بعد سلسلة إخفاقات.. هل اقترب أسود الرافدين من حلم المونديال؟

يشعر العراقيون اليوم أنهم أقرب من أي وقت مضى للتأهل إلى نهائيات كأس العالم، بعد قرعة أوقعت أسود الرافدين إلى جانب منتخبات متوسطة المستوى، واستقرار فني يعيشه المنتخب ونتائج جيدة حققها في التصفيات الأولية، لاسيما مع مضاعفة مقاعد قارة آسيا في المونديال إلى 8 ونصف، إذ يرى مدربون وإعلاميون أن الفرصة باتت مؤاتية هذه المرة، لكنهم حذروا من أن المرحلة المقبلة من التصفيات لا تخلو من الصعوبات.

وحل المنتخب الوطني العراقي في المجموعة الثانية في التصفيات المؤهلة الى كأس العالم 2026 برفقة كل من كوريا الجنوبية والأردن وعُمان وفلسطين والكويت ضمن فعاليات القرعة التي أقيمت بالعاصمةِ الماليزية كوالالمبور.

فرصة مؤاتية

ويقول المدرب السابق للمنتخب الوطني باسم قاسم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المجموعة التي حل فيها منتخبنا، جغرافيا وفنيا مريحة، والفرصة مؤاتية وكبيرة بالتأهل إلى نهائيات كأس العالم للمرة الثانية، فلأول مرة منذ أكثر من عقد لم تتهيأ فرصة سهلة كهذه للوصول إلى نهائيات كأس العالم، سواء على مستوى مجموعتنا الحالية، وكذلك نظام التأهل الحالي لهذه النسخة والذي أعطى الفرصة لآسيا بأكثر من ثمانية مقاعد وهذه سابقة جديدة في تاريخ بطولة كأس العالم”.

ويطالب قاسم، الاتحاد العراقي بـ”استثمار هذه الفرصة وتهيئة كافة الظروف التي تحافظ على حقوق منتخبنا بالتأهل وتسخير كل الجهود لذلك بتعاون جميع الأندية العراقية، كون الهدف واحدا ومشتركا، لذا يجب الابتعاد عن كل المصالح الناديوية (الخاصة بالأندية) لصالح المنتخب، فالتأهل هدف الجميع، كما يجب توفير مباراتين إلى ثلاث مباريات تجريبية قبل خوض أولى مباريات التصفيات الحاسمة للتأهل”.

ويعتقد المدرب الذي لعب في مونديال 1986 أن “حظوظ منتخبنا كبيرة جدا في ظل هذه الظروف وكذلك للإمكانيات الفنية الجيدة التي يمتلكها منتخبنا الوطني من لاعبين مميزين، فهذا المنتخب وهذا الجيل لا يقل شأنا عن جيل 86 في المكسيك وكذلك جيل 2007 الذي حقق أمم آسيا لذلك أملنا كبير أن يسجل هذا الجيل اسمه بتاريخ الكرة العراقية والتأهل للمرة الثانية إلى نهائيات كأس العالم”.

ويتطلع لاعبو المنتخب العراقي إلى تكرار إنجاز أساطير الكرة العراقية أحمد راضي ورعد حمودي وحسين سعيد وعدنان درجال، الذين مثلوا البلد في أول ظهور لهم في نهائيات كأس العالم عام 1986 في المكسيك.

عمل وجهود

إلى ذلك، يشير المدرب الكروي، صادق حنون، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “القرعة جاءت سهلة ولصالح المنتخب العراقي الذي يشهد مستويات تصاعدية قدمها خلال المرحلة الماضية من التصفيات”، مستدركا “لكن لا يوجد شيء سهل خاصة في المرحلة الحاسمة، لأن الصعود للنهائيات يحتاج إلى عمل كبير وجهود مضاعفة للفوز في كل المباريات وضمان التأهل”.

ويضيف حنون، أن “الملاك الفني للمنتخب عليه إدراك جميع المتغيرات ممكنة الحصول، إذ لكل مباراة وضعها وإمكانياتها وطريقة لعبها، ولذلك يجب التركيز على اختيار اللاعبين المناسبين لكل مركز ممن لديهم القدرة والشجاعة للعب تحت الضغط”، داعيا إلى “ضرورة استغلال عامل الأرض والجمهور في المباريات الخمس التي ستلعب في البصرة وحصد نقاطها كاملة”.

واعتبر أن “القرعة الحالية تمثل فرصة ذهبية للمنتخب العراقي من أجل بلوغ كأس العالم وتحقيق الحلم الذي طال انتظاره منذ آخر مرة في 1986 ليكون بذلك قد تحقق الإنجاز مرة أخرى وبجيل ذهبي جديد للكرة العراقية”.

