يحتشد انصار الحراك الجنوبي، اليوم الثلاثاء، في عدن كبرى مدن جنوب اليمن، لاحياء الذكرى الـ51 للثورة ضد البريطانيين واقامة اعتصام مفتوح للمطالبة بـ”فك الارتباط” عن الشمال مستغلين هشاشة الدولة بعد سيطرة الحوثيين على معظم المقرات الحكومية في صنعاء، فيما كلف الرئيس عبد ربه منصور هادي، امس الاثنين وزير النفط السابق خالد محفوظ بحاح بتشكيل الحكومة الجديدة بموجب اتفاق السلام الذي تم التوقيع عليه مع الحوثيين، بحسب ما افادت به وكالة الانباء الرسمية.
ويرى جنوبيون كثر ان ما تشهده صنعاء منذ سيطرة مسلحين حوثيين في 21 ايلول على مقرات عسكرية وامنية ومؤسسات حكومية وعدم قيام اجهزة الدولة في الدفاع عنها وانشغال النظام بالصراع الدائر بين القوى الشمالية، كلها عوامل تؤمن فرصة سانحة لاستعادة دولتهم الجنوبية السابقة.
واكد مسؤولون في الحراك ان مطلب الانفصال عن الشمال والعودة الى دولة الجنوب التي كانت مستقلة حتى العام 1990، بات يتمتع على حد قولهم بتأييد شعبي غير مسبوق.
ودعت غالبية فصائل الحراك الجنوبي في بيانات عدة ابناء الجنوب الى “الزحف نحو مدينة عدن للمشاركة الفاعلة في (مليونية الحسم) والتي سيتم فيها احياء ذكرى ثورة 14 اكتوبر”.
من جانبه قال القيادي في الحراك الجنوبي عبد الرحمن الجفري ان “مليونية 14 اكتوبر المزمع إقامتها في عدن والمكلا (عاصمة محافظة حضرموت في جنوب شرق البلاد) في 14 تشرين الاول تعد آخر رسالة يوجهها الجنوبيون إلى اشقائهم في الشمال ويؤكدون لهم فيها بأنهم مصممون على إقامة دولتهم المستقلة كاملة السيادة”.
وأكد الجفري الذي يرأس حزب رابطة ابناء الجنوب العربي والمقيم في المملكة العربية السعودية في تصريح صحافي وزعه على وسائل اعلام ان تظاهرة الثلاثاء “سلمية” وسيقدم الجنوبيون خلالها “عدة رسائل منها رسالة من الجنوب إلى الشمال وستتضمن انذارا اخيرا للشمال بان (يتعقل) في مواجهة دعوات استقلال الجنوب عن الشمال”.
واعتبر الجفري انه “لا امل في المنظور القريب بقيام دولة حقيقية في الشمال” لكنه قال ان “الامكانية قائمة في الجنوب مؤكدا ان امن الجنوب هو من امن المحيط الاقليمي”.
وسيطرة الحوثيين الزيديين الشيعة على صنعاء، عاصمة اليمن الموحد، يعيد الى الاذهان زمن حكم الزيدية لشمال اليمن لمدة الف سنة حتى العام 1962، تاريخ قيام الجمهورية بقيادة شخصيات سنية بشكل اساسي. ومعقل الحوثيين في شمال الشمال، الا ان زعيمهم عبدالملك الحوثي سبق ان دعا الى ايجاد “حل عادل” لقضية الجنوبيين. وجنوب اليمن سني بنسبة كبيرة، كما يعد معقلا لتيارات اسلامية متطرفة مرتبطة بتنظيم القاعدة.
وكانت ثورة 14 تشرين الاول انطلقت في اليمن الجنوبي عام 1963 ضد الاحتلال البريطاني. وتوجت الثورة باستقلال دولة اليمن الجنوبي في 1967. وتوحد اليمنان الشمالي والجنوبي طوعا في ايار 1990 بالتزامن مع سقوط الاتحاد السوفياتي الذي كان اليمن الجنوبي يدور في فلكه.
وقامت مجموعة من القياديين الجنوبيين عام 1994 بمحاولة للعودة الى دولة الجنوب، الا ان الرئيس السابق علي عبدالله صالح قمع هذه المحاولة بالحديد والنار وابقى على وحدة اليمن.
وظل الجنوبيون يشتكون لسنوات من التمييز والتهميش ومن استيلاء شماليين على اراض في الجنوب، الى ان اقرت ادارة الرئيس عبدربه منصور هادي بعد انتقال السلطة، بتجاوزات حصلت بحق الجنوبيين. الا ان الحراك الجنوبي الذي يمثل مجموعة التيارات المؤيدة للانفصال او بدرجة اقل، الفدرالية، لم يشارك في الحوار الوطني الذي قرر تحويل اليمن الى دولة فدرالية من ستة اقاليم، اربعة في الشمال واثنان في الجنوب.
الى ذلك، كلف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، امس الاثنين، وزير النفط السابق خالد محفوظ بحاح بتشكيل الحكومة الجديدة بموجب اتفاق السلام الذي تم التوقيع عليه مع الحوثيين، بحسبما افادت وكالة الانباء الرسمية.
واتت تسمية بحاح خلال اجتماع لهادي مع مستشاريه الذي يمثلون سائر التيارات السياسية بما في ذلك الحوثيين، وذلك في ظل “تم تزكية كاملة من جميع المستشارين”.
وذكرت الوكالة ان “الجميع اتخاذ هذه الخطوة الحاسمة في طريق تشكيل الحكومة بكامل قوامها من اجل تحمل المسؤولية في هذه المرحلة الدقيقة”.
وبحاح متحدر من حضرموت، وقد تابع دروسه في اليمن والهند، وسبق ان شغل منصب وزير النفط مرتين، ومنصب سفير في الامم المتحدة، وهو منصبه الحالي.
وكان الرئيس اليمني كلف الاسبوع الثلاثاء الماضي أحمد عوض بن مبارك بتشكيل الحكومة، الا انه اعتذر عن بعد يوم واحد، وذلك بعد احتجاج المتمردين الحوثيين الشيعة الذي يسيطرون على العاصمة على تعيينه في هذا المنصب.
ويسعى اليمن الى تشكيل حكومة توافقية جديدة بموجب اتفاق السلام الذي تم التوصل الى اليه مع الحوثيين في 21 ايلول، وهو ذات اليوم الذي سيطر فيه الحوثيون على صنعاء.
وينص الاتفاق الذي رعته الامم المتحدة ايضا على رفع المظاهر المسلحة من صنعاء، الا ان ذلك لم ينفذ اذ ان الحوثيين يستمرون بالانتشار في العاصمة. وبعد تعزيز سيطرتهم عليها، يشتبه بان الحوثيين يحاولون مد نفوذهم الى مضيق باب المندب الاستراتيجي غربا وحقول النفط شرقا استنادا الى مصادر متطابقة.