العراق يشكو للعالم تراجع موقفه المائي..وثلاث دعوات للدول المتشاطئة

عاش العراق خلال السنوات الأربع الأخيرة معاناة كبيرة بسبب أزمة المياه المستمرة حتى اليوم، في ظل ارتفاع درجات الحرارة وشح الأمطار ومشاكل مع الجوار، الأمر الذي دفعه إلى التحرك على كافة الصعد لإنقاذ حضاراته التي نشأت على ضفتي دجلة والفرات والتي تراجعت كميات مياهه إلى مستوى ينذر باحتمال فقدان مياه الشرب.

ورغم اتفاق إطار التعاون بين العراق وتركيا، أكد وزير الموارد المائية العراقي عون ذياب عبدالله، اليوم الأحد، خلال مؤتمر بغداد الدولي الرابع للمياه، بأن العراق بات يعيش تحت خط الفقر المائي، فيما وجه الأمين العام للجامعة العربية أحمد ابو الغيط ثلاث دعوات للدول المتشاطئة.

وكانت تقارير للأمم المتحدة، اشارت إلى أن 17 دولة بينها العراق من أصل 22 دولة عربية تعيش على خط الفقر المائي، بينها 12 دولة تحت هذا الخط، و16 دولة مهددة بالجفاف بحلول العام 2040 من أصل 33 دولة حول العالم.

إذ قال عبدالله في مؤتمر صحفي عقده على هامش مؤتمر بغداد الدولي الرابع للمياه وتابعته “العالم الجديد”، إن “العراق أصبح يشكو من قلة الموارد المائية ودخل الى خط الفقر المائي، وهذا يدعونا الى الاهتمام بموضوع المياه، وتسليط الأضواء بشكل واضح لهذه المشكلة”.

وشدد الوزير على ضرورة أن “يكون هناك إسناد للعراق من قبل الدول العربية بشأن العدالة في توزيع الحصص المائية للأنهار المشتركة بيننا وبين البلدان المجاورة التي تنبع منها هذه الأنهار”.

ولفت الوزير عبد الله الى “وجود العديد من المناقشات والدراسات المستمرة في مختلف الاختصاصات الهدف منها الوصول إلى نتائج مهمة في مجال ادارة الموارد المائية في العراق”.

واشار عبد الله الى “توجيه حكومي لحسم ملف المياه وشراء معدات حديثة للري”.

ووقع العراق مع تركيا في 22 نيسان أبريل الجاري، اتفاقية ومذكرة تفاهم تتعلق بمجالات مختلفة، وفي مجال المياه، تم توقيع اتفاق إطار التعاون بين العراق وتركيا، يهدف إلى تطوير سبل التفاهم والتعاون في قطاع المياه، على مبدأ المساواة والنوايا الحسنة وحسن الجوار ووضع رؤية جديدة لتنفيذ مشاريع البنى التحتية والاستثمارية للموارد المائية في العراق، بحسب بيان حكومي.

وتضمن الاتفاق التعاون عبر مشاريع مشتركة لتحسين إدارة المياه في حوضي دجلة والفرات، ودعوة شركات تركية للتعاون في البنى التحتية لمشاريع الري مثل؛ أنظمة وسدود حصاد المياه، وتبطين القنوات، ونصب محطات التصفية والتحلية، ومشاريع معالجة المياه.

بدوره قال، المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال، إن “جميع دول الجوار العراقي شاركت في مؤتمر بغداد الدولي الرابع للمياه ولا توجد اي مقاطعة”.

وأكد أن “هناك ممثلاً عن السفارة التركية متواجد حاليا في قاعة المؤتمر المنعقد في العاصمة بغداد، وهو يمثل الحكومة التركية في المؤتمر”.

ولفت الى “الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس التركي إلى بغداد وتوقيع الاتفاقية الإطارية مع رئيس مجلس الوزراء، وأوضح أن “هذه الاتفاقية هي لإدارة ملف المياه”.

إلى ذلك، وصف رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الأحد، الوضع المائي في العراق بأنه “ليس بأحسن حال” جراء تراجع مناسيب نهري دجلة والفرات وتفاقم التصحر بفعل تغير المناخ، مجددا دعوته الى الدول المتشاطئة إلى التعاون والتنسيق المشترك لتأمين حصة مائية عادلة للبلاد.

إذ قال نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير التخطيط محمد تميم، في كلمة للسوداني ألقاها بالنيابة عنه، خلال مؤتمر بغداد الدولي وتابعتها “العالم الحديد”، إن “التحديات التي تواجه بلداننا في مجال الموارد المائية، تحديات صعبة ومعقدة، بل وتزداد تعقيدا، يوما بعد يوم، في ظل ارتفاع معدلات الحاجة الى المياه، الناتجة عن تزايد اعداد السكان ، الامر الذي شكّل ضغطا على موارد المياه، لا سيما فيما يرتبط منها بملف الأمن الغذائي، وما ينجم عن التغيرات المناخية، التي بدأت تلقي بظلالها على المشهد في كوكبنا”.

