في ظل النفوذ الإيراني..هل نجح السوداني بتقريب العلاقات مع أنقرة وفشل مع واشنطن؟

قدم تقرير لمعهد “المجلس الأطلسي” الأمريكي، اليوم السبت، قراءة عن حول الزيارة الأولى للرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ أكثر من عقد، والأولى له كرئيس للجمهورية، الى العراق، بعد سنوات من العلاقات المتوترة، مبينا أن تلك الزيارة قد فتحت الفرض الجديدة للتعاون الاستراتيجي في مجالات حيوية مثل الطاقة والتجارة والأمن، وهي زيارة جاءت كنتيجة ايضا لتراجع ثقة بغداد وأنقرة بالنفوذ الأمريكي في المنطقة.

واعتبر التقرير الأمريكي الذي جاء تحت عنوان “رياح معتدلة فوق بلاد ما بين النهرين، ام مجرد هواء ساخن؟ وأطلعت عليه “العالم الجديد”، ان التقارب بمصالح انقرة وبغداد، قد يؤدي إلى ظهور العراق الاكثر استقرار منذ ايام غزو صدام حسين للكويت، قال إن “زيارة أردوغان مهدت الطريق لتحسين الاستقرار والازدهار الإقليميين، مع ما لذلك من آثار غير مباشرة على اقليم كردستان”.

وبعدما وصف التقرير العلاقات بين العراق وتركيا بأنها “مشحونة” خلال العقد الماضي، لأسباب من بينها المعركة القانونية الحادة حول تصدير نفط إقليم كردستان عبر خط أنابيب إلى تركيا، بالاضافة الى العمليات العسكرية التركية ضد حزب العمال الكردستاني على الاراضي العراقية، وذلك الى جانب الخلافات حول تدفق المياه من نهري دجلة والفرات، قال، إنه “في ظل الاضطرابات التي يشهدها الشرق الأوسط بسبب الحرب في غزة والصراع المفتوح على نحو متزايد بين اسرائيل وايران، فإنه يبدو أن القادة في تركيا والعراق قد أدركوا الحاجة الى حماية مصالحهم ودعم الاستقرار من خلال التعاون الإقليمي”.

واعتبر التقرير أن “الولايات المتحدة وإيران لعبتا بشكل غير مباشر، دورا في تحفيز الزيارة”، موضحا أن “بغداد لا تزال تعتمد على واشنطن من أجل تلقي مساعدات مكافحة الإرهاب والمساعدة المالية”.

وأشار الى ان “العراق رغم دعوته العلنية الى خروج القوات الامريكية، فانه يرغب في الحد من هذا الاعتماد من خلال تعاون امني وتنموي أقوى مع تركيا والخليج”.

وفي الوقت نفسه، قال التقرير، إن “رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مضطر الى التعامل بدقة مع النفوذ الإيراني على السياسة والأمن العراقيين في الوقت الذي يحاول فيه موازنة هذا النفوذ او الحد منه، في حين أن تطوير العلاقات مع تركيا يشكل بعدا آخر لهذه الاستراتيجية”.

ونقل التقرير عن أحد المراقبين في اربيل قوله، إن “الغرض الرمزي للزيارة العراقية هو اظهار ان بغداد تحظى بعلاقات مثمرة مع جيرانها في الشمال والجنوب، وليس فقط مع جارها المسيطر من جهة الشرق”.

ونقل التقرير عن المعلق قوله إن “الخليفة ابو جعفر المنصور شيد للمدينة أربعة أبواب، أهمها المواجه لخراسان، وبوابة بغداد لم تكن مفتوحة فقط لإيران وخراسان”. ونقل تصريحات لعدد من المسؤولين العراقيين تقول ان “وصول أردوغان يمثل مرحلة جديدة بالنسبة إليهم، وهذا يدل على أن باب خراسان في بغداد فقط هو المفتوح”.

وذكر التقرير، أن “تراجع الثقة في الخطط الامريكية للمنطقة يوفر لتركيا والعراق، وهما حليفان للولايات المتحدة، دوافع احتياطية إضافية من خلال التعاون”، مضيفا ان “غالبية العراقيين والأتراك يشككون في التزام الولايات المتحدة بالاستقرار، والسيادة، والديمقراطية في المنطقة، في حين يشكك المراقبون الإقليميون فيما إذا كانت الولايات المتحدة قد ردعت ايران عسكريا في العراق او سوريا او ما اذا كان من الممكن لواشنطن أن تقوم بذلك”.

