«زيادة ملحوظة» تدفع بغداد للتريث بإرسال رواتب موظفي كردستان

يبدو أن غياب الثقة بشأن إلتفاف إقليم كردستان على مسألة رواتب موظفيه مازال يهيمن على العلاقة بين أربيل وبغداد، رغم دفع الأخيرة رواتب أشهر كانون الثاني وشباط وآذار الماضيين، البالغة 913 مليار دينار عراقي.

فمع إعلان إقليم كردستان ايفائه بجميع التزاماته لوزارة المالية الاتحادية من أجل إرسال رواتب موظفي لشهر نيسان الماضي، كشفت مصادر مطلعة، اليوم الأحد، عن زيادة ملحوظة برواتب قائمة الموظفين، الأمر الذي دفع بغداد للتريث في إرسالها.

إذ قالت المصادر لـ”العالم الجديد”، إن “حكومة كردستان طالبت بقوائم رسمية، رواتب أشهر كانون الثاني وشباط وآذار البالغة 913 مليار دينار، والتي قامت بغداد بصرفها، الا ان وزارة المالية والاقتصاد في حكومة كردستان طالبت بـ969 مليار دينار كرواتب لموظفيها لشهر نيسان الماضي:,

أضافت أن “الزيادة البالغة 56 مليار دينار لم يعرف سببها، الأمر الذي دفع وزارة المالية الاتحادية إلى التريث بصرفها لتدقيق القوائم وبيان السبب”.

ويعتبر ملف رواتب موظفي الإقليم أحد أبرز المشكلات العالقة بين أربيل وبغداد، حيث تؤكد الحكومة العراقية ضرورة تسليم أربيل نفطها إلى بغداد وأن يتم التصدير من خلالها، بينما ترفض حكومة كردستان ذلك، ما أدى الى قطع بغداد رواتب جزء كبير من موظفي الإقليم ودفعها إلى آخرين على شكل متقطع وغير منتظم منذ عام 2014، إلى أن توقفت المرتبات نهائياً في أكتوبر تشرين الأول 2017 مع تداعيات استفتاء الانفصال.

إلى ذلك أعلن وزير المالية والاقتصاد في كردستان آوات شيخ جناب نوري، اليوم الأحد، بأن وزارته قد أوفت بجميع التزاماتها لوزارة المالية الاتحادية من أجل إرسال رواتب موظفي لشهر نيسان الماضي.

إذ قال نوري في تصريح لعدد من وسائل الإعلام تابعته “العالم الجديد”، إن “حكومة إقليم كردستان أدت ما كان لازما عليها من اجل ارسال رواتب شهر نيسان الماضي من قبل وزارة المالية العراقية”، مردفا بالقول “نتوقع أنه بعد الانتهاء من عملية توزيع رواتب الموظفين الاتحاديين سيتم إرسال رواتب اقليم كردستان”.

وكانت مصادر مطلعة، كشفت في 26 آذار مارس الماضي، ان قرار المحكمة الاتحادية بتوطين رواتب موظفي الاقليم، اطاح بـ 400 الف اسم مكرر كانوا يستلمون رواتب مزدوجة.

وعاش الموظفون في الإقليم، أزمات متوالية طيلة السنوات الماضية، أدت إلى شلل تام في الأسواق نتيجة تأخر صرف الرواتب وتطبيق نظام الادخار الإجباري الذي مارسته حكومة إقليم كردستان لسنوات عدة، بعد اعتماد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي سياسة “التقشف”، بالإضافة إلى الخلافات المالية بي بغداد وأربيل، مما أدى إلى أزمة خانقة وكبيرة.

وفي 17 آذار مارس الجاري أكد النائب السابق في اللجنة المالية النيابية أحمد الحاج رشيد، في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحكومة الاتحادية لم ترسل المبالغ المالية الكاملة لرواتب الموظفين في كردستان، لأن وزارة المالية في حكومة الإقليم لم ترسل قوائم وبيانات البيشمركة والأجهزة الأمنية وجهاز مكافحة الإرهاب وزانياري والأجهزة الاستخبارية، وذلك بسبب الآلاف من الفضائيين الموجودين في هذه القوائم، كون أحزاب السلطة لديها الآلاف من الأسماء الوهمية في الأجهزة العسكرية والأمنية، وبالتالي حكومة الإقليم امتنعت عن إرسال القوائم، خشية كشف أمرها”.

وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا، في 21 شباط فبراير الماضي، قرارا يلزم كلا من رئيس مجلس الوزراء الاتحادي محمد شياع السوداني، ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، بتوطين رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام لدى المصارف الاتحادية خارج الإقليم.

وقررت المحكمة أيضا الإلزام بتقديم الموازنة الشهرية لموظفي الإقليم لدى وزارة المالية الاتحادية، مع إلزام مجلس وزراء الإقليم بتسليم جميع الإيرادات النفطية وغير النفطية إلى الحكومة الاتحادية.

وتعد مشكلة تأخر صرف رواتب موظفي إقليم كردستان من بين الملفات العالقة بين بغداد وأربيل، إلى جانب المشاكل الأخرى المتعلقة بصادرات نفط الإقليم وإيرادات الكمارك والضرائب التي لم تتحصل على شيء منها الحكومة الاتحادية.

وكانت حكومة إقليم كردستان قد انتهجت في العام 2016 سياسة “التقشف والادخار الإجباري” للموظفين باستثناء القوات الأمنية، وبدأ الادخار بنسبة من 15 بالمئة من رواتب الموظفين، مع استقطاع نسبة 50 بالمئة من الراتب التقاعدي للدرجات الخاصة في عموم محافظات الإقليم، إلا أن الأمر في محافظة السليمانية والإدارات التابعة لها كان مختلفا بعد نشوب خلافات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والأحزاب الكردية الأخرى حيث أن صرف رواتب الموظفين بات يتأخر لعدة أشهر وصلت في بعض السنوات إلى عدم صرف الراتب لمدة سنة أو أكثر.

إقرأ أيضا