«دعارة في الوزارة».. جهات عليا بـ«الدفاع» تتعمد تسويف محاكمات المتورطين

تواصل “العالم الجديد” متابعتها لقضية شبكة الدعارة التي كشفت عنها في تقرير سابق، تورط فيها ضباط بوزارة الدفاع، وفي تطور جديد، كشف مصدر عسكري، عن قرب محاكمة المتورطين في المحاكم العسكرية، التي تقف تحت مطرقة ضغوط ضباط كبار لغلق الملف وتسويفه.

ويأتي ذلك بعد أن كشفت الصحيفة في تشرين الثاني نوفمبر العام الماضي، عن مساعٍ حثيثة لغلق ملف التحقيق وتسويفه، من قبل قيادات عسكرية عليا.

ويقول مصدر أمني مطلع، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المتورطين بملف الدعارة ستتم إحالتهم إلى المحكمة العسكرية، لكنها تواجه ضغوطا من قبل أطراف مؤثرة في رئاسة أركان الجيش ومكتب الوزير ثابت العباسي، بهدف تسويف القضية والاكتفاء بعقوبات شكلية، وإهمال التوصيات التي رفعتها لجنة التحقيق صاحبة الكشف عن الشبكة، ومن ثم غلق القضية بشكل نهائي”.

ويضيف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن “المحكمة العسكرية بطبيعتها خاضعة للضغوط والمساومات التي يمارسها قادة في وزارة الدفاع، فهي جزء من منظومة الوزارة، ومن المتوقع أن يتعرض قضاتها للضغوط ويتم تسويف الملف ويحسم بشكل نهائي”.

وكشفت “العالم الجديد”، في تقرير سابق نشر بتاريخ 23 أيلول سبتمبر الماضي، عن إدارة منتسب في وزارة الدفاع لشبكة دعارة، حيث يعمل على توفير الفتيات والنساء لضباط كبار في الوزارة، في منزل يملكه بمنطقة صناعية شعبية وسط العاصمة بغداد، كما أن المنتسب كان يحصل على هدايا مالية ومكافآت عينية، من قبل القادة، كما أنه أصبح يتقاضى مبالغ من زملائه المنتسبين، مقابل توسطه لنقلهم أو تثبيتهم في موقع معين، عبر علاقاته بالقادة، حيث يروجون أي طلب يتقدم به.

وفي 25 أيلول سبتمبر الماضي، أقرت وزارة الدفاع في بيان رسمي بتأكيد المعلومات التي وردت في تقرير “العالم الجديد” من إلقاء القبض على المتسببين، ولكنها اعترضت في بيانها على العنوان الذي أوردته الصحيفة.

وكان وزير الدفاع ثابت العباسي، أصدر في أيلول سبتمبر العام الماضي، أمراً بنقل رؤساء المحاكم العسكرية في الجيش، وإسنادها لآخرين.

إلى ذلك، يوضح الخبير في الشأن الأمني العميد المتقاعد عدنان الكناني، لصحيفة “العالم الجديد”، أن “أصحاب المراتب من الضباط وحتى المنتسبين، يحاكمون من خلال المحاكم العسكرية المختصة، والتي تكون برئاسة ضابط برتبة عميد حقوقي فما فوق، وهذا الأمر سارٍ وفق الأعراف القانونية العسكرية في العراق واغلب دول العالم”.

ويبين الكناني، أن “التدخلات بعمل هذه المحاكم والتأثير عليها امر طبيعي جداً، فهذه المحكمة مشكلة من قبل ضباط وبالتأكيد هناك رتب أعلى من ضباطها حتى في المناصب الإدارية والعسكرية، ولهذا فإن التأثيرات أمر متوقع وطبيعي في ظل المؤسسة العسكرية، التي يوجد فيها تدخلات سياسية كبيرة”.

ويضيف أن “الكثير من قضايا التحقيق في المحاكم العسكرية ولجان التحقيق المختلفة دائما ما تبقى معلقة دون أي نتائج تذكر وهذا بسبب الضغوطات والمجاملات أو التدخل السياسي والحزبي بعمل تلك اللجان، خاصة إذا لم يكن هناك تسليط إعلامي على القضية أو متابعة من الرأي العام”.

وغالبا ما تثار ملفات فساد داخل الوزارات الأمنية، سواء الدفاع أو الداخلية، ويجري اتهام ضباط كبار بها، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء بحقهم، باستثناء النقل، وفي حالات نادرة.

وتشهد المؤسسة الأمنية والعسكرية، خروقا كبيرة، في ما يخص بقاء الضباط بمناصبهم العليا لسنوات طويلة، متجاوزين السقف الزمني المحدد لكل منصب، وبحسب تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، كشفت وثيقة عن توجه رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة إلى معالجة المسألة، لكن جميع التوجيهات التي أصدرها وزير الدفاع استجابة لهذا التوجه لم تنفذ.

من جهته، يرى الباحث في الشأن العسكري أحمد الشريفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “التدخلات والضغوط على عمل المحاكم العسكرية في العراق أمر طبيعي وحصل ويحصل في الكثير من القضايا، فحتى المحاكم المدنية تتعرض في بعض الأحيان إلى الضغوطات والتهديدات المختلفة”.

ويضيف الشريفي. أن “إخفاء بعض قضايا التحقيق في المؤسسات العسكرية امر طبيعي، بسبب خشية كشف الرؤوس الكبيرة المتورطة بالقضايا سواء قضايا الفساد المالي والإداري وغيره، ولهذا نجد الضغوطات بقوة لإغلاق الكثير من قضايا التحقيق وعدم كشفها أمام الرأي العام حتى لا تكون عليها متابعة”.

ويشدد الباحث في الشأن العسكري على ضرورة “إجراء تغييرات مستمرة في رؤساء المحاكم العسكرية المختلفة، حتى يكون هناك تحرر من الضغوطات أو المجاملات، ويكون هناك حسم للقضايا او يكون هناك تنسيق وتعاون مع الجهات القضائية المختصة، حتى تكون هناك حصانة وقوة للمحاكم العسكرية من أي تدخلات”.

وجرت تغييرات كبيرة في وزارة الدفاع مطلع العام الماضي، تم تنفيذ معظمها على أساس تقاسم الحصص بين الكتل السياسية، حيث تم تغيير مناصب القادة لا إحالتهم للإمرة أو التقاعد، حسبما كشفت “العالم الجديد”، وقد طالت التغييرات في حينها مناصب نائب قائد الدفاع الجوي، وقائد الفرقة 15، ومعاون مدير الاستخبارات العسكرية، ونائب قائد الفرقة السادسة، وقائد عمليات غرب نينوى.

يذكر أن القيادات الأمنية والعسكرية، دائما ما تخضع للمحاصصة والتدخل السياسي، وسبق لـ”العالم الجديد”، أن تناولت استمرار عشرات القادة في مناصبهم دون تغييرهم، رغم تجاوزهم السقف الزمني للبقاء في المنصب.

إقرأ أيضا