مسؤول يروي تفاصيل مثيرة عن خصخصة كهرباء ذي قار ويتهم “الوزارة” و”هملايا” بالطائفية والاحتيال

بعد الاحتجاجات الرافضة لمشروع خصخصة قطاع الكهرباء في محافظة ذي قار، يروي رئيس اللجنة الاقتصادية…

بعد الاحتجاجات الرافضة لمشروع خصخصة قطاع الكهرباء في محافظة ذي قار، يروي رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس المحافظة، خفايا مثيرة عن شركة (هملايا) المنفذة للمشروع. وفيما وجه تهما مباشرا للشركة بالاحتيال وعدم امتلاك أوراق تثبت تخصصها بقطاع الطاقة، اتهم وزارة الكهرباء بالتلاعب و”الطائفية” بسبب انتقاء محافظة جنوبية لتجربة مشاريع خصخصة الطاقة.

ويقول رشيد السراي في مقابلة مع “العالم الجديد” إن “حملة رفض الخصخصة في المحافظة، أطلقت أواخر عام 2016، بعدما أكملت وزارة الكهرباء تجربتها الاولى بمنطقة زيونة في بغداد، ثم على ضوئها قررت نقلها الى محافظة ذي قار، وأعلنت عن البدء العمل بالمشروع، وأسمته وقتها بـ(الاستثمار والتوزيع والجباية)، ولم تسمها خصخصة”، مشيرا الى ان “اختيار منطقة زيونة لتجربة الخصخصة كان مخططا له مسبقاً، لكون المنطقة لا تحمل تحديات ومركبة من ناحية شبكة الكهرباء، وسكانها يتمتعون بمستوى اقتصادي جيد جداً، لذلك لا تعتبر المنطقة نقطة اختبار، وكان من المفترض أن تطبق بمنطقة تعيش تحديات اقتصادية وفنية واجتماعية، لذلك تجربة زيونة تعد محط خداع وغش”.

واضاف ان “تطبيق التجربة بمنطقتي (حي المعلمين) و(السراي) في الناصرية يندرج ضمن عدم شفافية المشروع، لان الشركة اختارت منطقتين ممتازتين من ناحية (شبكة الكهرباء والمستوى المعيشي والاقتصادي لابنائها)، ما يسهل العملية على المستثمر، ويقلل من نسبة الاعتراضات على أسعار فواتير الجباية”.

واستغرب ممثل حزب الفضيلة في مجلس ذي قار من “استهداف المحافظات الجنوبية والفرات الاوسط اولاً بتجربة مشروع الخصخصة”، متهما “وزير الكهرباء قاسم الفهداوي بالتقسم الطائفي لمشروع اقتصادي، لابعاد مناطقه من هذه التجربة، خشية من حصول تداعياتها السلبية على رصيده الانتخابي”.

وتابع المسؤول المحلي تفاصيل ارتكاب وزارة الكهرباء، لمخالفات بالعقود الموقعة مع الشركات المستثمرة، قائلاً إن “الوزارة أبرمت عقوداً مع الشركات دون إبلاغ وموافقة مجالس المحافظات، وكانت شركة (هملايا) من حصة محافظة ذي قار، وقد فوجئنا بان وفدا من الوزارة والشركة بمعية برلمانيين، ومعهم محافظ ذي قار يحيى الناصري (التابع لحزب الدعوة)، أعلنوا في مؤتمر صحفي عن خصخصة قطاع الكهرباء في المحافظة، وهذا يتضمن مخالفة واضحة للمادة 114 الدستورية التي اشارت الى ان موضوعة الكهرباء تندرج ضمن الصلاحيات المشتركة، ولابد ان يشترك الطرفان (المركزية والمحلية) في اقرارها”.

وأضاف “اعتراضنا على الخصخصة يبدأ من أصل فكرة المشروع التي لم تختمر بصورة صحيحة، حيث ان لها شروطا في كل دول العالم، ولم تكن الوزارة دقيقة حتى في تسمية المشروع الذي اسمته استثمارا من اجل امتصاص موجة الرفض الشعبية، لكن الأمر في الواقع ليس استثمارا، بل خصخصة إدارية، لا تبيع اصولا وانما تؤكل ادارة المشروع، وتوكله الى القطاع الخاص”.

