مناحل الديوانية تستغيث.. مطالبات بالدعم الحكومي ومنع العسل المستورد

تمتاز محافظة الديوانية بشكل كبير في إنتاج العسل الطبيعي الذي بات يشكل قطاعا حيويا للكثير من النحالين الذين يمارسون هذه المهنة بخبرة طويلة، فيما يشخص مختصون عوامل كثيرة تعيق استمرار هذه الصناعة بسبب المتغيرات البيئية وقلة الدعم الحكومي وكثرة الاستيراد، تحول دون تطويرها.

ويقول نائب رئيس جمعية النحالين في الديوانية، جواد العيساوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المحافظة سجلت تراجعا للمرتبة الثامنة على مستوى العراق باستثناء إقليم كردستان في إنتاج العسل بعدما كانت بالمركز الرابع خلال السنوات الماضية، بسبب قلة الدعم الحكومي والتغيرات المناخية أثرت كثيرا على عمل النحالين وإنتاجهم”.

ويضيف “عدد النحالين في الديوانية يصل إلى 475 شخصا، فيما يبلغ عدد خلايا النحل 10 آلاف و600 خلية في عموم المحافظة، لكن إنتاج العسل في الموسم الماضي وصل 63 طنا ونصف الطن، لكنه انخفض بشكل كبير خلال الموسم الحالي، بسبب تضرر المناحل بنسبة 50 بالمئة نتيجة التغيرات المناخية وجفاف المياه”.

أما عن الصعوبات في عمل النحالين، يوضح العيساوي أن “أبرزها هو قيام الفلاحين والمزارعين باستخدام المبيدات شديدة السمية، إضافة إلى قلة مصادر غذاء النحل، والعامل الآخر العسل المستورد الذي يباع بأسعار زهيدة جدا في الأسواق، مقارنة بعدم وجود منافذ تسويقية لتصريف العسل العراقي”.

ويشير إلى “انتشار الأمراض والآفات الفتاكة بالنحل وعدم إيجاد الحلول المناسبة لها، فضلا عن ارتفاع كبير بأسعار مستلزمات النحل في الأسواق، هذه كلها دوافع كبيرة لانخفاض الإنتاج للعسل العراقي”.

ويبين نائب رئيس الجمعية، أنه “لا يوجد دعم يلائم الحاجة للنحالين ويجب تفعيل التجهيزات الزراعية من الحكومة وبأسعار مدعومة كما في السابق، وكذلك إجازات ممارسة المهنة تمنح للنحال الذي يمتلك 10 خلايا نحل ولديه الخبرة في إدارتها، إضافة لتوفيره منطقة زراعية صالحة لتربية النحل وبعدها يقوم بمراجعة الشعب الزراعية لتقديم طلب الموافقة”.

يشار إلى أن مهنة النحالين تعد وسيلة لكسب الرزق للآلاف من العراقيين في مختلف المحافظات عبر سنوات طويلة من الزمن، حيث يتوارثها أغلبهم أو يكتسبها علميا في حياته، لكنها باتت اليوم مهددة بخطر كبير يتمثل بالعسل المستورد المكتسح للأسواق، إضافة لخطر أزمة المياه وشح الموارد.

ويعاني العراق من أزمة جفاف قاسية، ألقت بظلالها على كافة أنواع المهن والحيوانات، وسبق وأن كشفت “العالم الجديد”، عن تراجع أعداد الجاموس من ملايين إلى آلاف بسبب الجفاف، فضلا عن تأثر الأسماك والكائنات الحية الأخرى في الأهوار والأنهار بسبب الجفاف، حيث نفقت أعداد كبيرة منها، وهذا يضاف إلى تغيير الطيور المهاجرة لمسارها وعدم هبوطها في العراق.

وبما يخص العسل، فإن العراق يعد من الدول مفتوحة الحدود مع عدم وجود رقابة وضرائب على المواد المستوردة، وغالبا ما يتصدر قوائم المستوردين من دول إيران وتركيا والصين، والعسل هو أحد هذه المواد التي يتم استيرادها بشكل مستمر وبأسعار بخسة، مقارنة بالعسل المحلي، فضلا عن دخول كميات كبيرة عن طريق التهريب، تجنبا لأي إشكال في المنافذ الحدودية.

كما جرى الكشف مؤخرا، عن استيراد أنواع هجينة من النحل نشرها في الحقول ما تسبب بأزمة مضاعفة للنحالين العراقيين، لكون النحل المستورد حمل معه أمراضا تسببت بالقضاء على أعداد هائلة من النحل العراقي.

من جهته، يرى النحال صلاح شبر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “وجود انخفاض كبير في إنتاج العسل وصل إلى نصف الكميات المنتجة سنويا في المواسم السابقة، بسبب التغيرات البيئية والمناخية في العراق”.

ويلفت إلى أن “قلة الدعم الحكومي تشكل أبرز صعوبات ومعرقلات عمل النحالين حيث هناك حاجة لإطلاق سلف مالية وتزويدهم بالمبيدات الصديقة للبيئة لمكافحة المحاصيل الزراعية”.

ويؤكد على أن “الفلاحين يقومون برش مبيدات غير صديقة للبيئة وهذا يؤثر سلبا على النحل لأن النحلة عندما تسرح في سبيل الحصول على الرحيق وحبوب اللقاح تجد أغلب المحاصيل ملوثة وسامة، وعلى الجهات المعنية بإيقاف استخدام المبيدات السامة ومراقبة الفلاحين في إعمال المكافحة”.

ويشدد شبر على أن “الدعم الحكومي للنحالين يجب حصوله لتطوير المناحل، ومكافحة الزنابير الحمراء وطيور الوروار أو ما يعرف بأبو الخضير وطائر السنونو التي تحارب الخلايا وتعتاش على أكل النحل بشراسة كبيرة”.

وينبه إلى أن “النحالين العراقيين لا يستوردون العسل بل هناك جهات تجارية تستورده أو تصنعه، وهو مسرطن بنسبة كبيرة لأنه عبارة عن ماء وسكر يقومون بتسخينه ثم القيام بالبسترة في علب وبيعه”.

ويشرح شبر أن “العسل المستورد بات مسألة شائكة جدا ويؤثر على إنتاج العسل العراقي الذي يباع بأسعار تتراوح بين 25 إلى 30 ألف دينار عراقي للكيلو غرام الواحد، بينما المستورد بين 3 إلى 5 آلاف دينار فقط وهنا يتضح الفرق”.

وكانت وزارة الزراعة، أقامت العديد من المختبرات العلمية والبحثية لمواجهة الأمراض المستحدثة التي تصيب النحل وتكبد النحالين خسائر فادحة، كخطوة لمواجهة خطر انقراض النحل في العراق.

وبحسب قسم النحل في وزارة الزراعة، بلغ إنتاج العراق من العسل أكثر من 800 ألف طن في العام 2023، وهو أكثر من عامي 2022 و2021، كما أكد أن الأسعار انخفضت من 100 دولار للكيلو الواحد إلى ما بين 20 و 25 ألف دينار، فيما تأتي الديوانية من بين المحافظات الأكثر إنتاجا إلى جانب بابل وكربلاء ونينوى وواسط وكركوك والأنبار.

يشار إلى أن تربية النحل موجودة في العراق منذ ما يقدر بنحو 8000 عام، حيث يستخدم كوصفات طبية لمعالجة بعض الأمراض، كما كانت مثبتة في كتابات مسمارية على إلواح سومرية في العصور القديمة.

إقرأ أيضا