هل ينجح الصدر بـ«توسيع» قاعدته الجماهيرية والسياسية؟ 

باتت عودة التيار الصدري للمشهد السياسي محسومة، خاصة بعد الخطوات التي اتخذها مؤخرا، لكن هذه العودة ليست كسابقاتها كما يرى مراقبون، بل هي خطوة جديدة لـ”توسيع” تياره وقاعدته الشعبية والسياسية أيضا، عبر ضم كتل من مختلف المكونات وخاصة بعض قوى الإطار التنسيقي.

ويقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الصدر يسعى إلى تشكيل تيار جامع للقوى والشخصيات السياسية الشيعية والسنية والكردية الرافضة لمنهج الإطار التنسيقي، والصدر رسم الخطوط العامة للعمل السياسي القادم وضمن عملية تشكيل تحالفات قادمة الشيعية والسنية والكردية”.

ويضيف الشمري، أن “هناك قوى وشخصيات كثيرة معارضة لحكومة الإطار التنسيقي، وكذلك أطراف سنية وكردية متضررة من الحكومة الحالية، بسبب عدم الالتزام بالاتفاقات السياسية، التي على أساسها تم تشكيل حكومة السوداني، وهذه الأطراف ستكون جزءا من تيار الصدر الجديد، وسيكونون ضمن التحالفات السياسية المرتقبة”.

ويتابع أن “خطوة الصدر ليس لها أي علاقة بقضية تراجع شعبية الصدر، بل هذه الخطوة جاءت بعد لمس الصدر لفشل الإطار التنسيقي وحكومته الحالية في حل الكثير من الأزمات، وكذلك الإخفاق الواضح بإدارة الدولة، ولذا فخطوة الصدر هي بداية لتأسيس تحالف وطني ببرنامج تنفيذي وتشريعي بعيد عن التركيبة الحالية بكل شخصياتها”.   

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، اتخذ مؤخرا العديد من الخطوات، أبرزها تغيير اسم تياره إلى “التيار الوطني الشيعي”، ورافق تغيير الاسم توجيهه لجمهوره بإلغاء المواكب الحسينية التي تحمل أسم التيار الصدري والاندماج بشكل عام مع المواكب الأخرى.

وجاءت هذه الخطوات بعد أن بدأ الصدر عزلة سياسية منذ حزيران يونيو 2022، حيث قرر الاعتزال وسحب كتلته النيابية “الكتلة الصدرية” من البرلمان، وذلك بعد أزمة سياسية استمرت قرابة العام لغرض تشكيل الحكومة.

من جهته، يبين الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المعطيات الحالية تؤكد زيادة قاعدة الصدر الشعبية، خاصة من قبل قوى شيعية تشرينية وناشئة مختلفة، لاسيما بعد عدم مشاركته ضمن حكومة الإطار التنسيقي”.

ويلفت إلى أن “الصدر، ومن خلال خطواته الأخيرة وأبرزها تغيير اسم تياره، يريد أن يكون تياره أوسع حتى يستطيع تشكيل جبهة شعبية أوسع من قاعدة تياره السابقة، حتى تكون قادرة على تشكيل جبهة سياسية تحقق الأغلبية خلال انتخابات مجلس النواب المقبلة، وهذا يهدف إلى تحقيق تشكيل حكومة الأغلبية، التي سعى اليها الصدر قبل تشكيل الإطار حكومة السوداني”.

يشار إلى أن انتخابات مجالس المحافظات التي جرت العام الماضي، لم يخضها التيار الصدري، بل شارك فيها فقط كتل الإطار التنسيقي وخاصة في محافظات الوسط والجنوب، حيث دخل الإطار بكتل منفردة وليس باسمه الكامل، وبعد إعلان النتائج سرت معلومات تفيد بتقارب بين الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري والصدر، حول بعض المناصب في المحافظات التي تصدرت فيها بدر النتائج.

إلى ذلك، يبين المحلل السياسي أحمد الشريفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الصدر يسعى لتشكيل جبهة موحدة معارضة للإطار التنسيقي قادرة على تحقيق الأغلبية البرلمانية خلال المرحلة المقبلة، حتى تكون ضامنة لتشكيل حكومة الأغلبية دون مشاركة الكتل الرئيسية في الإطار مثل دولة القانون وحركة العصائب”.

ويتابع أن “كل المعطيات تؤكد أن هناك ارتفاع كبير في قاعدة الصدر الشعبية من جماهير غير صدرية، وبالتأكيد هذه القواعد ستكون جزءا أساسيا ومهما من التيار الوطني الشيعي، والذي سيعلن الصدر دخوله المشهد مجددا خلال الأشهر القليلة المقبلة، فهو يعمل حالياً على تهيئة التيار شعبيا فقط”.

ويستطرد أن “الإطار التنسيقي لم يبين أي اهتمام كبير في الإعلام لخطوة الصدر، لكن في الحقيقة هناك قلق وتخوف كبير لدى قوى كتله من عودة الصدر للمشهد السياسي بقيادة تيار شعبي وسياسي أوسع من تياره السابق، فهذا الأمر ربما سوف يكلف الإطاريين خسارة كل نفوذهم الذين عملوا عليه خلال حكومة السوداني”.

يذكر أن زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، قال مؤخرا، أنه مستعد للتفاهم مع الصدر بشأن الانتخابات النيابية المقبلة، وأكد أنه على يقين بإن الصدر سيشارك في الانتخابات النيابية، وذلك بحسب ما كشفت مصادر عن لقاء جمعه مع وسطاء.

ويعود الخلاف بين الصدر والمالكي إلى 2007 عندما انسحب وزراء التيار الصدري احتجاجا على رفض المالكي تحديد جدول زمني لانسحاب القوات الأمريكية من البلاد، الأمر الذي قلل المالكي من تأثيره، ومن ثم عادوا للتحالف مجددا، وبعدها عاد الخلاف الذي استمر حتى اليوم، حيث قاد المالكي الإطار التنسيقي وأفشل مخطط حكومة الأغلبية الذي سعى الصدر لتطبيقه في البرلمان.

إقرأ أيضا