وسط تصاعد هجمات تركيا وإيران والجماعات.. هل يفقد إقليم كردستان استقراره؟

منذ 2003، تحول إقليم كردستان الى المنطقة الأكثر أمنا في العراق، فتمكن من جذب الاستثمار…

منذ 2003، تحول إقليم كردستان الى المنطقة الأكثر أمنا في العراق، فتمكن من جذب الاستثمار والبعثات الدبلوماسية، وبات بيئة مثالية للنازحين والهاربين، إلا أن وقوعه مؤخرا تحت نيران الجماعات المسلحة وتركيا وايران، جعله على بعد خطوات من فقدان تلك الميزة التي رافقته خلال العقدين الأخيرين، وذلك بسبب الصراع الدولي والداخلي الدائر فيه، وفيما استبعد مراقبون انهيارا أمنيا فيه، كون استقراره يشكل رغبة دولية وإقليمية، حذروا من خطر استمرار الهجمات الداخلية.

وتقول القيادية في حركة التغيير تافكة أحمد في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “وجود الأمريكان والقوات الأجنبية والأحزاب الكردية غير العراقية، تهدد جميعها استقرار إقليم كردستان، وهذا هو السبب الرئيس الذي يؤثر على أمن الاقليم“.

وتضيف أحمد، أن “الفترة الماضية، شهدت قصفا تركيا وإيرانيا، واستهدافات صاروخية داخلية، وهذه العمليات جرت بمناطق السليمانية واربيل، وهذا كله بسبب وجود الأحزاب الكردية غير العراقية، والقوات الأجنبية مثل الأمريكان أو القوات الأخرى”، مبينة أن “موقع إقليم كردستان الجغرافي يعطيه إهمية، فهو بين تركيا وإيران، ويرتبط بهم بالاضافة الى سوريا، ما يجعله موقعا مهما للصراع عليه من دول الجوار“.

وحول تأثير هذه العمليات العسكرية على الاستثمار في الاقليم، تبين احمد “تقريبا كل الاستثمارات تتم عن طريق الاحزاب السياسية الموجودة في إقليم كردستان، نظرا لعلاقاتهم مع الدول التي تريد الاستثمارات هناك، وبالتالي فهذه الاستثمارات تأتي عن طريق الاتفاقيات ولا تتأثر بالوضع الأمني“.

وخلال الأشهر الماضية، شهد اقليم كردستان عمليات عسكرية متعددة، أولها بدأت بالعمليات التركية التي انطلقت داخل مدن الاقليم، بهدف مطاردة حزب العمال الكردستاني، وشملت هذه العمليات طلعات جوية وتوغلا بريا وإنشاء قواعد عسكرية جديدة، واستهدافا مستمرا للقرى والغابات

وبالتزامن مع العمليات العسكرية التركية، بدأت الفصائل المسلحة باستهداف مطار أربيل الدولي، عبر صواريخ الكاتيوشا والطائرات المسيرة، ولأكثر من مرة، وكان يستهدف مواقع التحالف الدولي في المطار، ما دفع واشنطن الى الرد على كل ضربة صاروخية، باستهداف مواقع تابعة للفصائل عند الحدود العراقية- السورية.

وفي الشهر الحالي، دخلت ايران على خط العمليات العسكرية بشكل رسمي، حيث استهدف الحرس الثوري وعبر طائرات مسيرة، مواقع تابعة لحزب الحياة الحرة “بيجاك”، وهو حزب كردي ايراني، معارض لايران.

من جانبه، يبين المحلل السياسي الكردي شاهو القره داغي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك اختلافات كثيرة بين اقليم كردستان وبين محافظات العراق الاخرى، التي تشهد نزاعات مسلحة ولا استقرار فيها، لان هناك مؤسسات قائمة بالإقليم، إضافة الى وجود دعم دولي وإرادة دولية لضمان بقائه وتقويته ومساعدته بالأدوات الذاتية لإدارة الصراع وتجاوزه“.

