ماذا وراء عقد الطاقة النظيفة مع توتال إنرجي؟

تباينت آراء خبراء الطاقة والاقتصاد بشأن العقد الذي أبرمه العراق أمس الأحد، مع شركة توتال إنرجي الفرنسية لإنشاء محطة للطاقة الشمسية، ففيما اعترض خبير على مدة تنفيذ العقد، أشار آخر إلى “دوافع سياسية” وضغوط من الولايات المتحدة والناتو لإبرامه، في وقت تحدث خبير اقتصادي عن أهمية المشروع وما يمكن أن يوفره من رجع اقتصادي في المستقبل.

ويقول خبير الطاقة كوفند شيرواني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الطاقة المتجددة أو الشمسية هي جزء من العقد الكبير مع شركة توتال إنرجي الذي يبلغ مجموعه حوالي 27 مليار دولار، والذي يحتوي على أجزاء تختص بالنفط والغاز الطبيعي، ويختص جزء منه أيضا بالطاقة النظيفة، وهو مشروع مهم جدا”.

ويؤكد شيرواني، أنه “على الرغم من المحاولات السابقة لإقامة مشاريع الطاقة الشمسية مع شركات سعودية وإماراتية، لكن يبدو أنها متلكئة حتى الآن، بيد أن شركة توتال شركة عملاقة ومعروفة، ولها خبرة في كل مجالات الطاقة، لذا نأمل أن تكون هذه الخطوة جيدة”.

لكن خبير الطاقة، يشير إلى أن “هناك ملاحظات على فترة تنفيذ المشروع، فالطاقة المتجددة لا تستغرق بحدود سنة لإنشائها وتبقى الجوانب اللوجستية الأخرى كتخصيص الأرض وتهيئة الموقع وكيفية تعشيق المحطة الشمسية مع الشبكة الوطنية وهذه الأمور ستكون على عاتق وزارة الكهرباء”.

ويضيف أن “الوزارة تتحمل أعباء كثيرة الآن في معالجة العوائق والانقطاعات الكثيرة في المنظومة ومشاكل أخرى، وبالتالي يجب أن تكون متفرغة بشكل جيد لهذا العمل الإضافي المهم، لأنه سيقلل من العجز الكبير الذي يتجاوز أكثر من 12 ألف ميغاواط على أقل تقدير”.

ووقع رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار، حيدر محمد مكية، أمس الأحد، الإجازة الاستثمارية الخاصة بمشروع محطة كهرباء الطاقة الشمسية مع شركة “توتال انيرجي” الفرنسية بسعة 1000 ميغاواط في محافظة البصرة، وقال مكية إن المشروع أول فرصة استثمارية لمنح محطة كهرباء بالطاقة الشمسية ضمن خطة الحكومة للتنوع في مصادر الطاقة المتجددة.

لكن من جهته، لا يبرئ خبير الطاقة حمزة الجواهري، هذه الخطوة من الدوافع السياسية، إذ يسمي هذا العقد بـ”الابتزاز السياسي من قبل دول حلف الناتو والولايات المتحدة تجاه العراق لتقديم دعم للحكومة الفرنسية التي تمدّ أوكرانيا في حربها”.

ويستدلّ الجواهري، بأن “وفد توتال إنرجي وقع العقد مع العراق بعد أسبوع من إعلان فرنسا التخلي عن حرب أوكرانيا، والعقد كان عبارة عن باكج مقداره 27 مليار دولار، ويأتي ضمن هذا الباكج عقد الطاقة الشمسية الذي يكلف العراق 3 مليارات دولار في حين لا يكلف إنتاج الكمية نفسها من الطاقة الشمسية أكثر من 500 مليون دولار”.

ويجد خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الأسعار مبالغ بها جدا، ويمكن بخمس المبلغ المتعاقد عليه أن يوفر العراق الكمية نفسها من الطاقة الكهربائية بالألواح الشمسية من دون الحاجة إلى توتال إنرجي”.

