هل ينجح مجلس تطوير القطاع الخاص بإنقاذه من الموت السريري؟

جاء إعلان وزارة التخطيط عن عقد الاجتماع الأول لمجلس تطوير القطاع الخاص في العراق، كخطوة أولى لتطويره وإشراكه في العملية التنموية على الرغم من المصاعب والتحديات التي يواجهها هذا القطاع، إلا أن خبراء اقتصاديون يرون أن طموح الحكومة لجذب مئات المليارات من الدولارات يتطلب خططا تتناسب مع هذا التوجه وبيئة خصبة لجذب الاستثمارات.

وكان وزير التخطيط محمد تميم ترأس في 23 كانون الثاني يناير الماضي، الاجتماع الأول لمجلس تطوير القطاع الخاص لوضع رؤية علمية وحقيقية مبنية على المشاركة الجادة لهذا القطاع في التنمية وصولاً إلى أن يتولى قيادة التنمية في العراق.

ويعمل مجلس تطوير القطاع الخاص الدائم على رسم واتخاذ وتنفيذ السياسات والقرارات الاقتصادية، وبالتالي فإن جميع الانشطة الاقتصادية الموجودة في هذا القطاع ينبغي أن تكون ممثلة وأن يكون لها صوتا في هذا المجلس، لكي تكون هناك إمكانية على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وحل المشكلة بكل شفافية، فضلاً عن دور هذا المجلس في متابعة المشكلات التي يواجهها القطاع الخاص، والعمل على معالجتها، بحسب تصريحات رسمية.

ويقول الخبير الاقتصادي والأستاذ في الجامعة العراقية، عبد الرحمن المشهداني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “انعقاد مجلس القطاع الخاص جاء متأخرا كان من المفترض أن يتم في العام 2014 لكنه تأخر عشر سنوات”.

ويضيف “تم ترشيح 167 اسما من مختلف القطاعات وسيقوم كل قطاع بانتخاب رئيسا خاصا ليمثله في المجلس، لكن ليس الجميع سيكون لهم ممثلين داخل المجلس بل 13 شخصا فقط، يجتمعون شهريا مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني”.

ويعتقد المشهداني أنه “إذا تم تمثيل القطاع الخاص بهذا المجلس تمثيلا صحيحا فسيكون قادرا على تحقيق نقلة نوعية وإحداث فارق ملحوظ في القطاع الخاص وحل مشاكله”.

ويشير إلى أن “السوداني ماض باتجاه دعم القطاع الخاص وتقديم كل التسهيلات وهذا الأمر واضح في الموازنة الثلاثية التي أطلقها، وحكومته تعد الحكومة الوحيدة التي أضافت الضمانات السيادية للقطاع الخاص وهو ما لم تفعله الحكومات السابقة نهائيا”.

ويستدرك المشهداني “باعتقادي أن النية الحكومية واضحة باتجاه العمل مع القطاع الخاص وهو أمر بات ضروريا للنهوض بالاقتصاد، وفي حال لم يتم ذلك فإن المشاكل الاقتصادية من بطالة وفقر وتعويض الاستيرادات وما إلى ذلك لن يتم حلها”.

وينبه إلى أن “هذه الإستراتيجية ممكن أن تحدث نقلة نوعية في الاقتصاد داخل القطاع الخاص خلال المرحلة المقبلة لكن كان من المفترض أن تبدأ في العام 2014 وتنتهي في العام 2031، وكان من المفترض أيضاً أن تنتهي المرحلتين الأولى والثانية في العام 2021 ونكون الآن في تطبيق المرحلة الثالثة لكن ورغم أننا في العام 2024 فما زلنا في بداية المرحلة الأولى ونتأمل أن تكون هنالك مشاركة ونجاحا في القطاع الخاص ما بعد ثلاث إلى اربع سنوات”.

تجدر الإشارة إلى أن القطاع الخاص بدأ بالانهيار في تسعينيات القرن الماضي جراء الحصار الاقتصادي الذي تم فرضه على العراق وانهيار العملة المحلية وارتفاع معدل التضخم الاقتصادي بنسبة تجاوزت 220 بالمئة، ما جعل استيراد المواد الأولية باهض الثمن واضطرت المئات من المصانع والمعامل إلى غلق أبوابها، كما أن فتح أبواب الاستيراد مع الأردن وسوريا والصين أغرق الأسواق المحلية بسلع وبضائع رخيصة الثمن مقارنة بأسعار المنتجات المحلية المحدودة جداً في حينها.

بدوره يوضح الخبير الاقتصادي صفوان قصي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “عملية الإصلاح المالي والاقتصادي تذهب باتجاه تنمية قدرة القطاع الخاص على المنافسة، ووزارة الصناعة والمعادن أحالت الكثير من المشاريع للشراكة مع القطاع الخاص، لكي تكون نافذة في تشغيل المصانع المتوقفة، وقد نجحت الوزارة في جذب 9 مليارات دولار خلال الفترة السابقة”.

ويؤكد أن “إستراتيجية التنمية قد تغيرت في العراق فقد كانت الدولة سابقاً تزج نفسها في عمليات لا تمتلك القدرة على استدامتها، أما حالياً فهي تذهب باتجاه الاستثمار في القطاعات ذات الطبيعة المستدامة كاستثمار المعادن والموقع الجغرافي والطاقة النظيفة والبتروكيمياويات ومشتقات النفط والإسمنت والفوسفات والكبريت وإدارة الثروة الزراعية بالمشاركة مع القطاع الخاص، وأيضا إدارة المياه كذلك”.

ويشير إلى أن “لدى العراق العديد من فرص النمو المتاحة أمام القطاع الخاص، حيث تدعم حكومة محمد شياع السوداني أن يكون القطاع الخاص هو القائد لعملية التنمية وقد بدأت بعملية إصلاح النظام المصرفي كذراع لتمويل هذا القطاع، إضافة إلى الضمانات في موازنات 2023، و2024، و2025 لدعم المستثمرين، خاصة وأن العراق يتطلع إلى جذب 350 مليار دولار لغرض التنويع الاقتصادي”.

يشار إلى أنه بعد العام 2003 فتحت أبواب الاستيراد على مصراعيها ومن دون ضوابط وتعليمات لحماية المنتج المحلي، ما أدى إلى انهيار تام للقطاع الخاص الصناعي والزراعي وتسيد القطاع التجاري والذي أجهض المصانع والمعامل المحدودة التي كانت تعمل قبل هذا التاريخ ومن ضمنها الشركات الحكومية أيضاً التي أصبحت شركات خاسرة ومفلسة وتعتمد على التمويل الحكومي لتأمين رواتب موظفيها.

إقرأ أيضا