ويلفت القره داغي، الى أن “ما يحصل من عمليات قصف واستهدافات متكررة فهي رسائل سياسية ومحاولات للضغط، وإلا فان الكثير من هذه الاطراف لا تريد ان تدخل الاقليم في نزاع قد يؤثر عليها سلبيا مستقبلا، وبالتالي فان محاولاتها لا تصب في جر الاقليم الى العنف والفوضى كما هو الحال في باقي المناطق، وانما هي ضغوطات سياسية للتخلص من تهديدات ارهابية محتملة  على الحدود“.

ويؤكد “لا نتوقع حصول هذا سيناريو عدم الاستقرار، على الرغم من انه في السياسية ليس هناك شيء مستبعد، ولكن بحسب المعطيات وتاريخ الاقليم فان الامور لن تصل الى هذه النتيجة“.

ولغاية الان، لم يصدر اي موقف من الحكومة الاتحادية بشأن القصف التركي او الايراني او هجمات الفصائل المسلحة، وذلك وسط مطالبات عديدة من الاحزاب الكردية للحكومة الاتحادية بالتحرك رسميا، كونها هي المسؤولة عن سيادة البلد، وفق ما صرحوا سابقا لـ”العالم الجديد“.

ويعتبر اقليم كردستان، من اهم المناطق الامنة في العراق، وفيه قنصليات عديدة، وغالبا ما تغلق السفارات في بغداد ويتحول عملها الى الاقليم، فضلا عن النشاط الاستثماري والسياحي.

الى ذلك، يشير المحلل السياسي كاظم الحاج، المقرب من كتائب حزب الله (فصيل مسلح) في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “السياسية التي تتبعها حكومة إقليم كردستان بإيوائها للمجاميع الإرهابية واحتضانها المطلوبين للقضاء العراقي وقوات الاحتلال، وقيامها بتوفير الحماية والتغطية لهم، هو أمر مرفوض من قبل الشعب العراقي ومحاربة هذه المجاميع الارهابية هو أمر متاح بالنسبة للحكومة العراقية“.

 

ويردف أن “وجود قوات احتلال سواء كانت أمريكية او تركية او إيرانية داخل إقليم كردستان لا يعطي الحق والشرعية في عدم مقاومتها، بمعنى انها لا تكون خارج ارادة الشعب العراقي في مقاومتها واخراجها من الاراضي العراقية، فالاقليم هو أرض عراقية ايضا ووجود القوات فيه وخصوصا الامريكية هي قوات محتلة، وهذا الأمر ينطبق ايضا على القوات التركية وكذلك على كل المجاميع الارهابية التي تهدد دول الجوار“.

ويستطرد “اذا استمر إقليم كردستان في اتباع هذه السياسة الخاطئة، فيجب عليه أن يتحمل مسؤولية وعواقب هذه السياسة التي يحاول من خلالها تغليب مصلحة ذاتية لبعض الأحزاب على مصلحة الدولة العراقية، وهذا الامر أصبح واضحا لكافة العراقيين“.

وينوه الى أن “انعدام الأمن في بيئة الاقليم وعدم وجود استقرار امني فيها ينعكس على كل الملفات السياسية والاستثمارية والاقتصادية وحتى الاجتماعية فيه”، منبها الى أن “ما يجري بسبب السياسة التي ينتهجها اقليم كردستان، لذا عليه ان يصحح من هذه السياسة لكي يستمر الاقليم في نموه واستقراره واستثماره الاقتصادي القانوني، ولابد ان لا يكون هذا الاستثمار والنمو الاقتصادي على حساب باقي المحافظات العراقية“. 

ويضم الاقليم على أراضيه، اضافة الى حزب العمال الكردستاني، المصنف كمنظمة ارهابية في تركيا، وحزب الحياة الحرة “البيجاك” المصنف ارهابيا في ايران، قوات التحالف الدولي وقواعد عسكرية تركية وقواعد عسكرية امريكية، وسياسيين مطلوبين للقضاء العراقي.

وتحول الإقليم في الفترة التي تلت تظاهرات تشرين الاول اكتوبر 2019، ملاذا امنا للناشطين الهاربين من عمليات التهديد والملاحقة التي طالتهم.

إقرأ أيضا