عقدة سنجار تتجدد.. وملف النازحين في المقدمة

تكررت كثيرا خلال العامين الحالي والماضي، تصريحات المسؤولين التي يؤكدون من خلالها إنهاء ملف النازحين وغلق مخيماتهم في جميع أنحاء العراق، إلا أن الأمر لم يحسم لغاية الآن على أرض الواقع، وعلى الرغم من إعلان وزارة التربية عن إنهاء دور ممثلياتها في إقليم كردستان، حيث انتشرت هناك العشرات من المدارس العربية لاستقبال تلاميذ العوائل النازحة، لكن ما زالت الآلاف من العوائل تقطن المخيمات وفي مقدمتها الإيزيديين الذي هجروا من نينوى عندما اجتاح تنظيم داعش المحافظة عام 2014.

واضطرت عشرات الآلاف من العوائل في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وكركوك وديالى، إلى النزوح نحو مخيمات في محافظاتهم إلا أن أغلبهم اتجهوا إلى إقليم كردستان الذي استقبل أكبر عدد من النازحين، وفي مقدمتهم الإيزيديون النازحون من قضاء سنجار في نينوى.

ويقول عضو لجنة الهجرة النيابية شيروان دوبرداني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الأوضاع غير مهيأة إطلاقا لعودة نازحي سنجار في الوقت الحالي، والعوائل النازحة سيتم نقلها من المخيمات في دهوك وأربيل إلى مخيم آخر في قضاء سنجار، كون منازل المواطنين ما تزال مدمرة، والحياة غير مهيأة أمنيا وخدميا لعودتهم”.

ويضيف دوبرداني، أن “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، زار سنجار مؤخرا، واطلع على وضع القضاء بنفسه، ورأى بأن الصورة الوردية التي نقلت له غير صحيحة إطلاقا، فالقضاء ما يزال بحاجة إلى المزيد من الدعم الحكومي لكي تتمكن جميع العوائل من العودة”.

ويشير إلى أن “الدستور العراقي أتاح لجميع العراقيين السكن في أي منطقة أو مدينة يرونها مناسبة لهم، وبالتالي مثلما هناك ممثليات لوزارة التربية في دول أخرى تضم مدارس عراقية، فلماذا لا يتم الإبقاء على مدارس النازحين في إقليم كردستان، بالرغم من أنها لا تكلف الدولة أموالا كثيرة”.

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قد زار قضاء سنجار في الرابع من آذار مارس الجاري، على رأس وفد حكومي ضمّ وزير الصحة، ومحافظ نينوى، ورئيس هيئة إعمار المناطق المحررة، ورئيس صندوق إعمار سنجار وسهل نينوى، ووكيل وزارة التخطيط، ونائب قائد العمليات المشتركة، وعددا من المستشارين والمسؤولين.

من جانبه، يؤكد قائممقام قضاء سنجار نايف سيدو، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “القضاء بحاجة لمزيد من الدعم الحكومي لتحقيق الاستقرار الذي يمكن النازحين من العودة، وهناك مشاكل عديدة تؤخر عودة النازحين”.

ويشير سيدو، إلى أن “الحكومة الاتحادية لم تتمكن من إنجاز ملف تعويضات المتضررين بالكامل، وما أنجز فقط هو 10 آلاف معاملة، وهذا الرقم يعتبر لا شيء قياسا بحجم الكارثة التي تسبب بها تنظيم داعش الإرهابي لسنجار وأطرافها”.

ويوضح “ما يزال لدينا دوام ثنائي وثلاثي في المدارس، ولدينا نقص كبير في الأبنية، وبالتالي فمدارس سنجار لا تستوعب الأعداد الكبيرة للطلبة الذين سيعودون إلى القضاء بعد غلق مدارسهم في إقليم كردستان”.

واجتاح تنظيم داعش في الثالث من آب أغسطس 2014 قضاء سنجار في محافظة نينوى، وارتكب مجازر دموية حيث قتل الآلاف من الشباب والرجال وكبار السن، فيما اختطف ما يزيد على الخمسة آلاف طفلة وشابة وامرأة، كما دمر معظم المنازل والمباني والبنى التحتية فيما قام بتفخيخ المنازل المتبقية.

ومنذ تحرير القضاء من قبضة التنظيم في 13 تشرين الثاني نوفمبر 2015، عادت العديد من العوائل النازحة من مخيمات النزوح إلى مناطق سكناها إلا أن أغلبها عادت مجددا إلى المخيمات لانعدام الخدمات إلى جانب أن منازلهم كانت مهدمة بالكامل أو بشكل جزئي.

إلى ذلك، يشدد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني سعيد ممو زيني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “من دون تنفيذ اتفاقية سنجار بين بغداد وأربيل الخاصة بتطبيع الأوضاع، فلن تتمكن العوائل النازحة من العودة والعيش بأمان”.

ويلفت إلى أن “سنجار ما تزال تحت سيطرة الفصائل الموالية لحزب العمال الكردستاني التركي، وهذا الحزب يمارس عمليات قتل وخطف وتجنيد للشباب والفتيات، والآلاف من العوائل يخشون العودة دون تحقيق الاستقرار الأمني بالكامل”.

وينبه إلى أنه “لا يمكن المجازفة بالوقت الحالي بإعادة العوائل النازحة، دون تحقيق الظروف المناسبة لهم أمنيا وخدميا، وأهمها إخراج حزب العمال والفصائل الموالية له من القضاء، وعودة الحكومة المحلية لتمارس عملها من داخل سنجار”.

يشار إلى أن حزب العمال الكردستاني التركي شارك في عمليات تحرير قضاء سنجار وشكل في العام 2018 وحدات حماية سنجار من الإيزيديين والإيزيديات وقام بتدريبهم على حمل السلاح ليتولوا حماية القضاء من هجمات تنظيم داعش.

وتعلن وحدات حماية سنجار عن رفضها عودة قوات البيشمركة إلى سنجار وتحمله مسؤولية تسليم القضاء إلى تنظيم داعش جراء انسحابها المفاجئ قبل يوم من اجتياح التنظيم لسنجار.

فيما يرى رئيس حزب التقدم الإيزيدي سعيد بطوش، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قضية النازحين وخاصة أهالي سنجار استغلت من قبل الأحزاب الكردية وتمت المتاجرة بهم لأغراض الحصول على أصواتهم في الانتخابات، وأيضا الحصول على الدعم المالي المقدم من المنظمات الإنسانية الدولية، ولعكس صورة إيجابية على أن الإقليم يحتضن النازحين وخاصة المكون الإيزيدي الذي تعرض لإبادة جماعية”.

ويؤكد بطوش، أن “سنجار مستقر تماما، ورئيس الوزراء زار القضاء، ولم يرى ما تتحدث عنه الأحزاب الكردية، من انفلات أمني أو جود عناصر مسلحة أجنبية، وما ينقص القضاء هو زيادة الدعم الحكومي وتعويض المتضررين، وهذا ما وعد به السوداني”.

وكانت الحكومة الاتحادية قد توصلت إلى اتفاق مع حكومة إقليم كردستان في 9 تشرين الأول أكتوبر 2020، إلى اتفاق لتطبيع الأوضاع في سنجار وإدارة القضاء من النواحي الإدارية والأمنية والخدمية بشكل مشترك، سميت باتفاقية سنجار.

وتقضي الاتفاقية أن تتولى الشرطة إرساء الأمن في قضاء سنجار، وإنهاء وجود حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية سنجار، وكذلك فصائل الحشد الشعبي، وإخراجهم بشكل كامل من القضاء، وإعادة إعمار المدينة. 

إقرأ أيضا