النساء.. نصفنا الحلو

خلال إعدادي وتصويري لبرنامج أمثالنا الشعبية الرمضاني صادفت أمثلة رائعة جدا ومترجمة للواقع العراقي والبغدادي على وجه الخصوص، وبالرغم من اعتراضي على كثير من الأمثلة وانها عبارة عن كلمات لشخص (يخوط بصف الاستكان) فإن أمثلة أخرى كانت تنم عن حكمة وحدث واقعي جميل، وهي بالنهاية تمثل موروثا شعبيا لا يمكن التغاضي عنه، بأي شكل من الأشكال، خاصة ونحن نعيش فترة الانسلاخ عن الذات والهوية دون معرفة حتى الأسباب.

أمثال النساء كانت لها حصة وافرة في البرنامج، والتي كشفت لي أن أمهاتنا سابقا يتمتعن بالحكمة والتحمل والصبر (ومدارة الرجل مثل المي بالصينية) حتى يكسبن وده واحترامه. وحينما أقول سابقا فليس معناه أن نساءنا اليوم لا يتمتعن بهذه الصفات، بل اعتقد أنهن أكثر جمالا وصبرا من السابقات، خاصة وانهن وليدات الحروب والحصار والفساد الإداري الذي أكل منهن الأخضر واليابس.

النساء.. أولئك الكائنات المذهلات والمدهشات في آن واحد، يتفنن في إظهار أنوثتهن وجمالهن، ولست اعرف السر، هل هو لإرضائنا أم أنها فطرة الأنوثة اللصيقة بهن منذ الولادة، رغم أن بعض حالات إظهار الجمال تتطلب منهن ألما ووجعا لكنهن بالتأكيد يجدن لذة في هذا الالم والوجع المحبب.

واحد من الأمثال التي استوقفتني، هو المثل القائل (اللي يريد الغوى يصبر على الاحوه) والغوى هنا المقصود به الغواية أو الجمال والإبهار للطرف الآخر المدلل والصعب إرضاؤه. وعبارة (الاحوه) هو صوت يصدر من الشخص المتألم حاله حال كلمة (آه)..

وقصة المثل أن امرأة الأمس تحاول عمل وشم لها من اجل إرضاء زوجها لكي يرى مفاتن جمالها وروعتها، بيد أن عملية الوشم سابقا مؤلمة جدا وهي عبارة عن حبر يوضع على بشرة المرأة ومن ثم تستخدم الإبر بالضرب على المنطقة المراد عمل وشم لها، وبالتالي فان المرأة تصدر صوت (الاحوه) فقيل بحقها المثل السابق.

أما اليوم ومع تطور التكنولوجيا فان عملية الوشم أصبحت أكثر سهولة، وأكثر إغراء وأغلى سعرا، وعلى الرجل أن يدفع المبلغ كاملا وهو الممتن، لأن الفائدة ستعود عليه خاصة إذا كان الوشم في أماكن مريبة أو مثيرة لرغباته التي لا تنتهي، بل بدأ الرجل أيضا يحاكي هذه التكنولوجيا الوشمية لإثارة المرأة أيضا. واخذ يملأ جسده بأنواع الرسوم والعلامات..

هذا النصف الحلو يعمل المستحيل لإبراز ذائقته الجمالية، من اجل الأنوثة أو من اجلنا نحن الرجال فالنتيجة واحدة، ولدى المرأة الاستعداد أن تستدين المال من اجل الذهاب إلى صالونات الحلاقة أو عيادات أطباء التجميل لتغير من شكلها وتغير العالم من حولها الى شكل اكثر عذوبة ورونق وجمال.

نصفنا الحلو… شكرا لّكُن، فما زلنا عشاقا مراهقين بفضلكن.

* إعلامي عراقي

إقرأ أيضا