ونبه الى أن “الحافز الذي دفع الشركات الى استثمار قطع الكهرباء ليس من أجل استقطاع نسبة 12 بالمئة من الجباية فقط، وإنما لضمان حصولها على جميع مشاريع الصيانة وتوسيع شبكات الكهرباء أيضا، حيث أن العقد ينص على الحق الحصري لها بلا منافس لأخذ هذه المشاريع، وأن الوزارة ملزمة بتسديد المبالغ بغض النظر عن نجاح مشروع الخصخصة من عدمه، وهذا يعتبر مخالفة قانونية للعقود الحكومية التي لا تمنح حقا حصريا لشركة معينة بتنفيذ مشروع ما، وإنما كل الشركات تدخل ضمن حقل التنافس”، منوها الى ان “تكلفة مشاريع الصيانة في ذي قار تبلغ 400 مليار دينار ، بينما تكلفة مشاريع الصيانة في جميع المحافظات الجنوبية تبلغ ملياري دولار، وهذا خرق قانوني يمكن أن يكون محل مساومة وتفاوض او ربما محل قبول لبعض المسؤولين الفاسدين لشراء ذمهم في تأييد الخصخصة او ارضاهم بمنح لهم مقاولة ثانوية لشركاتهم من مشاريع الصيانة”.

وأوضح عضو مجلس محافظة ذي قار، أن “الوزارة اختارت شركات رديئة جداً، ولم نجد هناك أية شركة ممن أحيل عليها عقود الخصخصة، من الشركات المتخصصة في مجال الكهرباء، إذ طالبنا الوزارة في وقتها ان تطلعنا على نص العقد مع (هملايا)، الا ان الاخيرة اخبرتنا ان يكون الاطلاع للمشورة فقط، وهذا ما اثار حفيظتنا اكثر”، مبينا ان “الوزارة لم تستمع لملاحظاتنا ولم تستجب لطلبنا بإيقاف المشروع ووقعت العقد مع هملايا عبر مديرية توزيع الكهرباء الجنوبية (محمد الحلفي)”.

وتطرق السراي الى قوائم الجباية الخصخصة، قائلا “حين تقارنها مع عدة دول لوجدناها أرقاماً كبيرة جداُ، وهناك نظام عالمي للتسعيرة يضمن حصول المستهلك على طاقة كهربائية كاملة، الا ان الخصخصة في العراق تعطي الكهرباء بقدر تمكن الفرد ماديا، وهنا قد خلقنا فجوة طبقية بين افراد المجتمع”.

وبحسب رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس ذي قار، فان “تجهيز حي المعلمين والسراي بالكهرباء لمدة 24 ساعة كان على حساب حصة مناطق اخرى، ورغم هذا اعترض الاهالي على فواتير الجباية لارتفاع اسعارها، وعللت الوزارة ذلك في وقتها بحصول خلل قد ينتج عنه إضافة الديون المترتبة للسنوات الماضية على المستهلكين، وحملت الوزارة مدير توزيع كهرباء محافظة ذي قار (ظافر حميد) مسؤولية ذلك التقصير، على اثرها قررت اقالته من المنصب وتكليف وكيله (محمد فيصل) بدلا عنه لكون الاخير مؤيدا بشكل مطلق للخصخصة، بينما كان لدى المدير المقال نوع من التجاوب الايجابي والمرونة مع مجلس المحافظة”، كاشفا عن “تعرض المسؤولين العاملين بالمحطات الجنوبية للتهديد بالاعفاء في حال رفضوا تأييد الخصخصة”.

وأشار المسؤول المحلي الى “مخاطبة الوزارة باننا نريد حلاُ غير الخصخصة لأنها غير عادلة، وتلزم المواطنين بتكاليف باهظة، الا أنها رفضت المقترح، ووجهت كتاباً الى قيادة الشرطة بمنع أي شخص يتعرض للمستثمر، لكننا بدورنا اصدرنا قرارا في المجلس بمنع دخل المستثمر (الذي تحفظ على ذكر اسمه)، غير ان الاخير بدأ يستعين ببدائل، ويرسل اشخاصاً نيابة عنه الى المحافظة لإدارة العمل”.