وأضاف “أننا بحاجة الى ادارة رشيدة للمياه، وفق مبادئ القانون الدولي، ومثل هذه الادارة، تتطلب ادامة زخم التواصل والتنسيق المشترك بين بلداننا، للوصول إلى أفضل أساليب الادارة التي تتناسب واهمية وخطورة ملف المياه”.

كما أشار تميم إلى أن الحكومة العراقية تبذل جهودا استثنائية، من اجل ايجاد الحلول المناسبة لمشاكل المياه، ومعالجة المشكلات التي تكتنف مواردنا المائية، في نهري دجلة والفرات، وباقي المصادر، والتنسيق المشترك مع دول المنبع، من اجل الاتفاق على ضمان حقوقنا من المياه كاملة .

وأكد أن وزارة الموارد المائية والجهات الساندة لها تقود جهودا طيبة في ملف المياه، بهدف تنمية وتقنين الموارد المائية بنحو مستدام، وصولا لتحقيق الاكتفاء المائي في القطاع الزراعي بالدرجة الأساس، والقطاع الصناعي، واستهلاك الأفراد، من المياه العذبة.

ونوه إلى أن “هناك تراجعا واضحا في حجم الإيرادات عبر عمودي دجلة الفرات، وهذا الأمر تسبب باتساع التصحر، واختفاء العديد من القرى نتيجة الهجرة”، مؤكدا ان “العراق واجه مشكلة تمثلت بانخفاض كميات الأمطار المتساقطة، نتيجة التغيرات المناخية، وهذا الحال اثّر كثيرا على الزراعة الديمية التي تعتمد على الأمطار “.

ومضى قائلا إن “انعقاد المؤتمر الرابع للمياه في بغداد، يمثل فرصةً كبيرة، لدراسة الظروف والتحديات الشاخصة، التي تواجهنا جميعاً، وتهدد امننا المائي، بنحو مباشر او غير مباشر”.

وشدد وزير التخطيط على “المستوى الداخلي، اننا بحاجة الى سياسات مائية بمسارات واضحة، نعمل من خلالها على تنظيم استخدامات المياه، وتقليل الهدر”.

ولفت تميم إلى أن “واقع حال المياه يستدعي التركيز على استخدام الأساليب الزراعية الحديثة، لترشيد استخدامات المياه، ووضع آليات اتخاذ المزيد من الاجراءات لاشاعة الوعي لدى المواطنين ووضع سياسات ناجعة، للتكيف مع التغيرات المناخية، وتخفيف آثارها على البيئة والمجتمع”.

وتابع بالقول: “نحن بحاجة من اي وقت مضى، للاتفاق على وضع سياسات مائية مشتركة لاسيما بين البلدان المتشاطئة، والمشتركة في مصادر مائية”.

وحث تميم في ختام كملته، “بلدان المنبع ان تأخذ بنظر الاعتبار، حاجة بلدان المصب، وحساب حاجتها من المياه، وفقا للوائح والقوانين والانظمة العالمية التي تنظم هذا الأمر”.

من جهته، قال الأمين العام للجامعة العربية أحمد ابو الغيط في كلمة له خلال المؤتمر، إن “الوضع المائي في العراق لا يزال يشهد ضغطا متزايدا بسبب عوامل مختلفة، منها تراجع حصة العراق، واستمرار الجفاف فضلا عن النمو السكان، وزيادة آثار التغير المناخي”.

وأكد أن “قضية المياه في بلادنا ليست قضية فنية وتنموية وحسب بل هي مسألة وجودية ترتبط بالأمن القومي العربي والتحديات في المستقبل، ويتطلب التعاون في جميع القطاعات و تنسيقا مستمرا على المستوى الإقليمي

وأشار أبو الغيط إلى ان “دول الجوار العربي تركيا وايران بما يتعلق بالعراق وسوريا، وأثيوبيا بما يتعلق بمصر، هذه الدول مطالب منها باتباع نهج للتعامل بما يخص ملف المياه، مشددا على أن الأمن المائي لا ينفصل عن الأمن الغذائي”.

وأدى ارتفاع درجات الحرارة في العراق إلى انخفاض كبير في هطول الأمطار السنوي، والذي يبلغ حاليا 30 في المئة، ومن المتوقع أن يصل هذا الانخفاض إلى 65 في المئة بحلول عام 2050.

وانخفض الحجم الإجمالي للمياه الواردة من دجلة والفرات بشكل ملحوظ من 93.47 مليار متر مكعب في عام 2019 إلى 49.59 مليار متر مكعب في عام 2020، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى تصرفات دول المنبع.

ويفقد العراق 100 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية سنوياً نتيجة التصحُّر ويخلُص تقرير، صدر عن وزارة الموارد المائية العراقية، إلى أن موجات الجفاف الشديد المتوقعة حتى سنة 2025 ستؤدي إلى جفاف نهر الفرات بشكل كامل في قطاعه الجنوبي، بينما سيتحوَّل نهر دجلة إلى مجرى مائي بموارد محدودة.

إقرأ أيضا