ماذا تحمل حقيبة السوداني الاقتصادية إلى واشنطن؟

بعيدا عن ملف الأمن، حمل الوفد العراقي إلى واشنطن حقيبة تحمل ملفات اقتصادية ثقيلة ينوي تسويتها والعودة بنتائج مثمرة على هذا الصعيد.

ويتفق مراقبون للشأن السياسي والاقتصادي على أن العراق ماض بتحويل اتفاقية الإطار الاستراتيجي من الورق إلى التنفيذ لاسيما في مجال الاقتصاد والاستثمارات في ملفات الطاقة والزراعة والصناعة، لافتين إلى تحقق انفراجات في النظام المصرفي، لكن خبيرا اقتصاديا ينتقد استبعاد الوفد العراقي هيئات واتحادات اقتصادية مهمة كان من المفترض وضعها على مقاعد الرحلة.

ويقول الخبير الاقتصادي صفوان قصي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “حكومة السوداني ذاهبة باتجاه تفعيل اتفاقية الإطار الاستراتيجي مع الجانب الأمريكي، والتحول بها من الجانب الورقي إلى العملي في كل الملفات، ويبدو أن ملف الاستثمار أخذ حيزا كبيرا من الاهتمام لاسيما في مجال الطاقة والغاز المسال والمصاحب، فالشركات الأمريكية تبحث عن العائد الأعلى وملف الطاقة يمثل لها هذا العائد”.

ويضيف قصي أن “من الملاحظ أيضا أن هناك اهتماما بموضوع ربط العراق بالمنظومة التجارية العالمية من خلال تجديد بعض القوانين المحلية لكي تكون ملائمة للشركات التجارية الأمريكية، لاسيما أن للعراق موقعا تجاريا يمكن أن يساهم في ربط دول المنطقة بالاتحاد الأوربي وآسيا”، لافتا إلى أن “ثمة اهتماما آخر بالشركات ذات الاهتمام بالقطاعات الزراعية والصناعية ما يمكن أن يطور هذه القطاعات في العراق”.

وبالنسبة للشأن المصرفي، يشير الخبير الاقتصادي إلى أن “حوار البنك الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي العراقي ماض نحو اتفاق والإصلاحات المالية والمصرفية أتت بثمارها”، مشيرا إلى أن “هناك وعودا من الفيدرالي الأمريكي لتحرير المصارف المقيدة بعد الإسراع بإعادة إصلاح النظم داخل هذه المصارف وربطها بالدولية”.

ويكمل أن “هناك إشادة واضحة بالبنك المركزي للحفاظ على قيمة العملة العراقية في هذه الفترة وهناك إمكانية لتعزيز الثقة بالنظام المصرفي من خلال إيقاف المنصة والتحول إلى تعزيز الأرصدة والتعامل المباشر للمصارف العراقية مع السيتي بانك وجي بي مورغان، وذلك إذا نجح البنك المركزي بإعطاء ضمانات بتنفيذ شروط الامتثال الدولي ما يمكن أن يعيد الثقة للمصارف العراقية”.

ويرأس السوداني وفدا عراقيا كبيرا بدأ زيارة إلى العاصمة الأميركية واشنطن يوم الأحد، التقى خلالها الرئيس الأمريكي جو بايدن وشخصيات دبلوماسية واقتصادية، وأكد خبير في السياسات الاستراتيجية لـ”العالم الجديد” أمس، أن الزيارة جاءت لتعزيز وتفعيل بنود اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تتعلق بآفاق عديدة كالانتقال نحو شراكة اقتصادية مستدامة والانفتاح على الاستثمارات وإعادة بناء القاعدة الصناعية وتطوير الزراعة عبر التنسيق مع الشركات الأمريكية.

من جهته، يرى المحلل السياسي المقرب من الحكومة، علي البيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “زيارة السوداني إلى واشنطن تحاول إعادة التواصل والتعاطي مع الولايات المتحدة الأمريكية، ففي السابق كان الأمن يتربع على طابع هذه العلاقة، لكن السوداني يحاول اليوم القفز على هذا الاهتمام بعد انتفاء الحاجة إلى الدور الأمريكي بشكل كبير”.

ويضيف البيدر، أن “العراق ذهب في هذه الرحلة إلى خيارات اقتصادية تتعلق بالتنمية والاستثمار وتسوية أزمات البنوك والاستفادة من التجربة الأمريكية في قطاع الاقتصاد وخلق شراكات جديدة واستثمارات، فالدور الذي أداه السوداني أفضى إلى ذلك”.

ويعتقد أن “العلاقة العراقية الأمريكية سوف تكون اقتصادية أكثر مما هي أمنية، إذ سوف نشهد نوعا من الهدوء بالعلاقة الاقتصادية فهي غير مبنية على فرض إرادات ولا تستفز بعض التيارات والأطراف الفاعلة في المشهد العراقي حتى الجماعات المسلحة التي تتحفظ على الدور الأمريكي في العراق ستتغير طبيعة تعاطيها، وهذا النقطة قد تقودنا إلى المزيد من الاستقرار الذي يبحث عنه الاقتصاد”.

وكان رئيس مجلس الوزراء استقبل أمس وفد شركة (ستيلر إنيرجي) الأمريكية، برئاسة الرئيس التنفيذي للشركة بيتر جبسون وبحث آليات التعاون مع الشركة في قطاع الكهرباء، واستعراض سير تنفيذ مشاريع الشركة التي يجري تنفيذها في العراق، وشدد على ضرورة إسراع الشركة في إنجاز أعمال المشاريع المتعاقَد عليها، وهما مشروعا الدورة المركبة في محطتي كهرباء كركوك ومدينة الصدر.

لكن الخبير الاقتصادي منار العبيدي، يستغرب من جهته “عدم ضم الوفد المرافق لرئيس الوزراء على الرغم من أن الهدف الأكبر له تعزيز الروابط الاقتصادية، لم يضم أي هيئات واتحادات اقتصادية كاتحاد الغرف التجارية، واتحاد الصناعات العراقية، واتحاد المقاولين العراقيين، ونقابات العمال والجمعيات الفلاحية”.

ويضيف العبيدي، أن “هذه الهيئات والمؤسسات بحكم القانون هي من يمثل مختلف القطاعات الاقتصادية إذ كان من المفترض أن يكون لها تمثيل واضح في أي اجتماع أو زيارة اقتصادية بهذا الحجم”.

ويتابع أن “الأمر الأكثر غرابة هو عدم وجود أي رد فعل أو بيان من هذه الهيئات يستفسر عن عدم دعوتها للمشاركة في هذه الزيارة المهمة لمختلف القطاعات والاستعاضة عنهم بمنظمات مجتمع مدني”، لافتا إلى أن “هذه الهيئات إذا كانت لمجرد جباية الأموال دون دور فعال في هكذا اجتماعات، فهذا يعني أن دورها تلاشى ولا يوجد داع لوجودها”.

وكانت لجنة الاستثمار والتنمية في مجلس النواب، أكدت سعي السوداني لجلب كبرى الشركات الأمريكية للاستثمار في العراق، لافتة إلى أن الملفين الاقتصادي والاستثماري لهما أولوية خلال زيارة السوداني الى واشنطن، وجلب كبرى الشركات الأمريكية للاستثمار بمختلف المجالات.

وفي وقت سابق، قال المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء، مظهر محمد صالح، إن العراق يرتبط مع الولايات المتحدة بروابط وأسس متماسكة خطّت مبادئها اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين البلدين عام 2008 والمصادق عليها من مجلس النواب العراقي.

إقرأ أيضا