أطالب بأنوف بوليسية

اليوم: الاربعاء، الساعة العاشرة والنصف صباحا. المكان: مركز مدينة الموصل المكتظ دائما بالناس والسيارات حيث اكبر الاسواق، واهم المؤسسات والدوائر والشركات والمكاتب الرسمية وغيرها…

الطرقات مغلقة، وقريبا من مجلس المحافظة يلفت النظر انتشار كثيف لعناصر أمن خضر وصحراويين وسود ومرقطين، وآخرين متوارين خلف زي مدني، عجلات رباعية الدفع تقطع الشارع المؤدي الى المجلس جيئة وذهابا، كأنها في سباق (فورملا-1).

الحدث مجلس محافظة نينوى الجديد يعقد جلسته الاولى، لانتخاب رئيس ونائب له ومحافظ ونائبين له.

على بعد 500 متر عن سينما الخيام سابقا مقر المجلس حاليا!، جمهرة مواطنين عطشى ممنوعين من الحركة، تسوطهم اشعة الشمس بلا رحمة، ثلة من الشباب انحازوا الى ظل حائط يسترقون النظر صوب كلب فاحم اللون، ويتغامزون فيما بينهم لما يحظى به هذا الحيوان ابن الحيوان من دلال وليونة من لدن عناصر الأمن الخشنين جدا مع معشر البشر!

الكلب البوليسي ذو لسان طويل متموج وانف مدبب لامع، يتبختر عند حاجز أمني مهيب الجانب مغرورا؛ اذ له سلطة منع الرجال من المرور على تنوع صفاتهم، حتى أعضاء المجلس المنتخبين توا كانوا طوع أمره، يترجلون ليأتي على تفاصيل سياراتهم بأنفه الدقيق وحاسته العصية على \”الاختراق\”.

الجلسة كانت هادئة، خلا قليل من المهارشات، اذ جُددت ولاية محافظ نينوى اثيل النجيفي، رئيس كتلة النهضة (14 مقعدا) التي ظفرت ايضا بمنصب نائب رئيس المجلس، في حين فاز برئاسة مجلس المحافظة بشار الكيكي عن كتلة التعايش والتآخي الكردية وحلفائها (14 مقعدا)، اما منصبا نائب المحافظ، فالأول للأكراد والثاني \”للنهضة\” وان لم يُسميا بعد.

اما الأحد عشر مقعدا المتبقية من مجموع 39، ستة منها شكلت كتلة معارضة اعلنت عن نفسها باسم \”الوطنية\”، وخمسة مازالت متأرجحة، فأصحابها منهم مَن صوت لصالح المحافظ ورئيس المجلس، وآخرون آثروا التحفظ.

إذن تم الأمر للكتلتين الاكبر \”النهضة\” و\”التعايش والتآخي\”، وحسب تفاهمات مسبقة بينهما، في حين لم تحظ مبادرة الكتلة \”الوطنية\” المعارضة الداعية الى فتح باب الترشح لمنصب المحافظ أمام جميع ابناء نينوى لاختيار شخصية من التكنوقراط لشغل المنصب، إلا بدعم اعضائها الستة حسب.

في الختام، علا التصفيق في القاعة المكيفة جيدا وبودلت التهاني بين الفائزين المنتشين بالنصر، وتسابق الإعلاميون للحصول على تصريحات محشوة بالسين وسوف.

في الحقيقة، الوعود التي قطعها ويجددها الفائزون بالمناصب في متناول اليد، فما على حكومة نينوى الجديدة سوى ان تتعاقد لشراء كلاب \”الراعي\” الألمانية البوليسية او حتى \”لابرادور\” بنسختيه الامريكي والانكليزي، من اجل استعارة انوفها، نعم انوفها.

نحن نحتاج الى حكومة محلية بأنوف بوليسية -هذه الاستعارة تضرب ولا تقاس- للكشف اولا عن الفساد والحد منه، ولتبدأ حملة الشم والتقصي من ديوان المحافظة والمجلس، ثم جميع الدوائر والمؤسسات الأخرى، خاصة (الخايسة) منها.

هذه الأنوف الذكية والمخلصة والوفية، والتي لا تحابي ولا تخاف ولا تستحي، في الإمكان توظيفها لتحقيق المساواة للجميع في الخدمات والتعيينات والايفادات والمكافئات… باختصار نريد انوفا تبحث عن مصلحة نينوى ومواطنيها، لا عن مصلحة ضيقة لأحزاب وحواشيها أو عائلات أو اشخاص…

اذن اطالب بحكومة ذات انوف بوليسية، فقط لا غير. وان نجحت الفكرة، سوف نعممها على العراق كله.

salihelias@yahoo.com

إقرأ أيضا