«هزة القنفة».. تعددت المواقف والسخرية واحدة

تتسبب “القنفة” أو “الأريكة”، أحيانا بإحداث هزات للرأي العام العراقي، فـ”هزة القنفة” في مكتب عميد كلية الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات بجامعة البصرة قبل أيام، وصلت ارتداداتها إلى جميع أنحاء البلاد وحتى خارجه، لتعيد إلى الأذهان هزة سابقة، لـ”قنفة” أخرى، داخل البرلمان، جرى تخريبها خلال عملية اقتحام أنصار التيار الصدري عام 2016، وتحولت إلى إيقونة لرفض تلك العملية.

وبين هذه الحادثة وتلك، باتت “القنفة”، مادة دسمة للتهكم والسخرية لدى العراقيين، فبعد أن تصدرت المشهد قنفة بيضاء مدماة داخل البرلمان قبل ثمانية أعوام، قفزت هذه الأيام “قنفة” جلدية سوداء إلى الواجهة، وعلى الرغم من اختلاف الحالتين، إلا أن “الرغبات” و”المال العام” تجمع بينهما، فبين شهوة السلطة والجنس خيط رفيع يربط يخيط مسامات المؤسسات الرسمية للدولة.

والبداية ستكون من “قنفة” البرلمان، التي أثارت لغطا كبيرا في حينها، وأصبحت طي النسيان الآن، إذ انشغل السياسيون وأبرزهم رئيس البرلمان الأسبق سليم الجبوري ورئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي، بالأريكة والتقطا أمامها العديد من الصور، وهما يتفحصان آثار الدماء عليها، جراء الإصابات بين صفوف المقتحمين، تاركين الأزمة السياسية التي كانت قائمة في ذلك الوقت. 

وتعود أريكة البرلمان، إلى النظام السابق، حيث كان يستخدمها صدام حسين، لالتقاط الصور مع عائلته، وبقيت داخل مبنى السلطة التشريعية، وتعرضت للتخريب، بسبب دخول المقتحمين للبرلمان، خلال تظاهرات التيار الصدري، التي طالب في حينها بإجراء تعديل وزاري، وهو ما تحقق له ونفذه العبادي. 

وقبل أيام فقط، برزت “القنفة” مجددا إلى واجهة الأحداث، عبر فضيحة، تمثلت في ارتكاب عميد كلية الحاسوب بجامعة البصرة عماد الشاوي، لفعل مخل مع طالبة، على أريكة جلدية في مكتبه بعمادة الكلية، وانتشرت الصور بشكل سريع، حيث تصدرت “القنفة” الترند العراقي، لتعود مادة للتهكم والسخرية من بوابة أخرى، حيث وصفت بأنها أسرع طريق للنجاح من قبل المدونين.

ويقول الإعلامي والمدون الساخر صالح الحمداني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “القنفة السياسية البرلمانية، والقنفة الأكاديمية الجامعية، اشتركتا في إحداث هزة كبرى داخل الوسط السياسي مرة، وفي الوسط الأكاديمي مرة أخرى”.

ويضيف الحمداني، “إذا كان حزب الكنبة، في مصر خاصا بالذين ينظّرون من دون أن يشتركوا في التظاهرات، فإن حزب القنفة، لدينا في العراق يخص الذين استثمروا السياسة والديمقراطية والدين للوصول إلى المال والنفوذ والملذات، من دون أن تطالهم يد العدالة الغافية على قنفات المال العام المهدور”.

يذكر أن عميد الكلية الشاوي، تم سحب يده بقرار وزاري، وبحسب وزير التعليم العالي نعيم العبودي، فإنه سيعزل من منصبه، كما وردت أنباء عن اعتقاله نظرا لتحويل ملفه إلى التحقيق.

لماذا “القنفة”؟

من البرلمان إلى مكتب عميد الكلية، ورغم الفارق بين الحدثين، إلا أن الأول شكل انتهاكا للسلطة التشريعية، والثاني انتهاكا للحرمات وإخلالا بالوظيفة، لكن الأريكة أو “القنفة” كما تعرف شعبيا، جمعت بين الحدثين حيث أصبحت العلامة الفارقة في كلا الحدثين.

وحول هذه الجزئية، يوضح الباحث النفسي أحمد الذهبي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “النفس البشرية، ومن دون شعور، دائما ما تريد شماعة للتفريغ، وهذا علميا من آليات الدفاع النفسية، فالمواطن لا يريد أن يتناول الحدث نظرا لحساسيته، سواء السياسية أو الدينية أو الاجتماعية، أو بسبب الحياء، فيعمد إلى أن يضع بصمته على أي شيء جماد ظهر في موقع الحدث”.

ويوضح الذهبي، أن “المجتمع العراقي عموما، يحاكي ما يحدث بطريقة غير مباشرة، وخاصة المواضيع الحساسة مثلا الجنسية أو السياسية، ولا يتحدث عنها بصراحة، وخاصة الفتيات اللواتي تصدرن وسائل التواصل مؤخرا، فتعمد إلى تناول الموضوع من عدة جوانب دون الخوض بالموضوع الأساس بشكل مباشر”.

ويستطرد أن “موضوع الأريكة مثلا، هو محاولة من المتصدرين لوسائل التواصل بهدف تناول الموضوع، سواء حدث في البرلمان أو غيره، باستخدام آليات الدفاع النفسي، نظرا لأنه محكوم بمعايير اجتماعية ودينية أو حتى سياسية”.

إقرأ أيضا