بيوت فارغة ومساجد مكتظة.. كيف يحيي العراقيون ليلة القدر؟

يشغل شهر رمضان حيزا مهما لدى المسلمين من الناحية العبادية والروحية والاجتماعية والاقتصادية، وفي هذا الشهر “الفضيل” تظهر “ليالي القدر” بخصوصيتها وطقوسها في آخر عشرة أيام من رمضان، مدفوعة بسورة في القرآن وعشرات الأحاديث النبوية عن أهميته هذه الليلة وقداستها.

ومن مميزات ليالي القدر أنها تقلب المعادلة الرمضانية المعتادة، فبدلا من اجتماع الأسر ليلا في المنازل للتسامر أو العبادة أو التزاور بين الأهل والأقارب والمعارف، تكاد تخلو المنازل من أهلها وتكتظ المساجد بالرجال والنساء إحياء هذه الليالي بالصلوات وقراءة القرآن والدعاء وغيرها.

ويقول عضو هيئة علماء العراق، والأمانة العامة لعلماء المسلمين في العراق، وكيل المرجعية الدينية الشيعية في العاصمة بغداد، الشيخ محمد خليل إبراهيم السنجري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “أمير المؤمنين عليه السلام (علي بن أبي طالب)، توفي ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان، وفي هذه الليلة ترفع الأقدار، وتكتب بها الآجال، ويصل بها الثواب إلى الأموات، وتصادف خلال شهر رمضان الجاري، غدا ليلة الثلاثاء على الأربعاء، وهي ليلة القدر”.

ويضيف “في ليلة القدر يقدر الله فيها الأرزاق والآجال فهي ليلة عظيمة تعادل ألف شهر، فكيف نستقبل هذه الليلة العظيمة لننال هذه الخزائن، وهي فرصة عظيمة للفوز بالرضوان والعطف الإلهي والدعاء والمناجاة وهي كفيلة بتحقيق ما نريد من طلبات”.

ولم يتفق المسلمون بمختلف مذاهبهم وفرقهم العقائدية على تحديد موعد دقيق لليلة القدر، إلا أنهم يتفقون بالإجماع على أنها إحدى الليالي فردية العدد في آخر عشرة أيام من شهر رمضان، ولذلك فهم يحييون جميع هذه الليالي بالعبادة والصلوات والدعاء على أمل أن تصادف تبتلاتهم إحداها.

من جانبه، يوضح الشيخ عقيل الفهداوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الله سبحانه وتعالى ذكر ليلة القدر وفضلها على غيرها حتى قال إنها خير من ألف شهر، حتى أن العلماء قالوا تُنزّل فيها الملائكة بقدر عدد الحصى حتى تضيق بهم الطرق”.

ويشرح “سُميت ليلة القدر بهذا الاسم على عدة أقوال، فهناك من العلماء من قال إن فيها تُقدّر أقوات وأرزاق وآجال الناس، ومنهم من قال إنها ذات قدر عظيم، وآخرون قالوا لكثرة الملائكة الذين ينزلون إلى الأرض في هذه الليلة سُميت القدر لمنزلتها العظيمة عند الله تعالى”.

ويبين أن “أعمال هذه الليلة هي الإقبال على المساجد وإقامة الصلاة فيها من قبل الرجال والنساء، وهذا ليس بفرض ولكن الناس تقبل عليها تقربا إلى الله، وقراءة القرآن، والدعاء إلى الله، وهكذا الحال حتى طلوع الفجر”.

وعلى الرغم من تفضيل المسلمين إقامة الصلوات في المساجد جماعة في جميع أيام السنة، إلا أن إقبالهم يتضاعف خلال شهر رمضان، كما أن طقوس إحياء ليالي القدر تتنوع من مذهب إلى آخر، وهناك من يفضل إحياء هذه الليالي في مساجد أو مراقد دينية معينة دون غيرها.

وبهذا الصدد، يؤكد المواطن من محافظة ميسان، علي عبد الحسين الموسوي (43 عاما)، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العديد من أهالي المحافظات الوسطى والجنوبية (المسلمون الشيعة) يتوجهون إلى ضريح الإمام علي بن أبي طالب في النجف، أو ضريحي الإمامين الحسين والعباس ابنا علي بن أبي طالب في كربلاء، لإحياء ليلة القدر”.

ويشير إلى أن “إحياء هذه الليلة يتطلب الكثير من الأعمال المستحبة، وتقسم هذه الأعمال إلى عدة أقسام منها: هي الغُسل عند غروب الشمس، والصلاة ركعتان، والدعاء، وغير ذلك”.

وفيما يعتقد المسلمون الشيعة بأن ليالي القدر هي ثلاث، ليلة 19 من رمضان وهي الليلة التي أصيب بها الإمام علي بن أبي طالب وتسمى “ليلة الجرح”، والليلة 21، وآخرها الليلة 23 من الشهر والتي توفي فيها بن أبي طالب، يرى المسلمون السنة أن ليلة القدر هي الليلة السابعة والعشرين من شهر رمضان.

ويذكر المواطن من محافظة الأنبار، عمر عبد الله الدليمي (58 عاما)، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المسلمين يتوجهون إلى المساجد في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، لأداء العبادات والأدعية وقراءة القرآن وغيرها من الأعمال الخاصة بهذه الليلة”.

ويختم بالقول إن “إحياء ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان تعد من أهم ليالي شهر رمضان لجميع المسلمين، فهي ليلة الفرقان والغفران والتوبة والرحمة والبركة والعتق من النار، وليلة سلام للمؤمنين من كل خوف”.

وتعددت آراء علماء المسلمين في تحديد ليلة القدر حيث وردت عشرات الأقوال والآراء بهذا الصدد، فهناك من قال إنها الليلة الثالثة والعشرين، وبعضهم ذهب إلى أنها الحادي والعشرين، وآخرون حددوا ليالٍ أخرى، إلا أنهم اتفقوا جميعا على أنها في آخر عشر ليالي فردية العدد.

إقرأ أيضا