تحذيرات من التلوث الضوضائي في العراق.. بغداد الأعلى ضجيجا

بين ضجيج أصوات آلاف السيارات ومنبهاتها التي تضج برنّات مختلفة، ومكبرات الصوت للباعة المتجولين، فضلا عن أصوات مولدات الطاقة الكهربائية، يعيش العراقيون معاناة أصبحت جزءا من تفاصيل حياتهم اليومية، في ظل غياب قانون فاعل يحمي الساكنين من الضوضاء المستمرة.

ومع التضخم السكاني وتدني الخدمات وتراكم الأزمات الاقتصادية، جاءت، اليوم الاثنين، بغداد ضمن أعلى مناطق العالم في التلوث الضوضائي، ليضيف هم آخر يسلب راحة العراقيين.

ويشهد العراق ارتفاعا كبيرا في نفوسه، حيث تخطت 43 مليون نسمة، بحسب آخر إحصائية لوزارة التخطيط، بعد أن كانت نفوسه 35 مليونا في العام 2015.

إذ قال رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، في بيان تلقت “العالم الجديد” نسخة منه، أن “التلوث الضوضائي في العراق لا يقل خطورة عن تلوث الهواء والبيئة فيه، فيما أشار إلى أن أجهزة قياس الضوضاء في العاصمة بغداد سجلت ارتفاعا بنسب “التلوث الضوضائي” أعلى من المعدل المعتمد من قبل منظمة الصحة العالمية.

وأوضح الغراوي، أن “أجهزة التحسس لمنظمة الصحة العالمية، سجلت نسب قياسات  بالتلوث الضوضائي في بغداد، تراوحت بين ( 37،5 إلى  76 ديسبل) وهي أعلى من المحدد الخاص بالمناطق السكنية والمحدد من قبل المنظمة بـ45- 55 ديسبل”.

ورأى أن “أسباب ارتفاع التلوث الضوضائي يعود إلى ارتفاع معدلات النمو السكاني في العراق وانتشار المعامل والورش الصناعية داخل المدن بدون محددات بيئية، والارتفاع الكبير في أعداد السيارات الذي وصل إلى أكثر من سبعة ملايين سيارة التي تستخدم المنبهات العالية أو أجهزة المضخم أو المحورة (ثقب الصالنصة) وانتشار المولدات الكهربائية التي لا تحتوي على كواتم للصوت، إضافة إلى أصوات الطائرات”.

وأكد رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، أن “تقارير منظمة الصحة العالمية تبين أن الحد الأقصى للضوضاء التي يتعرّض لها الشخص يوميا يجب أن لا يتجاوز (85 ديسيبل) لمدة أقصاها ثماني ساعات في اليوم الواحد، وما فوق ذلك قد يؤثر بشكل سلبي على الصحة الجسدية والنفسية للإنسان”.

وأشار إلى أن “التعرض المستمر لمستوى ضجيج يتجاوز (80 ديسيبل) خلال الممارسات اليومية الاعتيادية، له أبعاد صحية جسيمة، وأن التلوث الضوضائي لا يؤدي إلى فقدان السمع وطنين الأذن وفرط الحساسية تجاه الصوت فحسب، وإنما قد يتسبب في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية أو يؤدي إلى تفاقمها، والإصابة بداء السكري من النوع الثاني، فضلا عن اضطرابات النوم والضغط العصبي ومشاكل الصحة العقلية والإدراك، بما في ذلك ضعف الذاكرة ونقص الانتباه، بجانب تأخر التعلم في مرحلة الطفولة”.

وطالب الغراوي، الحكومة والوزارات المعنية والمحافظات المحلية بـ”معالجة ارتفاع مؤشرات التلوث الضوضائي من خلال إنشاء مدن صناعية حديثة خارج المدن وإلغاء المعامل والمصانع والورش الصناعية داخلها، والزام أصحاب المولدات بوضع كواتم، ووضع غرامة على المركبات التي تستخدم المنبه والمركبات التي تصدر أصواتاً عالية بواسطة (جهاز المضخم) أو المحورة (ثقب الصالنصة)، ووضع مصدات للعزل الصوتي والحراري في المدن كافة”.

وأصبحت بغداد خلال الأعوام القليلة الماضية، تتصدر المراكز الدولية المختصة بتصنيف المدن الأسوأ في العالم من نواحي معيشية عدّة، إذ حافظت العاصمة على المراكز المتقدمة بين الدول الخمس الأولى خلال آخر تصنيفات.

وتشير توقعات وزارة التخطيط، المنشورة على موقعها الإلكتروني إلى أن نفوس البلد ستصل إلى 51 مليونا بحلول العام 2030، إذ كانت الوزارة قد أعلنت أيضا أن العام 2020 شهد تسجيل مليون و258 ألفا و28 ولادة.

وتأتي هذه الزيادة السكانية بالتزامن مع أزمات عديدة يعاني منها البلد، أبرزها البطالة والفقر وارتفاع أسعار المواد الغذائية، فضلا عن موازنات لم تتضمن أي تخصيصات لوظائف جديدة، بالإضافة إلى تردي البنى التحتية.

ويثير النمو الكبير بالنسب السكانية في البلاد مخاوف مختصين في الشأن المجتمعي، من تأثيرات سلبية، لا سيما مع عدم وجود خطط تواكب هذه الزيادات في الأعداد.

وينص قانون السيطرة على الضوضاء الذي اقره البرلمان في 2015، على انه يعاقب بغرامة لا تقل عن خمسين ألف دينار ولا تزيد مليون دينار، كل من خالف أحكام هذا القانون والأنظمة والتعليمات الصادرة بموجبه، الا أن الباعة استطاعوا ان يستبدلوا نص أغنية “فوك صوتك يا وطن ما يعلا صوت” ليكون صوتهم هو الأعلى، رغم تلك العقوبات.

وتشكو المدارس في العراق هي أيضًا من أصوات الضوضاء الصادرة عن الباعة المتجولين الذين يضعون مكبرات الصوت بشكل عشوائي أو من أصحاب السيارات، كون هذه الأصوات تنتقل إلى الصفوف الدراسية وتؤثر بشكل كبير على الدروس اليومية.

إقرأ أيضا