ودعا التقرير الى ملاحظة ان “الولايات المتحدة دعمت مشروعا رئيسيا للتنمية والنقل، وهو الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الاوسط وصولا الى اوروبا، بما يتجاوز كلا من تركيا والعراق.”

ورأى التقرير، أن “مواجهة مشروع الخط الهندي قد اعطت دفعا جديدا للجهود الرامية إلى اعادة ضبط العلاقات الثنائية بين بغداد وانقرة”، مشيرا في هذا السياق الى مشروع “طريق التنمية” الذي يربط ميناء الفاو الكبير في محافظة البصرة بالأسواق العالمية عبر تركيا، وذلك بمشاركة استثمارية من كل من قطر والإمارات، بما سيساهم في دمج العراق في الشبكات الاقتصادية الإقليمية والعالمية”.

والى جانب نحو 3 اتفاقية بين بغداد وانقرة، قال التقرير، إنه “من وجهة نظر تركيا، فإن التعاون والرخصة القانوني لعملياتها ضد حزب العمال الكردستاني، هو المجال الأكثر إلحاحاً لرؤية تطورات ملموسة”.

وأشار التقرير، إلى انه “جرى تصوير الزيارة بشكل إيجابي، في الصحافة العراقية والتركية”، مضيفا أن “التقارير التركية تحدثت عن دبلوماسية وزير الخارجية هاكان فيدان الصبورة وتصميمه الاستراتيجي، مركزة على المكاسب الاقتصادية المتبادلة المحتملة، وحددت الفوائد المتوقعة من “طريق التنمية” مثل دوره في إمكانية تآكل سيطرة حزب العمال الكردستاني على مناطق واسعة في شمال العراق، بينما وسائل الاعلام العراقية على ضرورة التغلب على المشاكل القائمة منذ فترة طويلة وعلى وجود امكانية واسعة للتطور وتحسين العلاقات”.

 كما  اوضح، أن “التغطية الكردية للزيارة تناولت اشادات مسؤولين وخبراء بالانخراط التركي في العراق ويشددون على حاجة أنقرة للحفاظ على علاقات وثيقة مع اربيل، وكذلك بغداد، لمنع استبعاد إقليم كردستان من فوائد العلاقات الوثيقة”.

وقال التقرير الأمريكي “إن هذا الفصل الجديد الواضح في العلاقات الثنائية له حدود ويحمل مخاطر”، موضحا أن “أحد القيود يتمثل بمحدودية قدرة الحكومة العراقية على الوصول الى حزب العمال الكردستاني حيث أن مواردها العسكرية والاستخباراتية في المناطق الحدودية النائية حيث ينشط حزب العمال الكردستاني، محدودة”.

وبحسب التقرير فإن “هناك بعض الاحتمالات بأن بغداد تعرض دعما محتملا لمكافحة حزب العمال الكوردستاني بهدف إقناع انقرة بتقليص دعمها لحكومة اقليم كردستان”، مضيفا أن “مثل هذا الاحتمال يشكل خطرا استراتيجيا يتحتم على انقرة الحذر منه لان العلاقات الوثيقة بين انقرة وأربيل جلبت فوائد اقتصادية وأمنية كبيرة لكليهما”.

وتابع التقرير أنه “من بين القيود الاخرى، هو استمرار نفوذ ايران في بغداد والشكوك في النفوذ التركي هناك، وهو ما سيسعى عملائها ووكلائها بالتأكيد إلى التقليل منه”.

ويختم التقرير بالقول إن “طريق التنمية” يضيف عنصرا اقتصاديا ديناميكيا جديدا الى المعادلة الثنائية بين الطرفين، مما يرجح أن يكون الوعد بتعزيز  علاقات الجوار أكثر جوهرية، مقارنة بالتعبيرات السابقة عن النوايا”.

وتابع قائلا، إن “الاطار الاستراتيجي، الى جانب عامل المنطقة المضطربة بشكل متزايد، والمشروع الاقتصادي الجديد المدعوم خليجيا، يعني أن المحور الحالي قد يكون حقيقيا ويمثل اهمية استراتيجية”، مضيفا انه “في حال تم  التعامل معه ببراعة، فان ذلك قد يؤدي الى ظهور العراق الاكثر استقرارا بين الجارتين مقارنة بما شهده العالم منذ غزو صدام حسين للكويت في عام 1990”.

ووصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 22 أبريل نيسان الماضي، إلى العاصمة بغداد في زيارة هي الاولى منذ 13 عاما، فيما وصف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، زيارة اردوغان الى العراق، بأنها “ليست زيارة عابرة”، وستتضمن لأول مرة وضع الحلول بدلا من ترحيل الازمات.

إقرأ أيضا