يشار إلى أن المنتخب العراقي سيخوض أولى مبارياته في تصفيات المونديال أمام المنتخب العُماني، إذ ستقام المباراة بالبصرة في الخامس من شهر أيلول سبتمبر المقبل، كما من المتوقع أن يدخل المنتخب العراقي في معسكر تدريبي قصير تمهيدا لدخول تصفيات المونديال.

ديربيات منتظرة

من جهته، يعتبر المتحدث باسم الاتحاد العراقي لكرة القدم، أحمد الموسوي، خلال حديثه لـ”العالم الجديد”، أن “مجموعة المنتخب الوطني متوازنة، لكن في الوقت نفسه دائما ما تكون المواجهات العربية بعيدة عن المنطق والحسابات على الورق، فحينما تتواجه الفرق المتجاورة، تشكل مباريات ندية توصف بالديربيات ولا يمكن لأحد التكهن بالنتائج”.

ويؤكد الموسوي، أن “الاتحاد وضع منهاجا محددا للمنتخب الوطني وفقا لرغبة المدرب والجهاز الفني الإسباني مع توفير المتطلبات كافة لإكمال جاهزية الفريق قبل خوض أولى المباريات”، مبينا أن “الأوضاع الآن جميعها تدعو للارتياح، خاصة وأن تنقلات المنتخب ستكون قريبة وضمن المنطقة العربية في أغلب مبارياته، ولن يحصل فيها جهد كبير للسفر”.

ويطالب المتحدث باسم الاتحاد العراقي، الجماهير بدعم المنتخب العراقي ومساندته في مشواره القادم لأنه الركيزة الأساس في تقديم الأداء الأفضل”، مؤكدا على “أهمية المباريات التي ستقام على ملعب البصرة بالنسبة للمنتخب من أجل تحقيق النقاط الكاملة في المشوار بشكل عام”.

وبحسب نظام البطولة، فإن متصدر ووصيف كل مجموعة من المجموعات الثلاث سيتأهلون مباشرة إلى نهائيات المونديال في كندا والمكسيك والولايات المتحدة، حيث تمتلك قارة آسيا ثمانية مقاعد مباشرة، مع وجود فرصة للحصول على مقعد تاسع عبر الملحق العالمي، إذ سيكون كأس العالم 2026 أول نسخة من البطولة الأكثر شعبية بمشاركة 48 فريقا، بعد أن كان يتأهل إليها 32 منتخب حتى نسخة 2022 في قطر.

كما يذكر أن خمسة منتخبات عربية من أصل تسعة قد تأهلت إلى النسخ الماضية من كأس العالم وهي السعودية بمجموع ست مشاركات، وقطر والكويت والعراق والإمارات بمشاركة واحدة لكل منهم، فيما لم يسبق لمنتخبات الأردن وفلسطين والبحرين وعُمان أن بلغت المونديال.

تجديد الإنجاز

من جانبه، يرى المدرب حسن أحمد خلال حديثه لـ”العالم الجديد”، أن “هناك فرصة لا تعوض بإمكانية التأهل المباشر للمنتخب العراقي الى كأس العالم وتجديد الإنجاز التاريخي الوحيد، فالمنتخبات العربية ليست بالبعيدة عن مستويات أسود الرافدين، باستثناء المنتخب الكوري الجنوبي المتطور، وهو أيضا يعتبر الآن من المنتخبات المتقاربة بالنظر لمستوياته في كأس آسيا الأخيرة”.

ويكمل أحمد، أن “على الفريق العراقي التركيز بكل مباراة ودراسة جوانبها الفنية كاملة، كما يجب الاعتماد على اللاعبين ذوي الخبرة والقدرة على التركيز العالي في تأدية المهام لتفادي وقوع الأخطاء التي يمكن أن تكبده نتائج لا يرغب بها أحد”، مشيرا الى أنه “وفقا للمعطيات فبطاقة التأهل بمتناول اليد الآن، ولكن يبقى الأداء في الملعب والفكر التدريبي للمدرب هو من سيكون عامل الحسم في أي نتائج”.

ويبين، أن “العراق قدم مستويات مقبولة في التصفيات ما قبل الأخيرة ويجب رفع الأداء خلال المرحلة المقبلة عبر الاستعداد في معسكرات مكثفة لترتيب الأوراق بشكل أفضل والدخول للمباريات القادمة بجاهزية اعلى”، داعيا إلى “التركيز في وجود خمس مباريات على ملعب البصرة وهي محفزة جدا لحصد النقاط وقطع نصف المشوار مبكرا”.

يذكر أن مدرب المنتخب الوطنيّ، الإسباني خيسوس كاساس، قد علق على قرعة التصفيات قائلا بأنها “كانت متوازنة، وأن المرحلة المُقبلة من التصفيات ستكون حاسمة و مثيرة”، مبينا أنه “لا يوجد هناك منافس سهل، كون الجميع سيكون لديه طموح التأهل، وستتحلى المنتخبات المنافسة بروحية النفس الطويل خلال المواجهاتِ العشر التي ستستمر على مدار عشرة أشهر”.

