وصل دمشق وغزة.. رمضان ينعش العمل التطوعي في العراق

ينشغل عبد الله مظهر، مع العشرات من زملائه في فريق “معنا” التطوعي بإعداد مئات السلات الغذائية للمحتاجين والمتعففين في كركوك، إذ يتحدث بفخر عن فريقه الذي وصل إلى 140 متطوعا وسُجّل كمؤسسة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء.

ويقول مظهر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العمل التطوعي متنوع في كركوك أكثر من بقية المحافظات بوجود فرق كثيرة تنقسم بين الإغاثية والبيئية وغيرها من النشاطات مثل السلم المجتمعي والتنوع القومي والديانات، إضافة للفرق الثقافية والتراثية لإبراز تنوع الإرث الحضاري للمحافظة”.

ويضيف، أنه يعمل في هذا العمل التطوعي منذ عام 2016 مع فريق تطوع معنا الذي تحول عام 2018 لمؤسسة مسجلة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بعدد تجاوز 140 شخصا ينفذون أعمالا تطوعية لاسيما في شهر رمضان بتوزيع السلات الغذائية وإقامة وجبات الإفطار في الطرق والأماكن العامة وفتح مشاريع للعوائل المتعففة، إضافة لترميم المنازل للعوائل المحتاجة والمساجد”.

ويتوزع أعضاء الفريق بين جامع تبرعات وموزعين للمواد ومصورين وغيرها من المهام، ويؤكد مظهر، أن “التبرعات يستلمها الفريق يدويا من الأشخاص أو من خلال بطاقات ماستر كارد أو زين كاش، رغم وجود حساب بنكي أيضا”، مبينا أن “الفريق ينفذ في الشهر الواحد ما بين حملة إلى ثلاث حملات تتنوع بين الغذاء والملابس واللوازم المدرسية، إضافة لحملات حفر آبار المياه للمناطق الجافة كصدقة جارية يقدمها متبرعون عن ذويهم المتوفين”.

ويبدأ العديد من العراقيين مع قدوم شهر رمضان في كل عام نشاطات تطوعية لتقديم الحملات الغذائية والاحتياجات اللازمة للعوائل المحتاجة في عموم المحافظات، إذ يتم التنسيق بين مجموعات كبيرة من الأشخاص لجمع التبرعات المالية لذلك، إضافة لمعالجة الحالات المرضية وفتح مشاريع بسيطة لمن يحتاجها لكسب القوت اليومي.

وبدأت هذه الحملات تظهر بشكل لافت في العام 2014، حيث مارس الكثير من المتطوعين نشاطاتهم الإغاثية في الشوارع بمختلف المحافظات من اجل الإسهام في تخفيف الأضرار على العوائل النازحة تحديدا من محافظات نينوى والانبار وصلاح الدين وديالى وكركوك في فترات سيطرة تنظيم داعش على تلك المناطق ليضطر سكانها على الزحف نحو بغداد والجنوب كملاذ آمن لهم، واستمرت تلك الحملات بوتيرة اكبر وحضور لافت مع مرور الأيام حتى العام 2020 إبان جائحة كورونا التي ضربت العراق والعالم.

ويتحدث هنريك هنري ليونارد، مؤسس فريق “هنريك التطوعي”، لـ”العالم الجديد”، عن تأسيس فريقه عام 2013، لكنه قبل ذلك عمل شخصيا بتوزيع مساعدات للأطفال المصابين بالسرطان حتى انضمت له مجموعات كبيرة من الأشخاص ليشكلوا 3 خطوط رئيسية للفريق.

ويضيف ليونارد، أن “الخط الأول يمثل عائلته والمقربين منه وهم اكثر من 20 شخصا، أما الخط الثاني هم المتطوعون زملاؤه الذين يتواجدون في الحملات القوية، إضافة للخط الثالث الذي يمثل الأشخاص المستعدين للدعم والمشاركة وقت الطوارئ”.

ويوضح أن “عناصر فريقه يتواجدون في بغداد وأربيل وكركوك وذي قار والبصرة حيث يصل عددهم لأكثر من 100 شخص”، مشيرا إلى أن “الفريق احيانا يذهب بقيادته لتنفيذ حملة مساعدات بتوزيع السلات الغذائية او الملابس وغيرها من المواد، وأحيانا يتم إرسال مواد الحملة من بغداد لمن يمثلون الفريق في المحافظات ليتولوا مسؤولية توزيعها على مستحقيها”.

ويبين، أن “التبرعات يتم جمعها ممن يرغبون من الأصدقاء والمعارف في الحياة اليومية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن مصارف أهلية، وتجار، ورجال اعمال، وشركات اتصالات وجميعهم من داخل وخارج العراق”، مؤكدا أن “اكبر الحملات الرمضانية لتوزيع المواد الغذائية كانت في أيام النزوح بين عامي 2014 – 2017 بتوزيع اكثر من 5 آلاف سلة غذائية في الحملة الواحدة”.

ويوضح، أن “الحملات توزع اغلب الأحيان يومي الجمعة والسبت، لكن في شهر رمضان تكون في اغلب الأيام لأن التبرعات تزداد من قبل المساهمين ما يدفع الفريق لتجهيز المساعدات بشكل اكبر وتوزيعها اسرع لتكون بشكل يومي حيث يتم جمع كل 200 أو 300 عائلة مستحقة في مكان والتوجه لهم”.

ويشير ليونارد إلى أن “هناك حملات ينفذها أعضاء الفريق بشكل فردي بأخذ سلات غذائية في سياراتهم ودراجاتهم النارية ليوصلوها لعناوين العوائل التي يتم تحديد احتياجها في بغداد والمحافظات ممن لا يغادرون منازلهم ويملكون عزة نفس كبيرة تمنعهم من الطلب”.