واتهم جهات (رفض ذكر اسمها) بـ”السعي لتخريب الحراك المناهض للخصخصة في المحافظة عبر مهاجمتها بعيارات نارية لكرفان تابع لشركة مديرية توزيع الناصرية في قضاء الشطرة، وقد استنكرنا هذا الحادث وقتها، وطالبنا بان يكون الاعتراض على الخصخصة دستورياً وقانونيا دون تعريض ارواح الناس الى الخطر”، مؤكدا أن “تلك الجهات السياسية مستفيدة من الاعتراض على الخصخصة كمادة للدعاية الانتخابية عبر زج افراد لها في الاحتجاج الاخير، ليظهروا للناس على أنهم أبطال في الدفاع عن حقوقهم، لكن لا يعلمون انهم يعترضون في الظاهر ويساومون المستثمرين في الخفاء”.

وعن موقف حزبه من خصخصة كهرباء ذي قار، أشار السراي الى أن “حزب الفضيلة لا يعمل على إعاقة أي عمل حكومي هدفه خدمة المواطن، ويقف بالضد من الفساد وهدر المال العام، وهو بالتاكيد يساند اي حراك شعبي غايته إيقاف الفساد”.

وكان السراي قد أطلق هاشتاك (#خصخصة_وطن) على مواقع التواصل الاجتماعي للتحريك الشارع ضد مشروع خصخصة الكهرباء، وعلى ضوء ذلك أقيمت ضده دعوى قضائية من قبل مدير عام توزيع كهرباء الجنوب (محمد عبد الامير الحلفي) بتهمة التحريض على القتل.

وكشف رشيد السراي عن تفاصيل تتعلق بشركة (هملايا)، بالقول إن “الشركة مسجلة في بريطانيا بتاريخ اذار (مارس) عام 2013، فهي حديثة التكوين، وتخصصها في شهادة التسجيل هو إنشاء وتطوير المباني، وليس الطاقة، كما انها لم تنجز اي مشروع يذكر في بريطانيا ولا اي مكان في العالم، كما ان كفاءتها المالية غير معلومة، بل ان رصيدها هناك لا يبلغ سوى يورو واحد، اضافة الى ان الشركة ادعت تسجيلها في العراق والامارات بالاضافة الى بريطانيا، لكننا لغاية الان لم نجد اي مؤشر على تسجيلها في العراق، رغم اننا أرسلنا كتاباً قبل شهرين الى دائرة تسجيل الشركات/ وزارة التجارة، ولم تردنا أية إجابة لغاية الان، أما في الامارات فاننا لم نجد أي دليل على تسجيلها هناك بعد متابعتنا”.

 

وأضاف أن “لشركة هملايا موقعا إلكترونيا يظهر منشورات عن ثمانية مشاريع قامت بها، وهو باللغة الانكليزية، على أساس أنه يدار من بريطانيا، إلا أن التقارير البريطانية، لا تشير الى وجود اي موقع الالكتروني للشركة”، منوها “وحين تقصينا عن دومين الشركة، تبين لنا أنه أنشئ في بغداد العام 2015 من قبل شركة الكترونية تعمل في المنصور”.

وأبدى السراي استغربه من “مجهولية مدير الشركة (لم يذكر اسمه)”، مبينا أن “شخصا بحجم مدير شركة تعمل بالمليارات ويصاحب نشاطها ضجيج اعلامي كبير، لا تظهر له صورة ولا حتى إيميل أو صفحة بالفيسبوك أو بقية مواقع التواصل الاجتماعي، الا اذا كان يريد ان يخفي شيئا”.

وأكد المسؤول المحلي رفعه تقريرا الى هيئة النزاهة بتاريخ 2 ايلول (سبتمبر) الماضي “يتضمن مخالفات شركة هملايا، ولما لم ترد الهيئة قمت برفع تقرير اخر مرة اخرى الا أنها لم ترد لغاية الان وقد يعود الأمر الى احتياج الهيئة لوقت أطول، كون الامر مرتبطا بمعلومات خارج العراق”، مشيرا الى أن “العبادي يعتقد خطأ أن المعترضين على الخصخصة هم من صنف المعترضين على ادارته لمعركة الموصل”.

إقرأ أيضا