار، والصناعة والتكنولوجيا محمد فاتح قاجر.

ورعى السوداني، وأردوغان، مراسم توقيع مذكرة تفاهم رباعية بين العراق وتركيا وقطر والإمارات، تهدف الى التعاون المشترك بشأن (مشروع طريق التنمية) الاستراتيجي، وذلك بحضور أعضاء الوفدين التركي والعراقي.

من جهته، يؤكد مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للعراق وتوقيع اتفاقات ومذكرات تفاهم أمر بغاية الأهمية خاصة ما يتعلق بالجانب الاقتصادي والاستثماري، وهذه الاتفاقات تصب في صالح البلدين، فهي بنيت على أساس المصالح المشتركة المتبادلة”.

ويبين فيصل، أن “تركيا لها أهمية كبيرة في المنطقة، ولهذا يريد العراق تقوية تلك العلاقات معها على مختلف الأصعدة، ونتوقع بعد زيارة أردوغان لبغداد سيكون هناك تطور في العلاقات بين البلدين خاصة بملف المياه وملف تصدير النفط عبر ميناء جيهان وكذلك الملف الأمني، الذي له أولوية كبرى لدى أنقرة”.

ويضيف أن “مذكرات التفاهم، هي ليست اتفاقات ملزمة التنفيذ، فهناك مئات مذكرات التفاهم وقعت بين العراق ودول مختلفة طيلة السنوات الماضية، لكن في الحقيقة لم نر أي تطبيق لتلك المذكرات وتحولها إلى اتفاقات دولية ملزمة التنفيذ، فهذه المذكرات تأتي ضمن إجراءات بروتوكولية لتقوية العلاقات”.

ووقع العراق مع تركيا أمس، 26 اتفاقية ومذكرة تفاهم تتعلق بمجالات مختلفة، وفي مجال المياه، تم توقيع اتفاق إطار التعاون بين العراق وتركيا، يهدف إلى تطوير سبل التفاهم والتعاون في قطاع المياه، على مبدأ المساواة والنوايا الحسنة وحسن الجوار ووضع رؤية جديدة لتنفيذ مشاريع البنى التحتية والاستثمارية للموارد المائية في العراق، بحسب بيان حكومي.

وتضمن الاتفاق التعاون عبر مشاريع مشتركة لتحسين إدارة المياه في حوضي دجلة والفرات، ودعوة شركات تركية للتعاون في البنى التحتية لمشاريع الري مثل؛ أنظمة وسدود حصاد المياه، وتبطين القنوات، ونصب محطات التصفية والتحلية، ومشاريع معالجة المياه.

إلى ذلك، يرى الخبير في الشأن الاقتصادي ناصر الكناني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أردوغان أراد من خلال زيارته فرض بعض الشروط والطلبات التي لها منفعة اقتصادية ومالية لصالح تركيا بالدرجة الأساس، ولذا جاءت مذكرات التفاهم والاتفاقات، دون كشف تفاصيلها بشكل دقيق من قبل الجهات الرسمية”.

ويبين الكناني، أن “تركيا تتعامل مع العراق ليس وفق مبدأ حسن الجوار، وهذا الأمر واضح للجميع من خلال قطع المياه وتدمير الزراعة العراقية، وكذلك الاستهداف العسكري المستمر لسيادة العراق وتهديد أمنه، وكذلك احتلال مناطق واسعة من الأراضي العراقية في الشمال، وهذا يدل على أن تركيا لا تتعامل وفق هذا المبدأ”.

ويضيف أن “زيارة أردوغان لبغداد جاءت من أجل إنقاذ وضع تركيا الاقتصادي والمالي، فالعراق ساحة استثمارية مهمة بالنسبة لتركيا وشركاتها المختلفة، ولهذا نعتقد أن الزيارة جاءت لمصلحة أنقرة، والأيام سوف تثبت ذلك، من خلال استمرار تركيا بقطع المياه مع دخولنا في فصل الصيف ووصول أزمة الجفاف لمراحل خطيرة جداً”.

وكان أردوغان أكد أمس، على ضرورة توطيد العلاقات مع العراق في جميع المجالات، معتبراً أن توقيع اتفاقيات اليوم مع العراق هي صفحة جديدة ومنطلقاً لمستقبل البلدين في حين كشف عن توقيع اتفاقية مع العراق لاعتبار pkk منظمة إرهابية من أجل مكافحتها والقضاء عليها، حسب قوله.

إقرأ أيضا