بعد فيديو القطار.. السكك ترد: حل الأزمة معقد وبعض التجاوزات تمت من قبل الدولة

تعد التجاوزات التي لا تعد ولا تحصى عائقاً أمام طريق رحلات القطار متعددة الأوجه في العراق، ولعل أبرزها المنازل المشيدة على مقربة السكك الحديدية في العاصمة بغداد، ناهيك عن تحول الأراضي القريبة من خطوط القطارات إلى أماكن لبيع المواشي، حيث يبتعد أصحابها كلما مرت عربات القطار بطريقهم ليعودوا بعدها من جديد.

فبعد الضجة التي أثيرت يوم أمس، حول انتشار مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر سير قطار ببطء شديد بجانب منازل سكنية لايفصلها سوى نصف متر فقط عن مسار القطار ليثير انتقادات واسعة للحكومة، خرج مدير الشركة العامة لسكك الحديد، يونس خالد الكعبي ليؤكد، اليوم الثلاثاء، ان التجاوز على محرمات السكك يعود لسنوات وأن حلها معقد، لافتا إلى أن بعض التجاوزات تمت من قبل مؤسسات ودوائر الدولة.

إذ قال الكعبي، إن “مقطع الفيديو المتداول للقطار وهو يسير ببطء بين المنازل، يقع في منطقة معامل الشالجية”، مؤكدًا ان “الشركة لديها دعاوى قضائية عديدة وصلت حتى للنزاهة لتورط جهات ومؤسسات حكومية بذلك”.

وأوضح ان “التجاوزات متنوعة، منها ساحات ملاعب او مشاتل او حتى اسيجة جامعات وكليات ومنازل ودوائر حكومية”.

وفيما يخص ملكية الأراضي التي تبنى عليها هذه المنازل وما اذا كان جنسها زراعي ام ملك صرف، أوضح ان “جميع أراضي محرمات السكك مملوكة بالكامل للشركة العامة لسكك الحديد ولا تعود لأي جهة ولا يمكن بيعها او شرائها”.

وأضاف أن “جميع المنازل المبنية حول سكك الحديد وضمن محرمات السكك تعتبر تجاوزات”، مشيرا الى ان “بعضها كانت قد وزعت اصوليا من قبل بعض البلديات مابعد عام 2010 لغياب القانون، ولذلك فأن المسألة معقدة وفيها تحقيقات كبيرة ودعاوى غير محسومة”.

وأشار إلى أن “التجاوز على محرمات السكك موجود في بعض المناطق من العاصمة بغداد منها الشالجية والداوودي والمنصور والدورة، فيما قدّر تقريبًا ان نحو 20% من اطوال السكك داخل العاصمة بغداد متجاوز عليها”.

وحول ما اذا كان استخدام هذه الأراضي والبناء حول سكك الحديد جاء بسبب اندثار هذه السكك لفترات طويلة وعدم استخدامها او توقف مرور القطارات فوقها، نفى الكعبي ذلك، مؤكدًا أن “معظم الخطوط غير متوقفة والقطار يمر من هناك باستمرار، وحتى لو لم يمر لفترات طويلة هذا لايعني انه تم الاستغناء عن الخط او انه اصبح مملوكًا وعرضة للتجاوز والاستغلال”.

يشار إلى أنه بعد العام 2003، توجه العديد من المواطنين إلى استغلال أراضي الدولة لبناء منازل عليها باتت تعرف محليا باسم “الحواسم”، ما أدى إلى تكوين مناطق عشوائية، وبدأت تتطور هذه الظاهرة حتى شهدت بناء منازل فخمة، كما شهدت عمليات بيع وشراء بأسعار مرتفعة، لكنها أقل بكثير من أسعار العقارات الرسمية.

وغالبا ما يطرح هذا الموضوع للنقاش في أغلب الحكومات المتعاقبة من دون التوصل لحل جذري، وخاصة مسألة المنازل وليس المحال التجارية، فهي بقيت من دون حلول نظرا لوجود عوائل وأطفال، ما يعيق إزالتها بالقوة مع عدم عمل الدولة على توفير بدائل سريعة.

وكانت مديرية تخطيط محافظة المثنى، كشفت سابقا، عن وجود 21 ألف مسكن عشوائي في المحافظة، ما يشكل 15 بالمئة من سكانها، وذلك وفقا لمؤشرات صدرت عن الجهاز المركزي للإحصاء بعد مسوحات ميدانية استمرت لعدة أشهر.

يشار إلى أن تاريخ إنشاء السكك الحديدية في العراق يعود إلى أوائل مطلع القرن العشرين، فالعراق من أوائل دول الشرق الأوسط استخداماً للقطارات بنقل المسافرين والبضائع، حيث امتدت خطوط النقل إلى نحو أكثر من ألفي كيلو متر شمالاً وجنوباً وغرباً.

لكن السكك الحديدية في العراق، لم تشهد ذلك التطور، مقارنة بدول المنطقة والعالم، وبقيت هذا القطاع يعاني الاهمال، واندثرت العديد من السكك الحديدية، فيما تعد القطارات والعربات في هذا القطاع من الانواع والموديلات القديمة ولا تواكب عصر السرعة، في مثيلاتها بدول العالم.

إقرأ أيضا