«القطاعات السود» في الهول السوري.. مساع لإنشاء «جيل هجين»  

تتباين الأرقام حول عدد المعتقلين في مخيم الهول السوري، ولكنها تزيد عن 40 ألف نسمة وفق أقل التقديرات، ينتمون إلى 60 جنسية من بينها العراق ودول أخرى، وهو يمثل أكبر تكتل بشري لتنظيم داعش بعد لملمة فلوله من العراق وسوريا عقب خسارته أغلب معاقله بمعارك شرسة، لكن المثير للقلق هي “القطاعات السود” التي تظهر أجندة لإنشاء تنظيم هجين قد يكون أكثر خطورة من داعش والقاعدة.

نواب ومراقبون، وصفوا مخيم الهول بسوريا، بأنه “قنبلة موقوتة”، ربما تنفجر في أي لحظة، وسيكون العراق ودول المنطقة أمام آلاف المسلحين، بعد أن أشاروا إلى محاولات صنع تنظيم إرهابي جديد داخل المخيم، من قبل جهات عديدة.

ويقر عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية ياسر اسكندر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “مخيم الهول السوري هو قنبلة موقوتة في ظل وجود متطرفين من 60 دولة داخله، وهناك من 40- 45 بالمئة من إجمالي سكانه أعمارهم أقل من 20 سنة”.

ويضيف اسكندر، أن “مخيم الهول السوري يمثل خطرا على الأمن في العراق، وجهود بغداد تنصب حاليا في تعزيز أمن الحدود مع سوريا وتم قطع اشواط مهمة بهذا الاتجاه في السنوات الثلاث الأخيرة، وتم تحصينها بنسبة تصل إلى 95 بالمئة”.

ويتابع أن “العراق يضغط بقوة لتفكيك مخيم الهول، لأنه يدرك خطورته على أمن الشرق الأوسط، وأنه ورقة ضغط بيد بعض الدول لزعزعة الأمن والاستقرار، لكن رغم ذلك استعدت بغداد مبكرا لأي تهديدات من خلال تأمين الحدود”.

وأعلن مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، في 10 آيار مايو الماضي، دعوة العراق 60 دولة إلى سحب رعاياها من عوائل داعش الإرهابي في مخيم الهول السوري، لافتا إلى أن روسيا سحبت مؤخرا 32 طفلا (12 طفلة و20 طفلا) تتراوح أعمارهم بين 5 و17 سنة.

وكانت مصادر مطلعة كشفت في 11 آذار مارس الماضي، عن اشتداد حدة الخلافات بين أسر قادة وعناصر داعش في مخيم الهول، وسط معلومات تفيد أن عدد كبير من هذه الاسر ترغب بالبقاء في سوريا كون جميعهم مطلوبين للقوات الامنية والعشائر على خلفية ارتكابهم عمليات قتل وتفجير وتهجير ضد سكان المحافظة إبان غزوهم لمدن الانبار.

وبعد الخلافات الحادة التي تندلع بين فترة واخرى داخل المخيم بين القادة وأعضاء التنظيم، كشف تقرير بريطاني، عن مواجهات وحمل علني للسلاح بقسم العائلات الأجنبية لعائلات داعش.

يشار إلى أن القيادي في الاطار التنسيقي عدي عبد الهادي أكد، في 5 فبراير شباط الماضي، بان أمريكا تريد إعادة فتح ممر سري للهول السوري باتجاه العراق من خلال قصف غربي الانبار، حيث ان وجود الحشد الشعبي في هذه المنطقة بمثابة خطر على المخططات الامريكية، التي تريد نقل الارهابيين بشتى السبل وخلق ممرات سرية لتدفقهم”.

وامتدادا لما صرح به إسنكدر، يبين عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية أيضا علي نعمة، أن “مستشارية الأمن القومي العراقي أكدت مؤخرا بأن 24 دولة بدأت بسحب رعاياها من مخيم الهول السوري من أصل 60 دولة، وهي خطوة جيدة من أجل إنهاء خطورة تكتل بشري هو الأخطر على أمن العالم”.

ويلفت علي، أن “وجود آلاف الأطفال والصبية في بيئة متطرفة ستنتج حتما إرهابيين يشكلون خطرا إينما ذهبوا”، مبينا أن “مخيم الهول ماهو إلا أجندة غربية”.

وكان الآلاف من عناصر داعش نقلوا إلى مخيم الهول، بعد أن هُزم في سوريا في آذار مارس 2019، وإنهاء سيطرته على مساحات كبيرة من الأراضي العراقية والسورية.

ويسعى العراق جاهدا إلى تفكيك مخيم الهول في سوريا وإنهاء ملفه في أسرع وقت، لأسباب يعزوها مسؤولوه إلى أن المخيم يمثل بؤرة خطيرة للتشدد، في ظل احتضانه لآلاف العراقيين، فيما أشار خبراء أمنيون إلى أن إغلاق المخيم يستغرق وقتا طويلا بسبب إجراءات التدقيق الأمني الخاصة بمن يتم إخراجهم منه.

وقد دخلت البلاد أول قافلة من مخيم الهول، في منتصف العام الماضي، وعلى متنها 94 عائلة عراقية، برفقة حراسة مشددة، حيث استقر بها الحال في مخيم الجدعة جنوبي نينوى، وبحسب مصادر فإن هذه القافلة هي جزء من 500 عائلة سيتم نقلها إلى العراق، بناء على اتفاق مع إدارة مخيم الهول.

وكشفت “العالم الجديد” في تشرين الثاني نوفمبر 2022، عن خفايا عديدة عن صراع يدور بين مستشارية الأمن القومي ووزارة الهجرة والمهجرين، بشأن إغلاق مخيم الجدعة العراقي والهول السوري، إذ كشفت مصادر في وزارة الهجرة أن الوزيرة أصرت على غلق الجدعة خلال شهر واحد، وهو ما رفضته المستشارية لـ”خطورته الأمنية” وانسحبت من هذا الملف، في ظل مخاوف مختصين من غلق المخيم بهذه السرعة ومن دون تأهيل العائلات قد تتسبب بمشاكل أمنية مستقبلا.

من جانبه، يبين الخبير في الشؤون الأمنية أحمد التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك قطاعات محظورة في مخيم الهول تخضع لإدارة دوائر مخابرانية، وهذا الأمر ليس سرا بل هي محاولات لإنتاج هياكل جديدة لإدارة التطرف واستخدامه كورقة جيوسياسية”.

ويستطرد أن “القاعدة وبعدها داعش ما هي سوى صناعة مخابراتية من خلال استغلال التطرف وتوجيهه صوب مسارات محددة، وهذا ما حدث في العراق”، مؤكدا أنه “بدون تفكيك مخيم الهول وسحب الدول لرعاياها منه، سيبقى مصدر تهديد مباشر لأمن العراق وهو يزداد مع تنامي أعداد السكان بشكل سريع”.

ويعود تاريخ إنشاء مخيم الهول، إلى تسعينيات القرن الماضي، حيث أسس من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، على مشارف بلدة الهول بالتنسيق مع الحكومة السورية، ونزح إليه ما يزيد عن 15 ألف لاجئ عراقي وفلسطيني، هاجر الكثيرون منهم إلى مختلف أرجاء العالم بمساعدة الأمم المتحدة، خاصة بعد أحداث عام 1991 عندما استباح النظام العراقي السابق دولة الكويت، وقادت ضده الولايات المتحدة حربا عبر تحالف دولي.

إقرأ أيضا