كابوس المخدرات يدفع بابل لافتتاح مصحة تعالج مدمنيها «قسرا»

عام بعد آخر تتوسع دائرة تعاطي وتجارة المخدرات في العراق، وبعد أن كانت حتى سنوات قريبة مجرد أخبار تتداولها وسائل الإعلام في فترات متفاوتة، باتت في السنوات الأخيرة حديث يومي من قبل الصحافة والجهات المختصة والمواطنين، وتحولت إلى أشبه بالكابوس الذي يقلق العوائل خوفا على أنبائها وبناتها من هذه الظاهرة، وكذلك أجهزة الدولة التي تكاد تكون عاجزة عن القضاء عليها.

وعلى الرغم من أن القوات الأمنية بمختلف صنوفها تعلن يوميا عن إلقاء القبض على متعاطي ومروجي وتجار المخدرات، ومراكز معالجة الإدمان التي يتم افتتاحها بين وقت وآخر، لكن ما زالت هذه الظاهرة الخطيرة حاضرة بقوة على أرض الواقع.

ويقول محافظ بابل وسام أصلان الجبوري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “وزير الداخلية عبد الأمير الشمري افتتح أول مصحة قسرية لمعالجة متعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية، سعتها 400 سرير واستقبلت في يوم افتتاحها 190 متعاطيا للمخدرات بين موقوف أو محكوم”.

ويضيف “المصحة مجهزة بأحدث الأجهزة والمفروشات، وبها أربع قاعات مكيفة لفصلي الصيف والشتاء، وأيضا قاعات للتدريس والتدريب لبعض المهن الفردية، ومستوصف طبي وعيادات لطب الأسنان والباطنية، وقاعات للرياضة وملاعب كرة القدم، ومطعم يقدم الوجبات باستمرار”.

ويتابع الجبوري “وفرت دائرة صحة بابل فريقا طبيا لدمج ضحايا المخدرات مع المجتمع وإعادة الثقة بأنفسهم وتناسي تجربتهم المريرة ومنع عودتهم إلى التعاطي”.

ويوضح أن “افتتاح هذه المصحة جاء بسبب زيادة تعاطي المخدرات في المحافظة فخلال العام الماضي ضبطت قيادة شرطة بابل 18 كيلوغراما من مادة الحشيش و8 كيلوغرامات من مادة الكرستال وآلاف الحبوب المخدرة”.

ويوم أمس الاثنين، كشف وزير الداخلية عبد الأمير الشمري في إحصائية عن المخدرات لشهر شباط فبراير الماضي، تلقتها “العالم الجديد، عن ضبط 390 كيلوغراماً من المواد المخدرة، وتسعة أطنان من المؤثرات العقلية، والقبض على 1431متهما بالمتاجرة والتعاطي، من بينهم تجار دوليون بينهم 16 عراقيا وستة أجانب.

وكانت “العالم الجديد”، كشفت عن نسب تعاطي المخدرات بين الشباب “ذكورا وإناثا” في العديد من المحافظات، ومنها كركوك، حيث بلغت نسبة التعاطي فيها 5 بالمئة، فيما كشفت مصادر أيضا عن طريق وصول المخدرات إلى كركوك، ومن ثم الطريق نحو بغداد.

وبهذا الصدد، يبين الباحث الاجتماعي في المصحة علي كاظم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العلاج المقدم في المصحة يتم عبر مرحلتين، أولا العلاج الصحي لمدة 14 يوما، وهي مرحلة سحب السموم من جسم المتعاطي، ثم مرحلة العلاجي النفسي والسلوكي المعتمد على فترة الإدمان ونوعية وقوة المادة المخدرة وتاريخ الإدمان وفترة العلاج تمتد من شهرين إلى ستة أشهر”.

ويشدد على “الحاجة إلى حملة توعية عن مخاطر المخدرات والتي تفشت نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتي تدفع الشباب نحو المخدرات، كما يجب مراقبة الحدود للحد من دخولها للبلاد”.

يشار إلى أن أكثر أنواع المخدرات رواجا كما يؤكد مسؤولون أمنيون، هي مادة الكريستال التي يتراوح سعر الغرام الواحد منها بين 15 إلى 25 ألف دينار (11.5 إلى 19 دولارا)، والكبتاغون التي يصل سعر الحبة الواحدة منها إلى نحو دولارين، وغالبية متعاطيها هم من فئة الشباب بين 18 إلى 30 سنة.

وكان مجلس النواب العراقي قد شرع قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017، وضم 51 مادة، إثر دخول العراق في معاهدات دولية عديدة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، ومع الارتفاع الكبير في أنشطة العصابات الإجرامية المتخصصة بتهريب وترويج المخدرات في مختلف أنحاء البلاد، وحتى زراعة بعض أنواعها.

ونصت المادة الثالثة من القانون، على تأسيس هيئة تابعة لوزارة الصحة باسم الهيئة الوطنية العليا لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية، مهمتها وضع سياسة عامة لاستيراد أي نوع من المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيمياوية وتصديرها.

بدوره، يوضح مسؤول مديرية شؤون المخدرات والمؤثرات العقلية في بابل العميد حيدر السعدي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “التقديرات تشير إلى أن نسبة متعاطي المخدرات في بابل تقدر بنحو 35 بالمئة، وهذا يدق ناقوس الخطر”.

ويؤكد على أن “تفكيك عصابات المخدرات بات أمرا شبه يومي حيث نقوم بمطاردتهم ومداهمة أوكارهم، إلى جانب اعتقال متعاطي المخدرات والذين يجب إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع والتوعية والتثقيف لجميع طبقات المجتمع في الجامعات والمدارس”.

وكان جهاز الأمن الوطني قد أعلن في 14 كانون الأول ديسمبر 2023، عن تفكيك شبكة دولية لتجارة المخدرات بحوزتهم 12 كيلوغراما من الكرستال في البصرة، مكونة من 10 أشخاص، المتهم الرئيس فيها كان يعمل على إدخال المخدرات من خارج الحدود إلى المحافظة.

وورد ضمن ملف المخدرات الذي أعدته “العالم الجديد” وشمل محافظات عديدة، أن نسبة تعاطي المخدرات في محافظة كربلاء، ذات الطابع الديني، تراوحت بين الشباب بين 3-5 بالمئة خُمسهم نساء، وسط تعكز كبير على مركز واحد لمعالجة الإدمان من المؤمل أن يفتتح قريبا داخل “المستشفى التركي”، فيما كشف الملف عن تفاصيل وأرقام صادمة بشأن تعاطي المخدرات في واسط وذي قار، حيث بلغت نسبة التعاطي بين شباب ذي قار 20 بالمئة، بينهم 5 بالمئة إناث، فيما استفحل التعاطي بين الإناث والذكور أيضا في واسط، وبنسبة مرتفعة بحسب المتخصصين، من دون تحديد الأرقام لافتقار المحافظة إلى مراكز متخصصة.

إقرأ أيضا