نزاع «الإصلاح».. هل يحصد المزيد من الأرواح؟

لم يهدأ سكان قضاء الإصلاح شرق مدينة الناصرية في محافظة ذي قار، بعد أكثر من ليلة محتدمة من النزاع العشائري، والذي انتهى بمقتل مدير استخبارات المحافظة الذي كان حاضرا لفرض السيطرة الأمنية على القضاء، الأمر الذي دفع الحكومتين المحلية والمركزية لمضاعفة القوات الأمنية واعتقال العشرات بغية الوصول إلى الجناة.

ويعاني قضاء الإصلاح منذ أكثر من عام، من عدم استقرار أمني، ودائما ما تتجدد النزاعات العشائرية فيه، وآخرها النزاع الذي تجدد أمس الأول، بين عشيرتي الرميض والعمر، هو امتداد لنزاعات متكررة بين العشيرتين وزهقت فيها عشرات الأرواح، ونزح الكثير من العائلات بسبب هذا النزاع من القضاء.

قضاء اإصلاح الذي يقارب عدد نفوسه الـ50 ألف نسمة، يعد أحد الأقضية التي يعتاش أهلها على الزراعة وصيد الأسماك والطيور، خاصة وأن جزء من أهوار المحافظة تقع ضمن حدوده الإدارية.

مصدر أمني من داخل المحافظة، يوضح خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “نزاع العمر والرميض، ارتفعت وتيرته في آذار مارس 2023، وذلك على خلفية “تعليق” لأحد الأشخاص ينتمي لعشيرة العمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي “الفيسبوك”، وكان فيه مساس بشخصية قائممقام القضاء أحمد الرميض، حيث انتقد المعلق الواقع الخدمي بالقضاء، ما أثار حفيظة عشيرة القائممقام ليقوموا باستهداف منزل صاحب التعليق بعد التعرف عليه”.

ويضيف المصدر، أن “عشيرة القائممقام أوقعت خسائر مادية في منزل صاحب التعليق، ليأتي الرد في اليوم التالي من عشيرة العمر باستهداف عشيرة الرميض، ولم يهدأ الوضع الأمني واستمر بشكل متقطع رغم الجهود المبذولة من قبل العشائر لدرء حالات العنف التي حصلت وبلغت ذروتها في نيسان أبريل 2024، وأوقع خسائر بين الطرفين ووصل الحال الى قتل الضابط بجهاز الأمن الوطني مهدي جميل، وهو أبن شيخ عشيرة العمر اثناء عودته من دائرته متجها نحو منزله”.

وشهد القضاء أمس الأول الأحد، مقتل مدير استخبارات ذي قار العميد عزيز الشامي، خلال محاولته فض النزاع الذي أندلع بين العشيرين في القضاء، ما دفع القوات الأمنية إلى اعتقال 100 شخص وضيط عشرات القطع من الأسلحة والأعتدة مع فرض حظرللتجوال في القضاء.

ويقول الشيخ نافع الشامي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “أسباب النزاعات تعود لعدم تطبيق القانون بشكل حازم، وعدم تنفيذ أوامر قبض بحق مثيري الشغب وحصول العشائر على أسلحة غير مرخصة من النوع المتوسط والثقيل”.

ويضيف الشامي، أنه “فضلا عن الإندفاع الحاصل لدى العديد من الشباب وعدم انصياعهم لقرارات شيخ العشيرة واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي في منصات الفيسبوك والتيك توك للتعليق أو المساس بأفراد وشخصيات العشيرة المتنازع معها”. 

ووفقا لبيان أصدره القائممقام أحمد الرميض، العام الماضي، فإن الاقتتال بين العشيرتين هجرة 114 عائلة من عشيرة الرميض، وحرمان أكثر من 500 طالب وطالبة من الاستمرار في مدراسهم الواقعة بمركز المدينة، فضلا عن حرق البيوت.

يشار إلى أن شيخ عشيرة العمر جميل يوسف، أكد في بيان سابق له، موجه لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أن هناك سيطرات وهمية تم نصبها من قبل عشيرة الرميض، لتنفيذ الاغتيالات.

إلى ذلك، يبين مدير مديرية شؤون العشائر في ذي قار العقيد قاسم السعيدي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الأزمة التي اندلعت بين العشيرتين كادت أن تنتهي لولا قيام أحد الاشخاص باستهداف عشيرة النواصر التابعين للعمر، بطلق ناري، ليكون الرد بشدة من قبل عشيرة العمر، والذي استمر لاكثر من ساعتين”.

ويتابع “وما أن تدخلت القوات الامنية لإنهاء هذا الاقتتال حتى وصل مدير الاستخبارات العميد عزيز الشامي إلى أحد المواقع الذي تتواجد فيها المجاميع المسلحة للحديث معهم، حتى قام البعض من المجموعة باطلاق النار عليه ليصاب برصاصة في بطنه واخرى أصابت أحد المنتسبين وعجلة عسكرية”، مشيرا إلى أنه “كان من المؤمل أن تتم جلسة صلح نهائية بين الاطراف يوم أمس الاثنين بين العشيرتين، بعد تسليم العمر جزء من مبلغ الدية قبل يوم واحد من مقتل العميد”.

يذكر أن أحداث العنف في ذي قار، دفع بمكتب المرجع الديني الأعلى علي السيستاني للتدخل وإرسال وفدا رفيع المستوى لاجل انهاء هذا الاقتتال لتهدا الاوضاع فترة معينة، وذلك العام الماضي، وجرى تشكيل لجنة مشتركة بين الاطراف المتنازعة وشؤون العشائر لمعرفة الخسائر والعمل على تعويضهم.

وسجلت محافظة ذي قار خلال عام 2023، أكثر من 150 حالة نزاع عشائري تم حسمه بشكل نهائي وبمختلف انواعه.

يذكر أن الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية مقداد ميري، سبق وأن أعلن قبل يومين، أن قوات وزارة الداخلية تواصل عمليات المداهمة والتفيش في قضاء الإصلاح ضمن محافظة ذي قار على خلفية النزاع العشائري الذي حصل، وقد وصل عدد الملقى القبض عليهم لغاية الآن 105 متهماً وضبط كمية من الأسلحة.

إقرأ أيضا