الممرات السرية للعلاقات الإيرانية الأمريكية

كل الدلائل تشير إلى ان ايران وأمريكا في طريقهما لبدء مرحلة جديدة من العلاقات المتميزة…

كل الدلائل تشير إلى ان ايران وأمريكا في طريقهما لبدء مرحلة جديدة من العلاقات المتميزة بعد حقبة من التجاذبات والتنابزات والعداء، وأن الولايات المتحدة هذه الأيام بصدد إعادة تقييم سياساتها في المنطقة وحتى العالم، بسبب التغيرات التي عصفت بالمنطقة وإعادة توزيع الأدوار والأقطاب للتهيئة لوضع جديد بعد ان أدركت أمريكا أن حساباتها بدت ترتد إليها بنتائج سلبية تضر بمصالحها. فقد شهد الأسبوعان الأخيران وقائع كانت قبل شهور احتمالات بعيدة التحقق، وأبرز هذه الوقائع، فضلا عن التقارب الأمريكي الإيراني، التلميح بالعمل مع بشار الأسد، ودخول مصر على الخط في لعبة توزيع الأدوار المرتقبة.

 

ولعل أبرز العوامل والأسباب التي قادت التغيير في المواقف هو ظهور تنظيم داعش الذي بين، وبشكل واضح، هشاشة الحلفاء السابقين للولايات المتحدة من الداخل، الأمر الذي لمسناه في تشكيل التحالف الدولي في التصدي لداعش، إذ وجدنا ان الحلفاء السابقين في المنطقة هم أضعف الحلقات مشاركة في هذه الحرب التي من المتوقع ان تمتد أوأرها الى الغرب والشرق.

 

إن التردد وعدم الجدية التي أبدته الدول العربية في محاربة داعش؛ أرسل إشارات غير مطمئنة للغرب، لا سيما في حماية مصالحه في المنطقة، فضلا عن ظهور إيران في الواجهة، وهي التي لم تشارك في التحالف الدولي بوصفها قوة ومنقذا يمتلك استراتيجيات هزم تنظيم داعش؛ دفع الأمريكان للقبول او لنقل التغاضي عن مساعداتها للعراقيين في حربهم الضروس، أضف الى ذلك المرونة الدبلوماسية، التي أظهرتها إيران إزاء برنامجها النووي، فرضت على الولايات المتحدة والغرب التزامات محددة كانت من نتائجها دخول إيران لاعبا أساسيا في المنطقة ومشاركا فعليا وجوهريا (بشكل غير رسمي) الى جهود التحالف عبر الدعم اللوجستي على الأرض.

 

لقد قبلت أمريكا الأمر الواقع، رغم غضب حلفاء المنطقة السابقين. وينتظر بالمقابل التعامل معها خارج إطار قالب (الشيطنة). لكن لا ينبغي الادعاء ان الأمور تتجه نحو التسوية الشاملة، إذ يجري الحديث خلف الجدران عن احتمال اعادة صلاحيات الحرب الباردة ومفاعيلها، وان الأمر الذي يحدث الآن إنما هو هدنة استلزمتها ضرورة التصدي لداعش تماما، كما تحالفت أمريكا والاتحاد السوفيتي لإنهاء وجود النازية، وان سرعان ما ستعود الأقطاب الى صراعها في قابل الأيام. ومهما يكن من أمر فان ما يجري في العراق هو الممر السري الذي يؤدي الى تشكيل المواقف الجديدة في السياسة الخارجية.

 

إقرأ أيضا