«عاصمة» بابل التاريخية.. تراجع بالخدمات ووعود بـ«ثورة إعمار»

تواجه مدينة الحلة مركز محافظة بابل التي تضم أشهر المدن التاريخية عالميا، تراجعا كبيرا في الخدمات، على الرغم من أنها كانت في طليعة المدن الحضارية تاريخيا، وفيما يعزو مختصون ذلك إلى منح المشاريع الخدمية لشركات غير رصينة، يؤكد مسؤولون محليون أن الحلة تشهد “ثورة خدمية” ستظهر ثمارها قريبا.

ويقول الصحفي والناشط عيسى العطواني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ما يحدث في محافظة بابل منذ عقدين من الزمن عار على كل الحكومات المتعاقبة والأحزاب التي شاركت في العملية السياسية في بابل والعراق عموما، وأجزم أن كل رؤوساء الوزراء لم يولوا بابل أي اهتمام”.

ويضيف العطواني، أن “مدينة الحلة على وجه الخصوص منكوبة، وفي تراجع مستمر بالخدمات، فهل من المعقول أن مدينة عريقة مثلها مخدومة بالمجاري بنسبة 4 بالمئة فقط، وشوارعها تخلو من الأرصفة بسبب تعاقب مجموعة من الفاشلين واللصوص على حكمها، وهذه هي النتيجة”.

يشار إلى أن من أهم المشاريع الخدمية في الحلة، هو مشروع مجاري الحلة الكبير، المعطل منذ سنوات، حيث سبق لمجلس محافظة بابل الإعلان في العام 2014، عن إحالته إلى شركتين محليتين للتنفيذ بكلفة 400 مليار دينار، لكن لم يتم تنفيذه، لكن الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني أقرت الاستمرار بالتعاقد بين محافظة بابل وشركة (GCITS Babel Limited)، (ائتلاف الشركات) المشار إليها في قرار مجلس الوزراء (242 لسنة 2020)، بشأن عقد مشروع مجاري الحلة الكبير/ المرحلة الأولى.

بدوره يوضح عضو مجلس محافظة بابل رياض عداي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مشكلة المحافظة وسبب التراجع الخدمي فيها هو منح المشاريع إلى شركات غير رصينة مثل شركة (نيم) التركية التي تعمل حاليا على تأهيل شارع 60، هذا الشارع الحيوي المهم الرابط يين بابل والمحافظات”.

ويحمل عداي، حكومة بابل السابقة “مسؤولية التعاقد مع الشركة التي فوجئنا بأنها لا تملك أبسط مقومات العمل، وهي الآليات، ما تسبب ببطء العمل خاصة وأن قيمة المشروع بلغت 42 مليار دينار (نحو 28 مليون دولار)، كما أن هناك انحرافا بجدول تقدم العمل بنسبة 10 بالمئة، وهذا مؤشر خطير على اعتبار أنه منذ 10 أشهر والعمل يتراوح في مكانه.

ويعزو مجمل التراجع الخدمي في محافظة بابل إلى “الحكومة التنفيذية السابقة في المحافظة فمن خلال التدقيق لموازنة الأعوام السابقة تبين أن هناك أكثر من 30 مليار دينار (نحو 20 مليون دولار) عادت إلى موازنة الدولة بسبب التأخير”.

وتتكون مدينة الحلة القديمة من عشر محلات، سبع منها في الجانب الكبير الغربي عبر ما يسمى شعبيا شط الحلة، وهو فرع من فروع نهر الفرات، والمحلات هي الجامعين، والطاق، وجبران المهدية، والجباويين، والتعيس، والكراد، أما محلات الجانب الصغير (الشرقي) الثلاث فهي الوردية، والكلج، وكريطعة.

وسبق لـ”العالم الجديد”، وأن تناولت واقع شط الحلة وتحوله إلى مكاب نفايات بعد أن كان أحد أبرز معالم المدينة، ويذكره الشعراء في قصائدهم.

من جانبه، يشير مدير بلدية الحلة، أحمد الحربي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “مدينة الحلة تشهد ثورة إعمار كبيرة وخاصة بعد إحالة مشروع مجاري الحلة الكبير المرحلة الأولى، وإحالة مشروع أيمن شارع 60، إلى التنفيذ، وفي حال إكمالهما سيكون تغييرا كبيرا في الواقع الخدمي، بالإضافة إلى إكمال أعمال البنى التحتية كافة من الكهرباء والماء والاتصالات وتعبيد الطرق”.

ويردف “مدينة الحلة تشهد نقصا كبيرا في البنى التحتية، خاصة في السنوات الماضية وبعض المناطق مخدومة بالمجاري لكن تعاني الإهمال بالبنى التحتية، وقد أكملت بلدية الحلة أعمال البنى بقيمة 97 مليار دينار”.

ويؤكد الحربي “ثورة الإعمار في المدينة تتضمن إعادة تأهيل المنطقة القديمة في السوق الكبير، وفتح شوارعها المغلقة منذ فترة طويلة بعد رفع التجاوزات، وإعداد كشوفات لإظهار شكل معماري جيدا للمنطقة، بالإضافة إلى الإكساء الحجري لشط الحلة، وكل آليات بلدية الحلة داخلة بالعمل لرفع الأتربة والأنقاض نتيجة هذه المشاريع بواقع وجبتيّ عمل صباحية ومسائية”.

ويلفت إلى أن “هناك مشكلة في مجال التنظيفات بنسبة 40 بالمئة في بلدية الحلة، وبعد سلسلة من الاجتماعات بمعالجة الفجوة بخيار توفير آليات وتوفير موارد بشرية، لكن موضوع التعاقد مع موارد بشرية وشراء آليات يحتاج وقت وتم استحصال موافقة محافظ بابل للتعاقد مع الشركات وفي طور إكماله”.

ويختم بالقول “من المشاريع الأخرى المستحدثة هو مشروع الماء الخام، كون مدينة الحلة تفتقر إليه، ما أدى إلى قلة المنتزهات والجزرات الوسطية، وحاليا نقوم باشرنا بحملة إعمار للجزرات الوسطية وتأهيلها بعد إنجاز مشروع الماء الخام”.

يذكر أن فريقا بحثيا، أكد العام الماضي، تعرض شط الحلة إلى مستويات عالية من التلوث وأصبح مكباً للنفايات نتيجة رمي الكثير من فضلات الأسواق والخضر ومياه المحال والحيوانات الميتة، وكذلك المنظفات والمخلفات الطبية وفضلات المطاعم والعلب البلاستيكية والصفائح الكارتونية ومخلفات المنازل وغيرها، محذرا من استمرار التلوث البيئي للشط لأنه سيؤدي لامحالة إلى تفشي الأمراض الوبائية الخطيرة مثل السالمونيلا والتيفوئيد واي كولاي وغيرها من أمراض الجهاز الهضمي والكلى والجلدية والسرطانية.

إقرأ أيضا