تأكيد ونفي.. ما قصة «المنفذ الأسود» في الأنبار؟

كشفت جهات محلية في محافظة الأنبار، عن منفذ حدودي غير رسمي على الحدود السورية، يخضع لسيطرة جهات مسلحة لم تحددها، يطلق عليه “المنفذ الأسود”، مؤكدة استخدامه لإدخال البضائع والسلع وحتى المخدرات والممنوعات، ما يتسبب بخسائر كبيرة للعراق، وهو ما نفاه نائب عن كتلة الإطار التنسيقي، واعتبره جزءا من عملية “التسقيط” للحشد الشعبي الذي يرابط عند الشريط الحدودي.

ويقول الأمين العام لحزب أحرار الفرات، عبد الله الجغيفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك منفذا حدوديا غير رسمي في قضاء القائم بمحافظة الأنبار يربط العراق مع سوريا، ويبعد عن منفذ الوليد الرسمي نحو كيلومتر واحد يسمى المنفذ الأسود”.

ويضيف الجغيفي، وهو أحد السياسيين في الأنبار، أن “هذا المنفذ يخضع لسيطرة جهات مسلحة ولا سلطة عليه من قبل هيئة المنافذ الحدودية أو الحكومة المحلية في الأنبار، ويتم عبره إدخال جميع المواد الممنوعة مثل المخدرات ومختلف السلع والبضائع الأخرى، كما تجري عبره عمليات تهريب الأغنام والوقود وغيرها”.

ويؤكد أن “أغلب سائقي الشاحنات من العراقيين والسوريين يستخدمون هذا المنفذ ويدفعون الإتاوات للجهة المسيطرة عليه والتي تبدأ بـ800 دولار وتتصاعد بحسب نوعية البضاعة وحجم الحمولة، ولا يستخدمون المنفذ الرسمي الذي يمنع إدخال المواد المحظورة، ويجري عملية فحصها بالأجهزة الدقيقة”، لافتا إلى أن “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لا يعرف بهذا الأمر على الأغلب”.

وتشهد العديد من المنافذ الحدودية في العراق، عمليات تهريب تسيطر عليها جهات نافذة، كما تتحكم بدخول وخروج البضائع، وتفرض الأتاوات على التجار، فضلا عن استحواذ بعض تلك الجهات على إيرادات من المنافذ، التي تذهب في الغالب لأحزاب متنفذة في الدولة، بحسب تقارير سابقة لـ”العالم الجديد”، فيما تعتبر أبرز المواد التي يتم تهريبها هي الأدوية والسيارات.  

ويرتبط العراق عبر 24 منفذا حدوديا بريا وبحريا مع الدول الست المجاورة له، وهي الكويت، السعودية، الأردن، سورية، تركيا، وإيران، وبحسب عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر، فقد صرح العام الماضي أن التقديرات التخمينية تشير إلى أن إيرادات المنافذ الحدودية تتراوح من 12- 16 مليار دولار سنويا، لكن ما يصل الى خزينة الدولة أقل من ملياري دولار أي فقدان أكثر من 10 مليارات دولار على الأقل.

بدوره، يؤكد الخبير الاقتصادي خالد الفهداوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “وجود منفذ غير رسمي في الأنبار يتسبب بخسارة المحافظة لأكثر من ملياري دينار يوميا، في حين تقدر الأرباح اليومية للمنفذ الرسمي في قضاء القائم بثلاثة مليارات دينار، فالتجارة مع سوريا شهدت تطورا كبيرا في الفترة الأخيرة، ولكن وجود التهريب والمنافذ غير الرسمية أدى لخسائر كبيرة وضياع أموال طائلة”.

ويبين الفهداوي، أن “نسبة من إيرادات المنافذ الحدودية تذهب إلى الحكومات المحلية في المحافظات بهدف تطوير المنشآت الحيوية، وبالتالي فإن التهريب يؤثر على الأنبار التي هي بحاجة لمزيد من التخصيصات المالية تصرف على تطوير المحافظة ومدنها وشوارعها وجسورها”.

وفي العام 2019 تمت إعادة افتتاح منفذ الوليد الحدودي بين العراق وسوريا في قضاء القائم بمحافظة الأنبار، وذلك بعد سنوات من خضوعه لسيطرة تنظيم داعش منذ العام 2014، إلا أن تحسن الأوضاع الأمنية في البلدين اللذين خضعت أجزاء كبيرة منهما لسيطرة التنظيم، أسهم بإعادة التبادل التجاري.

من جانبه، يشدد رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية كريم عليوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، على أن “البرلمان لا يقبل بأي تجاوز أو تهريب في المنافذ الحدودية مع جميع دول الجوار، وهو يقوم بدوره الرقابي، كما أن هيئة المنافذ الحدودية اتخذت إجراءات رادعة، وقللت من معدلات التهريب”.

ويعتبر أن “الحديث عن منفذ غير رسمي في القائم هو اتهام دون دليل، كما أن قضاء القائم منطقة حساسة تتواجد فيها فصائل الحشد الشعبي وهي من تحمي الشريط الحدودي مع سوريا، وهذه المنطقة الأخطر أمنيا وتعرضت مرات عديدة لقصف من قبل الطيران الأمريكي”.

ويرى عليوي، أن “أغلب هذه الاتهامات هدفها سياسي، والغرض منها تسقيط الحشد الشعبي وتشويه صورته أمام الرأي العام، وأيضا التحريض على المطالبة بإخراجه من محافظة الأنبار، لكن نحن بالعموم لا نقبل بالتهريب وإدخال المواد الممنوعة، ويجب أن تكون هذه الاتهامات موثقة بدليل، وليست اتهامات سياسية”.

وشكلت الحدود العراقية السورية طوال السنوات الماضية وما زالت، مشكلة أمنية خطيرة، حيث يجري عبرها بين وقت وآخر عمليات تسلل إلى الأراضي العراقية من قبل مجموعات تنتمي لتنظيمات إرهابية، وكذلك محاولات من قبل مواطنين سوريين عربا وكردا، بحثا عن فرص عمل في إقليم كردستان أو المحافظات الأخرى، إلى جانب عمليات تهريب المواد المخدرة وأبرزها حبوب الكبتاغون.

إقرأ أيضا