يشار إلى أن بذرة العمل التطوعي حول العالم، قد كانت في عام 1985 حيث تبنت منظمة الأمم المتحدة في قرارها المرقم 212/40 اعتبار يوم الخامس من ديسمبر/ تشرين الأول “يوما عالميا للخدمة التطوعية”، ليمثل التفاتة مهمة وتثمينا للجهود التي يبذلها اكثر من 109 ملايين متطوع وعامل في المؤسسات والمنظمات غير الحكومية دون استثناء أو تمييز عرقي أو ديني أو طائفي.

وعلى الصعيد المحلي في العراق، فقد قررت الحكومة عام 2020 اختيار يوم 20 صفر من العام الهجري ”اليوم الوطني للخدمة التطوعية”، بعد توصية رفعت من قبل المجلس الوزاري للخدمات الاجتماعية.

وعلى الصعيد ذاته، يوضح احمد الفركاحي، وهو ناشط تطوعي في محافظة نينوى، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “النشاط التطوعي بدأ بقوة في عام 2017 بمدينة الموصل بعدما تحررت من الإرهاب وسط ارتياح ولذة كبيرة للشباب المقدمين للمساعدة للعوائل المحتاجة”.

ويضيف الفركاحي أن “الفرق التطوعية في الموصل كثيرة منها فريق مثابرون للخير الذي قدم الكثير من النشاطات بينها تنظيف المنازل والشوارع للعوائل العائدة للمدينة وحفر آبار المياه وتوزيع مواد الغذاء واقامة مآدب الإفطار خلال شهر رمضان لأكثر من 50 عائلة يوميا بمختلف مناطق المدينة”.

ويوضح، أن “أعداد الفرق التطوعية تتراوح بين 20 إلى 100 شخص حسب نشاطاتهم، كما شهدت الموصل تشكل فرق تطوعية من أطباء الأسنان والصيادلة لتقديم المساعدات حسب اختصاصاتهم”، مشيرا إلى أن “التبرعات يتم جمعها حسب رغبة الناس من الموصل وبغداد وخارج العراق ايضا في تقديم مساعداتهم للمحتاجين من خلال هذه الفرق التطوعية”.

ويلفت الكرفاحي، إلى أن “الحملات التطوعية التي شاركت بها بالمئات وشهدت توزيع آلاف السلات الغذائية، إضافة لتنفيذ مبادرات ساهمت في فتح أبواب رزق كمحال خياطة وأسواق لرجال ونساء من اجل كسب مصدر مالي لعوائلهم”، موضحا أن “احد المواسم الرمضانية السابقة شهد في إحدى حملاته التطوعية توزيع اكثر من 18 ألف سلة غذائية في الموصل ودهوك والسليمانية وأربيل”.

وبالنظر إلى حداثة التواصل بين الأفراد عبر مواقع التواصل الاجتماعي وسهولتها، فقد أثمر ذلك عن نجاح كبير في تنفيذ تلك الحملات التطوعية والتنسيق لها، كما أدى الى فاعلية كبيرة في إيصال التبرعات المالية وتعريف الناس بما يجري من نشاطات إغاثية تقدم بشكل يومي وعلى مدار السنة من مختلف الفرق التطوعية.

من جهته، يتحدث الناشط في المجال التطوعي بمحافظة السماوة، أحمد آل نعيم، عن فاعلية كبيرة للأعمال التطوعية في المحافظة توضح مدى التكاتف بين سكانها ووقوفهم مع الفئات الفقيرة بمختلف المناطق، فيما وصف ما يجري بأنه “يجعل السماوة كوكبا لوحدها بالنظر لما يقدمها شبابها من نشاطات في هذا الجانب”.

ويشير آل نعيم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “الحالات الإنسانية التي يتم رصدها في المحافظة أو في قضاء الرميثة تحديدا حيث تتواجد جمعية أحباب الله الخيرية التي يرأسها، لا يمضي عليها اكثر من يومين إلا وقد تم توفير المال اللازم لها من قبل المتبرعين”، مبينا أن “فريق الجمعية يقدم نشاطات كبيرة خلال شهر رمضان بعمل وجبات الإفطار على الطرق العامة التي تتضمن الحساء والتمر واللبن والفواكه او على شكل سلات غذائية يتم توزيعها للعوائل”.

ويضيف، أنه “شارك في المئات من الحملات في العراق، إضافة إلى الذهاب لسوريا لتقديم الدعم الاغاثي في فترة الزلزال، كما تمت المشاركة في تقديم الغذاء لسكان غزة عبر جمع التبرعات وشراء المواد الغذائية وغيرها”، مشيرا إلى أن “التبرعات يتم جمعها عبر إرسال او تحويل رصيد تعبئة للهواتف، وطريقة أخرى عبر تحويل الأموال على تطبيق زين كاش او الحوالات المالية عبر الشركات”.

ويخلص الناشط، إلى أن “الجمعية وزعت خلال اليوم السادس فقط من رمضان الجاري 1800 سلة غذائية تتكون كل واحدة منها من 9 مواد هي الرز والسكر والزيت والمعجون والحليب والشعرية والملح والعصير والنومي بصرة”، مشيرا الى أن “انطلاق الحملات يكون من مقر جمعية أحباب الله في قضاء الرميثة نحو المناطق المحتاجة أو عناوين العوائل المتعففة”.

يشار إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أعلن في الخامس من كانون الأول ديسمبر 2023 عن انطلاق الحملة التطوعية الكبرى بمشاركة 150 فريقا تطوعيا في مختلف المحافظات.

إقرأ أيضا