ويرى أن “هذا العقد بعيد عن أن يكون اقتصاديا، فحتى التمويل جرى إشراك دولة قطر فيه لتأخذ 25 بالمئة من هذه العقود، لأن فرنسا لا تريد تدفع مبالغ مقدما من أجل تنفيذ هذه العقود الأربعة، لأن هذه العقود استثمارية ما يعني أن هناك حاجة لما يسمى المدفوعات التي تبذل مقدما لشراء المعدات وهي تكلف من 40 – 45 بالمئة من الكلفة الإجمالية، وهذه المبالغ ستتحملها قطر لكن بفوائد عالية على العراق الذي سيدفعها تحديدا من حقل أرطاوي الذي تعمل توتال على تطويره”.

وقبل عام بالضبط، وقعت وزارة النفط، عقودا مع شركة توتال إنرجي لمشاريع تطوير ونمو النفط والغاز المتكامل بقيمة تبلغ 27 مليار دولار، في واحد من أضخم عقود الطاقة في العراق على الإطلاق.

ويأتي توقيع الاتفاق لـ4 عقود مع الشركة الفرنسية بعد تأجيله منذ عام 2021 بسبب خلافات سياسية، في حين أكدت وزارة النفط أن العقود تهدف لزيادة إنتاج الطاقة وتعزيز قدرة البلاد على إنتاج الكهرباء من خلال تنفيذ مشاريع للنفط والغاز والطاقة المتجددة.

وستبلغ حصة توتال 45 بالمئة من قيمة المشروع، في حين استحوذت شركة قطر للطاقة على حصة 25 بالمئة، في الوقت الذي ستكون فيه الحصة المتبقية 30% من نصيب العراق.

إلى ذلك، يذكر الخبير الاقتصادي صفوان قصي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “سياسة وزارة النفط ذاهبة باتجاه تعزيز قدرة العراق على الاحتفاظ بالطاقة المصاحبة، وهذا سينعكس على تقليل استيراد العراق من الكهرباء والغاز الإيراني وفي الوقت نفسه هناك عقد مع توتال لتطوير صناعة البتروكيمياويات، وتنويع الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية”.

ويرى أنه “إذا ما نجحت توتال إنرجي في هذه المهمة فيمكن تكرار التجربة في عموم العراق، لأنه يمتلك مساحات كبيرة تحتوي على الطاقة الشمسية التي من الممكن أن تستغل، كما هو الحال في المثنى والنجف والأنبار التي هي أغنى منطقة بالطاقة الشمسية”.

ولفت إلى إمكانية أن “يتحول العراق مستقبلا من مستهلك للطاقة الكهربائية الأحفورية إلى مستهلك للطاقة النظيفة بالاعتماد على الألواح الشمسية وهذا سيحسن من المناخ ويساعد الثروة الحيوانية والزراعية وبالإمكان أن يستغني حتى على الوقود الأحفوري”، لافتا إلى أن “شركة توتال علامة جاذبة للاستثمارات لأنها شركة عريقة تستطيع تنفيذ هذه العقود حسب المواصفات”.

وعن المبالغة في الأسعار، يؤكد أن “عملية فحص الكلف تقع ضمن مسؤولية الجهات التي منحت هذه الفرصة الاستثمارية، كشركات التدقيق العالمية وديوان الرقابة المالية، فـ25 سنة من إيرادات هذه المحطات ستذهب إلى توتال مقابل تحمل أعباء إنشاء هذه المحطات، وهكذا تحسب التكلفة ونوع المخاطر، وهذا من المفترض قد درس في هيئة الاستثمار”.

ويكمل: “لا اعتقد أن هناك مبالغة في الأسعار خاصة أن العراق بلد يحتاج إلى استثمار في هذه المرحلة، لكن تدريجيا عندما تعرض جولات تراخيص أخرى على مستوى والتجارة والصناعة ستصبح هناك عروض أفضل”.

إقرأ أيضا