تحركات “المركزي” دون جدوى.. ما الحل النهائي لأزمة الدولار؟

أجمع متخصصون بالاقتصاد، على عدم جدوى إجراءات البنك المركزي العراقي للسيطرة على سعر صرف الدولار…

أجمع متخصصون بالاقتصاد، على عدم جدوى إجراءات البنك المركزي العراقي للسيطرة على سعر صرف الدولار في السوق، نظرا لعدم وجود حل حقيقي للحوالات التي تذهب لإيران عن قيمة البضائع المستوردة منها، وهي كلها “حوالات سود”، مؤكدين أن الحل الحقيقي هو التوصل لاتفاق مع واشنطن بشأن إرسال الدولار لإيران، كي يتوقف سحب العملة الخضراء من السوق.

ويقول الخبير الاقتصادي ناصر الكناني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الإجراءات التي أعلن عنها البنك المركزي العراقي، سابقاً والان، هي إجراءات ليست نهائية لحل أزمة الدولار، ولا يمكن لها السيطرة بشكل حقيقي على سعر الصرف في السوق الموازي”.

ويضيف الكناني، أن “أزمة الدولار في العراق مرتبطة بقضية الحوالات إلى ايران بشكل يومي، والتي تمر بشكل غير رسمي، وهذه الحوالات تتم عبر سحب الدولار من السوق الموازي، ما يجعله مرتفع أكثر من السعر الرسمي”.

ويذهب إلى أن إجراءات البنك المركزي، مازالت ترقيعية ولا تحل الأزمة بشكل حقيقي، فلا حل دون إيجاد حلول لصغار التجار، الذين يعتمدون على الحوالات السود، كما نعتقد أن سعر الصرف ربما يواصل الارتفاع خلال الفترة المقبلة، خصوصاً اذا زاد الطلب على الدولار في السوق الموازي”.

وكان البنك المركزي العراقي، أصدر يوم أمس الأربعاء، بيانا مطولا، أوضح في كافة إجراءاته للتعامل بالدولار، وتطرق فيه إلى المنصة الإلكترونية والحوالات الخارجية.

كما قرر البنك المركزي، يوم أمس أيضا أمس أيضا، زيادة رأس مال المصارف إلى 400 مليار دينار، وألزم المصارف بهذا القرار، وفي حال عدم تطبيق المصرف بزيادة رأس ماله، يخضع للإندماج أو التصفية أو الاستحواذ.

يذكر أن نائب محافظ البنك المركزي عمار حمد خلف، أكد يوم أمس، أن البنك المركزي يمول السوق بالدولار عبر هذه المنصة لفئات التجار وصغار التجار وعبر شركات الصرافة للمسافرين فقط، فيما كشف أن قرارات جديدة ستصدر الأسبوع المقبل قد تساهم بشكل كبير في خفض سعر صرف الدولار.

من جهته، يبين الخبير في الشأن المصرفي همام الشماع، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “إجراءات البنك المركزي، أكيد سيكون لها تأثير إيجابي على أزمة الدولار وتطوير العمل المصرفي في العراق وإبعاد الشبهات عنه أمام المجتمع الدولي، لكن هذه الإجراءات تحتاج إلى إجراءات أخرى وسريعة بهدف السيطرة على السوق الموازي”.

ويتابع الشماع “نعتقد أن حل أزمة الدولار في العراق والسيطرة على السعر في السوق وإلغاء ما يسمى السوق الموازي، تتم من خلال التفاوض مع الجانب الأمريكي، والوصول إلى حلول بشأن بعض الحوالات إلى إيران، التي تكون لسد فواتير المواد الغذائية وغيرها”.

ويحذر من أن “بقاء الأزمة دون حلول حقيقية ونهائية، سيدفع إلى ارتفاع الدولار من جديد في السوق الموازي خلال الأيام المقبلة، ولهذا على السلطة النقدية التحرك سريعاً لإيجاد حلول تنهي الحوالات السود”.

يشار إلى أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وجه يوم أمس، المؤسسات المعنية كافة، بالتقيّد بالعمل على وفق ما جاء في قانون البنك المركزي العراقي رقم 56 لسنة 2004، الذي بيّن أن البنك المركزي العراقي هو الجهة الوحيدة التي لها سلطة اتخاذ كافة الإجراءات لتنظيم ورقابة عمل المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية لضمان امتثالها، وذلك خلال لقائه رابطة شركات الصرافة، التي تعهدت من جانبها بالعمل طيلة أيام الأسبوع لبيع العملة الأجنبية للمواطنين بالسعر الرسمي المعتمد، وفقا للبيان الرسمي.

وتعاني السوق العراقية من أزمة في بيع الدولار للمواطنين من قبل شركات الصرافة، رغم تذبذب سعر صرفه، حيث انخفض من 159 ألف دينار لكل مائة دولار الأسبوع الماضي، إلى 152 ألف دينار قبل يومين، لكن هناك امتناع عن بيعه لعدم معرفة القرارات الجديدة وما سيتجه له السعر.

وكانت “العالم الجديد”، من أوائل الصحف التي كشفت أن تهريب العملة مستمر، على الرغم من الضوابط على المصارف، ويتم عبر حقائب تنقل براً إلى تركيا وإيران، بعد سحب الدولار من السوق المحلية وليس عبر نافذة بيع الدولار الرسمية، وأطلق عليها متخصصون آنذاك بـ”الحوالات السود”.

إلى ذلك، يرى الباحث في الشأن الاقتصادي حيدر الشيخ، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “البيان الأخير الصادر من البنك المركزي العراقي هو بمثابة توضيح عن عمل البنك بمواجهة أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي، كما أن البنك المركزي يعمل منذ فترة على مواجهة أزمة الدولار عبر إصدار قرارات وحزم إصلاحية”.

ويشير إلى أن “أغلب القرارات التي صدرت من البنك لم تؤثر على السوق بشكل صحيح، وهذا نرى اليوم أن سعر صرف 100 دولار في السوق الموازي يختلف عن السعر الرسمي بـ18 الف دينار، بمعنى آخر أنه مهما يقر البنك المركزي من إجراءات وقرارات مستحيل أن يكون سعر الصرف في السوق الموازي مقارب للسعر الرسمي”.

ويتابع أن “هناك الكثير من التجار يتخفون من الدخول إلى المنصة الإلكترونية لأسباب غير معروفة، ويتجهون إلى السوق السوداء لشراء مئات الآلاف من الدولارات بسعر سوق الموازي على الرغم من توفر الدولار بالسعر الرسمي عبر المنصة الإلكترونية، بالتالي أن زيادة الطلب يسبب في إرتفاع سعر صرف الدولار وانخفاض الدينار”.

ومنذ أشهر، تدخلت واشنطن للحد من تهريب الدولار من العراق، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية لمستوى قياسي بلغ 170 ألف دينار لكل مائة دولار، بسبب تراجع مبيعات البنك المركزي من الدولار، نظرا لخضوعه لنظام “سويفت” المالي الدولي.

وقد أصدر البنك المركزي 3 حزم إجراءات للسيطرة على بيع الدولار وضمان عدم تهريبه إلى الخارج، وقلل في بداية الأزمة من مبيعات مزاد العملة، ومن ثم عاود مؤخرا الارتفاع لمستواه السابق والبالغ نحو 300 مليون دولار يوميا.

إقرأ أيضا