توغل تركيا في العراق.. اتفاق أم احتلال؟

تتحدث وسائل إعلام تركية عن وجود اتفاق مع بغداد يسمح لها بالتوغل داخل الأرضي العراقية وإنشاء مركز عمليات، لكن لجنة الدفاع في مجلس النواب العراقي نفت هكذا اتفاق بين البلدين، وعبرت عن رفضها لتلك النشاطات العسكرية، مستغربة من صمت الحكومة العراقية على التوغل التركي لغاية اليوم.

بيد أن مراقبين للشأن السياسي والأمني، فسروا الصمت الحكومي، بأنه “ضوء أخضر” للتجاوزات التركية، وفيما وصفوا تلك التجاوزات بـ”الاحتلال”، انتقدوا “الموقف العراقي الخجول”، تجاه القوات التركية.

ويقول عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية علاوي نعمة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العراق يرفض بكل تأكيد أي تطاول على سيادته وأراضيه وما تقوم به تركيا في دهوك وعموم المدن الشمالية ليس بعلم وموافقة الحكومة العراقية وهذا ما أكدته أكثر من مرة”.

ويبين نعمة، أن “سكوت الحكومة العراقية على ما تقوم به القوات التركية في شمال العراق أمر غريب ويضع علامات استفهام كثيرة، وعلى الحكومة أن تتخذ مواقف حازمة تجاه ما تقوم به القوات التركية، فهذا السكوت دافع اكبر لأنقرة للتمدد والتوغل بشكل أكبر في العراق”.

ويضيف أن “لجنة الأمن والدفاع البرلمانية ستعمل على استضافة قيادات أمنية وعسكرية وكذلك حكومية لمعرفة أسباب هذا الصمت وكيفية التعامل مع هذه الاعتداءات، التي يجب أن لا يكون عليها صمت رسمي من العراق”.

وأورد تقرير لصحيفة تركية، اطلعت عليه “العالم الجديد”، أمس أن هناك اتفاقا تركيا مع العراق بشأن إنشاء مركز أسماه التقرير بـ”مركز الكفاح المشترك والعمليات المشتركة” ضد حزب العمال الكردستاني، ويشمل الاتفاق إنشاء مركز عمليات مشتركة و27 مركز شرطة على الحدود التركية لمحافظتي دهوك وأربيل، لافتا إلى أن مركز العمليات المشتركة سيكون في المنطقة الواقعة بين حفتانين والزاب.

من جهته، يؤكد الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم، خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “حكومة السوداني صامتة على ما تقوم به تركيا في دهوك، خاصة أنه أصبح توغلا خطيرا يقترب من مراكز المدن، وهذا يشير إلى أن بغداد تعلم بالتوغل وهي ساكتة عليه كونها موافقة بصورة مباشرة وغير مباشرة”.

ويوضح الحكيم أن “نفي حكومة السوداني بأنها لا تعلم بالعمليات العسكرية التركية والتوغل الجديد غير صحيح، بل هي تعلم جيدا وهي من أعطى ضوءاً أخضر من خلال الصمت، الذي لم تشهده أي حكومة عراقية طيلة السنوات الماضية”.

ويتابع أن “العراق ليس من مصلحته الدخول بحرب مباشرة مع حزب العمال الكردستاني، خاصة هناك حلفاء لهذا الحزب من قبل أطراف سياسية ومسلحة، وهذا ربما ما دفع الحكومة العراقية إلى أن تقبل بالتوغل التركي وفق اتفاق غير معلن خشية من ردود أفعال الأطراف السياسية والمسلحة”.

وكانت القوات التركية نفذت توغلا جديدا داخل الأراضي العراقية، وتحديدا في محافظة دهوك، حيث انتشرت قواتها في الطرقات، وبدأت بمساءلة المواطنين عن هوياتهم المدنية، فضلا عن قصف قرى المحافظة بشكل يومي ومستمر، ما اعتبره مسؤولون ومراقبون في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، “احتلالا” يستدعي موقفا حازما من الحكومة الاتحادية.

وشهدت محافظة دهوك، يوم السبت الماضي، قصفا مكثفا، حيث تجدد 3 مرات على التوالي ما تسبب بأضرار في منازل المواطنين، وخاصة قضاء العمادية فيها، فيما انتشرت القوات التركية، بشكل منسق في قرى قضاء أميدي بدهوك، وجرى قصف ناحية ديرلوك بالمحافظة، بشكل مكثف أيضا.

بالمقابل، يرى المحلل الأمني أحمد الشريفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما يجري في دهوك ومناطق أخرى من قبل القوات التركية أمر خطير وكبير، ويعد عملية احتلال كبرى للمدن العراقية وهذا ما يتطلب من العراق التحرك سريعا لإيقاف هذا الاحتلال ومنع تحول الأراضي العراقية ساحة للصراع الإقليمي والدولي”.

ويبين الشريفي أن “موقف الحكومة العراقية خجول جدا ويدل على ضعف مواجهة التحديات الحقيقية وهو تهرب من المسؤولية لحفظ سيادة العراق ومنع تهديد أمنه القومي من قبل أي قوة خارجية، وهذا الأمر يتطلب اتخاذ موقف من القوى السياسية من صمت الحكومة”.

ويشير إلى أن “العراق ليس ضعيفاً، وله القدرة العسكرية لمنع التوغل والتمدد التركي، لكن الأمر متوقف على الإرادة السياسية التي لا تريد حفظ سيادة العراق وتريده ضعيفاً حتى تستمر في السيطرة على كامل الدولة العراقية وتحول العراق ساحة للصراع الإقليمي والدولي وفق ما يخدم أجندة دولية وليس أجندة وطنية عراقية”.

ورصدت منظمة “فرق صناع السلام” الأميركية (CPT)، دخول الجيش التركي صوب اقليم كردستان العراق بـ300 دبابة ومدرعة واقامة حاجز امني ضمن حدود منطقة بادينان، خلال الأيام العشرة الماضية، ووفقا للتقرير الصادر عن المنظمة، فإن الدبابات والمدرعات التركية توغلت في قرى (أورا ، وسارو، وارادنا، وكيستا، و چلك، وبابير).

وتضمن التقرير أيضا، فإنه تنقل حوالي 1000 جندي تركي بين قاعدة (گري باروخ) العسكرية التركية، وجبل (متينا) خلف ناحية (بامرني) في غضون ثلاثة أيام، و أقاموا حاجزا أمنيا بين قريتي “بابير” و”كاني بالافي”، ولا يُسمح لأي مدني بالمرور إلا بعد التحقيق معه وإبراز هوية الاحوال المدنية العراقية أو البطاقة الوطنية.

إقرأ أيضا