المالكي والسوداني و«الإطار».. خطوة أخرى نحو الانقسام

كشف غياب رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، عن اجتماع إدارة الدولة، النقاب عن خلافات عميقة مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من جهة، وعدم تصالح بين قيادات الإطار التنسيقي من جهة أخرى.

وأرجع مراقبون للشأن السياسي تلك الخلافات، إلى أسباب عدة، منها الرفض الذي لاقته فكرة المالكي، بإجراء انتخابات مبكرة، والتي أراد منها الضغط على السوداني، كما لم يستبعدوا النزاع على حكومة ديالى المحلية بين دولة القانون وبدر والعصائب، فيما لفتوا إلى أن الإطار التنسيقي تماسك في السابق كضد نوعي للتيار الصدري، وبزوال الأخير عاد الائتلاف المشكل للحكومة للتشتت.

ويقول المحلل السياسي أحمد الشريفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “غياب رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، عن اجتماع إدارة الدولة، يكشف عن وجود خلافات بينه وبين قادة هذا الائتلاف أو مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الراعي للاجتماع في القصر الحكومي”.

ويضيف الشريفي، أن “عدم مشاركة المالكي بهذا الاجتماع، قد تكون بسبب الرفض الكبير الذي لاقاه طرحه بشأن التوجه نحو انتخابات برلمانية مبكرة، وهذا الأمر أزعج المالكي، وبالتأكيد طرحه للأمر لم يأت من فراغ، بل جاء كوسيلة ضغط على السوداني لقطع الطريق أمامه لزيادة شعبيته”.

ويشير إلى أن “المرحلة المقبلة، ربما تشهد كشف الخلافات بين قادة الإطار وأولهم المالكي مع السوداني، وستكون أمام الرأي العام ولا تقتصر فقط على مقاطعة هكذا اجتماعات، فالخلافات سوف تزداد كلما اقتربت انتخابات مجلس النواب”.  

وغاب المالكي، عن اجتماع ائتلاف إدارة الدولة الذي عقد أمس الأول الاثنين في القصر الحكومي لـ”بحث آخر المستجدات على الساحة الوطنية والدولية، بالإضافة إلى مناقشة الجهود الحكومية المبذولة في توفير أفضل الخدمات للمواطنين وأهمية إسنادها”.

وكان زعيم ائتلاف دولة القانون قد دعا في 8 من يونيو حزيران الماضي، إلى إجراء انتخابات بحلول نهاية العام الحالي، مؤكداً أن حكومة محمد شياع السوداني ملزمة بذلك ضمن برنامجها الانتخابي، مشدداً على ضرورة منع المسؤولين الحكوميين من المشاركة فيها إلا في حال استقالتهم من مناصبهم.

ولم يصدر عن حكومة السوداني أي تعليق بقبول أو رفض دعوة المالكي لإجراء الانتخابات المبكرة في العراق، كما أن “الإطار التنسيقي” لم يُصدر أي موقف رسمي إزاء الملف الذي جاء في توقيت مثير للجدل، ولا سيما أن السوداني يعمل على إنجاز مشاريع خدمية في البلاد ساهمت في تعزيز قاعدته الشعبية.

من جهته، يبين رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الخلافات أصبحت واضحة جداً ما بين قادة الإطار التنسيقي، وكذلك ما بين تلك القيادات ورئيس الوزراء، خاصة بعد مشاكل تشكيل حكومة ديالى بسبب الخلافات ما بين ائتلاف دولة القانون وبدر، وكذلك ما بين بدر والعصائب، وكلها أثرت على الأجواء داخل الإطار”.

ويؤكد فيصل، أن “الجميع يعرف أن الإطار التنسيقي تماسك وتوحد خلال الفترة الماضية من أجل منع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من تشكيل حكومة الأغلبية، وهذا السبب بعد زواله، أصبحت الخلافات واضحة داخل الإطار نفسه، حتى بقضية ملف التواجد الأمريكي هناك اختلاف واضح في مواقف أطراف الإطار التنسيقي السياسية والمسلحة”.

ويشير إلى أن “غياب المالكي عن اجتماع ائتلاف إدارة الدولة وبهذا التوقيت، مؤشر على أن الخلافات وصلت لمراحل متقدمة ما بين أطراف الإطار والسوداني، وهذه الخلافات أكيد سوف تتعمق خلال المرحلة المقبلة، خصوصاً في ظل خشية أطراف في الإطار من عمل السوداني على شعبية واسعة تأخذ حصة كبيرة من مقاعد تلك الأطراف، وهذا ما يساعد في تقليل نفوذها وقوتها خلال المرحلة المقبلة، بالتالي فإن أصل الخلاف هو صراع النفوذ للسيطرة على الدولة”.

ومنذ بداية العام الماضي بدأت خلافات تسيطر على العلاقة بين الإطار التنسيقي ورئيس الحكومة، تتمحور حول عدم “خضوعه” لقرارات الإطار في القضايا الداخلية مثل عدم التوجه لانتخابات مبكرة، أو الخارجية مثل ملف إخراج القوات الأمريكية، بحسب حديث مصدر مطلع في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”.

وكان مراقبون رجحوا منذ العام الماضي اتساع الخلافات بعد محاولة السوداني “شقّ طريقه” بعيدا عن الإطار، وإمكانية دخول زعيم التيار الصدري على الخط ودعمه السوداني.

إلى ذلك، يبين الباحث في الشأن السياسي مجاشع التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ومنذ فترة، لديه خلافات ورؤية بعيدة عن الإطار التنسيقي الذي يسيطر على ائتلاف إدارة الدولة، وأزمة المالكي مع قادة العملية السياسية في ائتلاف إدارة الدولة تتركز بالدرجة الأساس في خلافات مع بعض زعامات الإطار وفي مقدمتهم قيس الخزعلي وعمار الحكيم وأحمد الاسدي”.

ويستطرد أنه “من وجهة نظري الخلاف كان بسبب تهميش واضح من قبل هذه القيادات للمالكي، الذي يعتبر راعي الإطار التنسيقي والقوة الأكثر تأثيراً في جمع وتوحيد الإطار ضد مشروع الصدر، ورؤية المالكي هي رؤية سياسية بالدرجة الأساس بعيدا عن لغة السلاح وهي مختلفة بشكل واضح عن رؤية الخزعلي وقيادات المقاومة الشيعية”.

ويؤكد: “لذلك أعتقد أن المالكي قاطع اجتماعات ائتلاف إدارة الدولة ردا على بعض زعامات الإطار، إضافة إلى الإحراج الكبير الذي وقع به نتيجة فشل ائتلاف إدارة الدولة في تحقيق الأهداف المرجوة منه وعجز قوى الائتلاف في تحقيق الورقة السياسية، فضلا عن الخلافات الموجودة بالفعل بين شخص المالكي والسوداني الذي يشعر بحساسية تجاه بعض المواقف ‏التي تصدر من المالكي”.

إقرأ أيضا