مزارعو البصرة يشكلون تحالفا لمنافسة المستورد

يتجه مزارعو قضاء الزبير في محافظة البصرة جنوبي العراق نحو تطوير طرق وأساليب تسويق منتجاتهم الزراعية بشكل مختلف يتلاءم مع نوعية المنتج وسعره، وكذلك يتناسب مع حجم الجهد المبذول من قبل المزارع، في خطوة لمنافسة المستورد وإزاحته من الساحة لكونه بات يشكل خطرا على مزارعهم التي قضوا أياما طويلة في رعايتها.

خطوة جديدة اندفع نحوها “تحالف مزارعي الزبير” بطريقة التسويق وأساليب البيع بعد أن عمدت إحدى المنظمات الدولية لتمويلها دعما للمزارعين لتحسين أدائهم بعد أن وجدوا أن ما يقومون به غير مجدٍ بالقياس إلى الجهد المبذول والأموال التي يتم إنفاقها، وذلك عبر تشكيل تحالف بين المزارعين.

وبهذا الصدد، يشرح رئيس التحالف، خالد عطا الله، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الخطوة الأولى التي تمت المباشرة بها نحو أساليب التسويق المحلي بدأت من قبل منظمة دولية هولندية إذ طلبت من دائرة الزراعة إنشاء مخازن مبردة تدار من قبل مجموعة فلاحين وبتمويل جزئي منهم إذ تتحمل المنظمة 60 بالمئة من كلفة المشروع و40 بالمئة يتحملها المزارع”.

ويضيف عطا الله، “بدأت بتقبل الفكرة ومنح مساحة من أرضي الزراعية لإنشاء مخازن ذات مساحة واسعة وإقناع بقية الفلاحين للاندماج بالتحالف واعتماد طريقة جديدة في البيع حتى بلغ عدد أعضاء التحالف 50 مزارعا”.

ويكمل بالقول إن “المشروع تم تنفيذه في غضون 15 يوما جرى طرح المنتج من خلال صناديق كارتونية مطبوع عليها اسم (طماطم تحالف مزارعي الزبير) سعة خمسة كيلوغرامات وبسعر ثلاثة آلاف دينار وطرحه في أحدى المجمعات وتم تصريفه بشكل سريع وبكمية أولى بلغت طنا واحدا ليتساءل من كان موجودا في هذا المجمع هل هذا المنتج مستورد”.

ويشير إلى أن “ربح 6 صناديق كارتونية زاد من نسبة الأرباح عما كان في السابق بنسبة تصل إلى 60 بالمئة من سعر الصندوق البلاستيكي الكبير زنة 30 كيلوغراما وبكلفة خمسة آلاف دينار الذي يضم الثمار الجيدة والتالفة وغيرها”.

ويؤكد أن “هذه الخطوة التي قامت بها المنظمة دفعتنا إلى جمع أفكارنا والاستعداد للموسم المقبل خصوصا وأن الموسم الحالي شارف على الانتهاء والبحث عن توسعة العمل وشراء مكائن تقوم بالعمل بدل القيام بشكل يدوي كي تتناسب مع الكمية التي يتم قطفها من المزارع، وأيضا الاتفاق مع شركات صناعة الصناديق الكارتونية كي لا تتم زيادة المبلغ”.

وتشتهر محافظة البصرة بجودة الطماطم التي تتم زراعتها في أراضيها، ويعد قضاء الزبير متميزا بهذا المحصول ووفرة إنتاجه حتى ذاع صيته في عموم العراق وخارجه بخصوص لدى الدول الخليجية.

بدوره، يوضح مدير زراعة البصرة هادي حسين، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الهدف الأساسي من هذا العمل هو تحسين القيمة الغذائية المقدمة للمواطن المحلي وزيادة أرباح المزارعين ومنافسة المستورد وإظهار المنتج بشكل يضاهي ما موجود في الأسواق عبر استخدام أساليب وطرق حديثة في الوقت الذي تنتج مزارع البصرة من الطماطم كميات تصل إلى 500 مليون طن تكفي لمدة ستة أشهر من الاستهلاك”.

ويردف حسين، أن “هذه الخطوة تدفعنا إلى العمل وإقناع مربي الثروة الحيوانية عبر ندوات توعوية بانتهاج نفس الطريقة لطرح منتجهم من الحليب ومشتقاته بشكل معلب ومعقم ومنتج محلي يكون مرغوبا بشكل كبير لدى المواطن لا أن تكون بالطريقة التقليدية الشائعة”.

ويعد القطاع الزراعي العراقي من أبرز ضحايا الاستيراد غير المنضبط إلى جانب حرب المياه التي تشنها دول المنبع على العراق منذ سنوات، ما أدى خروج ملايين الدوانم عن الخطط الزراعية السنوية، فيما اضطر الكثير من الفلاحين إلى بيع أراضيهم وتقسيمها كقطع سكنية أو تجارية، فيما توجه البعض منهم نحو الوظائف الحكومية أو مهن أخرى.

من جهته، يرى عضو غرفة التجارة العراقية ماهر طوبيا، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المشاريع في العالم دائما ما ترتكز وبشكل أساسي على ثلاث نقاط رئيسية، المنتج، وطريقة التسويق، ومنافذ البيع، والشركات العالمية دائما ما تخصص 60 بالمئة من أرباحها للدعاية والإعلان وهذا الرقم كبير جدا وتعتمد أساليب وطرقا جديدة للترويج وليس كما هو معروف عبر شاشات التلفاز أو لوحات الدعاية بل من قبيل الرعايات أو دعم مؤسسات”.

ويبيّن أن “أي منتج لا يمكن طرحه في الأسواق وتصريفه إذا لم يكن معلبا ومغلفا بشكل وبأسلوب مختلف وجاذب مع اختيار المنافذ الصحيحة للتسويق”.

يشار إلى أن المزارع العراقي ما يزال يسوق محاصيله بالطريقة التقليدية المتوارثة حيث يتم نقلها من المزرعة إلى أسواق الخضار والفواكه بصناديق وأكياس بلاستيكية من دون الاعتناء بتنظيفها أو تعليبها، كما لا يتم فرز الفاسدة منها ورميها، وكذلك لا يتم تقسيمها بحسب الأوزان أو الأحجام، على خلاف المحاصيل المستوردة التي يتم الاهتمام بمظهرها بشكل واضح.

إلى ذلك، يشدد الباحث في جغرافيا تسويق الإنتاج الزراعي، طراد كزار، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، على أن “عملية التسويق هي حلقة أساسية ومكملة لعملية الإنتاج في أي نشاط اقتصادي وتوسع حجم سوق العمل وتحول الإنتاج من الاكتفاء الذاتي إلى إنتاج تسويقي خارج السوق المحلية، وهذا يتطلب عمليتان متكاملتان هما الإنتاج والتسويق ولا يمكن الفصل بينهما”.

ويلفت إلى أن “التسويق الزراعي في الآونة الأخيرة بدأ يعتمد على أساليب وبحوث علمية ويتطلب التركيز على طرق التسويق في ذات الوقت يسعى المستهلك للحصول على منتج زراعي ذا قيمة عالية وبسعر مناسب وفي المقابل يتطلع المزارعون لتحقيق أعلى الأسعار والأرباح وهذا لا يتم إلا برفع كفاءة المنتج”.

إقرأ أيضا