وأشار كاساس، إلى أن “لعبة كرة القدم أصبحت الاختلافات فيها أقل بين الفرق، وإذا قمنا بتحليلِ النتائج في كأس أوروبا أو كوبا أمريكا الحالية، فيمكننا أن نرى أنه لا توجد مباراة سهلة.. سنناضلُ من أجل تحقيق حلم ملايين العراقيين، ونأمل أن نحققه بدعمِ الجُمهورِ العاشق لمُنتخبِ بلاده”.

دعم إعلامي

من جهته، يؤكد الصحفي الرياضي عمار ساطع، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذه التصفيات تحمل العديد من النقاط الإيجابية، فللمرة الأولى يصل المنتخب العراقي إلى هذه المرحلة وهو بوضع جيد، وحاصل على العلامة الكاملة في مجموعته، وأعتقد أن المنتخب قادر على تحقيق آمال العراقيين بعد 13 مشاركة متتالية في التصفيات لم يتأهل فيها منذ آخر تأهل عام 1986”.

ويلفت ساطع، إلى أن “دور الإعلام حيوي ومهم، لكن ما نعانيه هو أن الإعلام في المشاركات السابقة كان يوجه سهام الانتقاد للمنتخبات والاتحاد والقائمين على الكرة في أثناء المهمة، لكن الوضع بات أفضل اليوم، بعد حصولنا على كأس الخليج وتحقيق نتائج مشرفة في كأس آسيا الأخيرة بقطر، وحصولنا على كأس ملك تايلند، وتأهلنا إلى هذه المرحلة من التصفيات بوضع مريح”.

ويرى أن “عودة اللعب في ملاعبنا المحلية أمر داعم خاصة بتواجد الجمهور، وهذا الأخير نستطيع أن نقسمه إلى قسمين، أحدهما داعم يأتي من مختلف المحافظات إلى البصرة لمساندة المنتخب، وهناك من يجلس خلف الكيبورد، ويحاول أن ينال أو يسيء ويشهر بالمنتخب، حتى في حالات الانتصار، وهذا موجود في كل الدول”.

ويجد ساطع، أن “البرامج التلفزيونية الآن فقط بدأت تأخذ منحى آخر، عكس ما كانت في السابق، وأعتقد أن المنتخب ومن خلفه الاتحاد والاستقرار في الجهاز الفني عوامل تساعد لصناعة فريق قوي يمكنه أن ينتقد مهنيا، لكن لا يساء إليه بطريقة تعيدنا إلى عصر الابتزاز الذي كان يحصل في السابق”.

ويشير إلى أن “الإعلام رسالة حقيقية ومهنية وأتمنى أن يعي الناس أن هذا الفريق يمثل العراق، وعندما يرتفع العلم في المحافل الخارجية ويحقق انتصارات، فهو ينتصر لكل بيت وأسرة عراقية، لذا على الإعلام والسوشيال ميديا أن يؤدي رسالته بشكل أفضل مما كان في الفترة السابقة”.

من جهته، يذكر الكاتب والمؤرخ الرياضي، علي البدراوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “حقبا عديدة مرت على المنتخب العراقي ذي الوزن الكروي الكبير آسيويا وعربيا دون أن يتأهل إلى مونديال كأس العالم فيما عدا فلتة مونديال 1986 بالمكسيك الذي تأهل إليه بظروف سياسية واجتماعية ودولية ورياضية كان يعيشها العراق حيث تأهل عبر تباريه مع أربعة منتخبات غرب آسيوية فقط”.

ويضيف البدراوي: “مع حلول عام المونديال 2026 تكون أربعون سنة قد مرت على المنتخب العراقي دون أن يكرر تأهله للمونديال حيث حرمت أجيال عديدة من هذا الإنجاز، وهو ما أعده مسألة معيبة بحق الكرة العراقية ونحن نرى جيراننا منتخبي ايران والسعودية قد تعديا مسألة التواجد بكأس العالم، ونحن تتوالى الخيبات علينا بتكرار الفشل بكل تصفيات”.

ويجد أن “المرحلة الحاسمة من التصفيات المؤهلة لمونديال 2026 قد أوقعت منتخبنا بمجموعة أجدها يسيرة قياسا بالمجموعتين الأخريين وهنا يجب أن نمعن النظر بمسببات خروجاتنا المتكررة من كل تصفيات والتي تتحدد بكونها إدارية بحتة متمنيا على الجهود أن تتكاتف لتذليل كل المعوقات التي تحول دون تكرار التأهل أولا ودخول التصفيات بمنهج علمي ندرس عبره كل فريق وموعد كل مباراة ودراسة الارض والتوقيت والمناخ وأسماء فرق الخصوم وطريقة لعبهم وخوض غمار كل مباراة بهدف كسب نقاطها لان الخيبات علمتنا أن أية خسارة تعني الخروج”.

إقرأ أيضا