سعر النقّال 3.5 ملايين دينار والرصيد بـ7 أضعاف.. ماذا يجري في سجون العراق؟

تعج السجون العراقية بآلاف المحكومين لجرائم ارتكبوها وتم الحكم عليهم بمدد متفاوتة من السجن تتراوح بين الأشهر والسنوات وتصل إلى الإعدام لبعضهم، كما أن السجون نفسها وأوضاع من فيها تختلف من مدينة إلى أخرى وكذلك بين طبقة اجتماعية وأخرى، وبحسب تصريحات بعض المسؤولين فإن السجن بالمنطقة الخضراء والذي يطلقه عليه “سجن الأثرياء” يختلف عن سجن أبي غريب سيء الصيت.

مشاهد كثيرة تم نشرها مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي، تتعلق غالبيتها بوجود حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تعود لسجناء حيث أنهم يمارسون حياتهم الافتراضية بشكل طبيعي.

وحول هذا الأمر، يقول أحد السجانين في سجون بغداد، فضل عدم ذكر اسمه، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “جهاز الهاتف يباع في السجون بالعاصمة بغداد بسعر يصل إلى نحو 3.5 ملايين دينار (نحو 2.3 ألفي دولار)، علما أن سعره في الخارج لا يتجاوز الـ300 ألف (200 دولار)”.

ويضيف “الرصيد أو الكارت فئة 10 آلاف دينار يباع بسعر يصل إلى 75 ألف دينار (نحو 50 دولارا) بينما يبلغ سعره في الخارج نحو 10 آلاف و500 دينار، وسعر السيم كارت وصل إلى 50 ألف دينار”.

ويبين المصدر، أن “ارتفاع الأسعار بالنسبة للهاتف والرصيد ارتفعت نتيجة لتطبيق نظام البصمة على موظفي أقسام السجون والتي ساهمت بتقليل أعداد الفضائيين وهذا دفع بعض المدراء إلى رفع التسعيرات”.

وبحسب مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تصريحات مسؤولين حكوميين ونواب، فإن بعض السجناء المتنفذين وأصحاب الأموال يعيشون حياة مختلفة عن باقي السجناء ممن ليس لديهم علاقات سياسية أو نفوذ اجتماعي أو أموال.

وتؤكد العضو السابق في المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق سلامة الخفاجي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “موضوع الهواتف النقالة لدى السجناء لا يمكن تعميمه بل هي فقط أماكن معينة في بعض السجون وليس مراكز التوقيف، وغالبا ما تتواجد في فترة قضاء المحكومية من قبل السجناء وبالتالي تحصل علاقة وتواصل مع المسجونين والقائمين على السجون تسهل حصولهم على بعض الهواتف”.

وتشير إلى أنه “خلال وجودنا في مفوضية حقوق الإنسان وردتنا معلومات عن وجود هواتف لدى السجناء وأجرينا جولات تفتيش إلا أننا لم نجد شيئا، كما أن عمليات التواصل بين المسجون وذويه يجب أن تكون عبر لقاءات مباشرة توفرها إدارات السجون وليس الاتصال بهذه الطريقة عبر الهواتف النقالة”.

وتبين الخفاجي أن “تجربة إقليم كردستان في العناية بالسجين وإعادة تأهيله ودمجه بالمجتمع من خلال خطوات متقدمة وأكثر رحمة في التعامل، كون أن الغرض الأساسي من وجود الشخص في السجن هو تأهيله بعد العقوبة التي نالها نتيجة لارتكابه فعلا معينا، وحرمانه من ذويه بشكل تعسفي يخلق منه شيئا آخرا”.

وتتابع “تم تسجيل نوعا من القسوة في مراكز توقيف العاصمة بغداد مع الموقوفين وطريقة زيارتهم من الأهالي وفي بعض الأحيان يشعرونهم بالدونية والإذلال ولا توجد طرق متبعة فيها لتأهيل المسجون ليعود من جديد لممارسة حياته بشكل طبيعي”.

يذكر أن وزارة العدل أعلنت في العام 2023 عن عزل أكثر من 20 موظفا في السجون نتيجة انتهاكاتهم وإدخالهم للممنوعات داخل السجون، وفيما اعتبرت أن هذا الملف يعد تحديا كبيرا كون السجون فيها اكتظاظ، وهناك تراكمات للأخطاء منذ عدة عقود، وبالتالي من الصعب معالجتها جميعا، أشارت إلى أن نسبة الاكتظاظ وصلت إلى 300 بالمئة، وأن الطاقة الاستيعابية تتجاوز الـ25 ألف سجين، وهناك أكثر من 60 ألف سجين داخل السجون ومن الصعب السيطرة على هذه الأعداد.

ويبلغ عدد السجون في عموم البلاد يبلغ 30 سجنا، تضم نحو 60 ألف سجين بين محكوم وموقوف بجرائم جنائية أو بقضايا “الإرهاب”، ومن بين السجناء 1500 امرأة و1500 سجين عربي، إضافة إلى سجن آخر فدرالي يعرف بسجن “سوسة” في محافظة السليمانية ضمن إقليم كردستان العراق المرتبط بوزارة العدل الاتحادية.

إلى ذلك، يوضح رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب رفيق الصالحي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العديد من ملفات الفساد طرحت على طاولة النقاش داخل قبة البرلمان حول ما يجري في السجون العراقية سواء من انتهاكات أو إدخال مواد ممنوعة أو التمييز بين السجناء”.

ويدعو وزارة العدل إلى “إيلاء الاهتمام الكبير بملف السجناء وعدم تمييز المسجونين على اعتبار أن جميع السجناء متساوون بالخدمة، حيث هناك إساءات وعدم مساواة وغيرها من الأمور”.

تجدر الإشارة إلى أن هناك الكثير من عمليات التعذيب تحصل لبعض المعتقلين لدى الجهات الأمنية لانتزاع الاعترافات منهم مما يضطر بعضهم أحيانا إلى الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها، في حين أن سجناء آخرين لا يتعرضون لذلك في حال كان لديهم علاقات مع أشخاص أو جهات متنفذة سياسيا أو اجتماعيا أو من الطبقة الثرية، كما أن هناك تمييزا في مدد أحكام السجن تختلف من سجين إلى آخر وفقا لمكانته وتأثيره السياسي والاجتماعي، ووصل الأمر إلى أن مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي يحصلون على أحكام مخففة في حال مخالفتهم للقوانين في حين يتم تطبيق القانون بشدة على غيرهم حتى وإن ارتكبوا نفس المخالفة.

إقرأ أيضا