تأرجح العلاقات العراقية

إحدى ركائز وحدة العراق وأمنه هي علاقته مع الولايات المتحدة

إحدى ركائز وحدة العراق وأمنه هي علاقته مع الولايات المتحدة. فبالرغم من أنّ غالبية الطبقة السياسية الشيعيّة تعرّف عن نفسها بأنّها موالية لإيران بدرجات متفاوتة، فإنّ قيادات التحالف الوطني الكلاسيكية تتحرّك في اتّجاهات متناقضة بعضها مع الكرد والآخر مع السنة وغيرها مع الخليج وفضلا عن علاقة كتومة مع أمريكا، في حين قد تتّجه حكومة العبادي إلى التخبط – لا سيّما في ضوء انهيار أسعار النفط الأخير – وتحوم الطبقة السياسية السنية للتقرب من الإدارة الأميركية. وقد يؤدي هذا الاختلاف في التوجهات إلى توتّر العلاقات بين المكوّنات العراقيّة على مستوى يتخطّى الخلافات الشخصية بين قادتي الطبقتين.

 

العبادي بات يبحث عن وسيلة للخروج من المأزق والإحراج، ويبدو عليه أنه فقد التوازن بين علاقاته الخليجية الأمريكية والإيرانية وذراعها من المقاومة الإسلامية الشيعية. مجموعة اتصالات مع المحور الأمريكي، وهناك دعوات لزيارته السعوديّة وأمريكا، في نيسان المقبل، لكي يشرح حقيقة ما يحدث، وسوف يواجه بأمور كثيرة لابد أن يستعد للجواب عنها.

 

يستضيف الرئيس الأمريكي باراك أوباما رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في البيت الأبيض يوم الثلاثاء الموافق 14 نيسان 2015. وتأتي هذه الزيارة لرئيس الوزراء العراقي تأكيداً للعلاقات الإستراتيجية بين الولايات المتحدة والعراق، والالتزام الوثيق للولايات المتحدة بالتعاون السياسي والعسكري مع العراق في القتال المشترك ضد داعش.

ونصيحتي المتواضعة لقيادات الحشد الشعبي، بضرورة دعم العبادي بكل الطرق الممكنة، والابتعاد عن خسارته.

 

حالة العالم العربي بأسوأ ما يمكن، لتفكّك الدول القومية في سورية والعراق واليمن وليبيا، من جهة، وغياب لاعب دولي مساند، على الرغم من النشاط الروسي الحثيث للعب دور في إيران وسورية.

 

والتقارب بين تركيا والسعودية وباكستان، له أجندته ومصلحته الخاصة، فهم لا يريدون التصادم مع إيران حاليا، وهم بصدد تقطيع أذرعها في لبنان والعراق وسورية واليمن، وذلك بتأجيج الصراع المذهبي، واستنزافها اقتصاديا بمساعدة الولايات المتحدة.

 

وهزيمة سنة العراق سياسيا وحكوميا، جعل من إيران تتمتع بنفوذ كبير في العراق، وتوشك أن تصبح الشريك الجديد للولايات المتحدة في المنطقة بسبب حذر أمريكا من التطرف السني المتمثل بداعش والقاعدة؛ وأصبح نظام بشار الأسد أقرب الى تحقيق النصر على المعارضة السورية. تمزقت وحدة القرار السياسي الخليجي، وأصبح داعش وأنصاره يهدد مصر في استقرارها وأمنها، وتكاد دول السنة أن تخرج بالكلية من توازن القوى في الشرق الأوسط.

 

ولا يوجد حزب أو حركة سنية مشاركة في العملية السياسية العراقية خارج الهيمنة الإيرانية، والسياسيون السنّة ربطوا وجودهم ونجاحهم بمسايرة السياسة الإيرانية ونسوا عمقهم السنّي وتبعيتهم المخابراتية للخليج وتركيا وأمريكا.

 

ولا يوجد حزب أو حركة سياسية متماسكة تستطيع التفاوض مع قوة كبرى مثل إيران، وبالتالي لا تستطيع هذه الحركات والأحزاب التغيير في النمط السياسي القائم حتى تستأذن إيران. وجميع الحركات السنية في العراق تتواصل مع الحكومة الإيرانية والمؤسسات السريّة والسفارة في بغداد.

 

النخب السياسية السنيّة التي عارضت تدخل السياسة الإيرانية، في العراق وسورية، كانت مهدّدة بالقضاء العراقي، وسكوتها الآن منطقي لأنه تم إرضاؤهم ببعض المناصب والوعود والعطايا.

 

واليوم أصبحت صورة العراق في السياسة العالمية بعد المالكي أكثر قبولاً وأقرب للحوار، إذ أن هناك مزيجا من الثناء والتحفظ من الذي قدمه العبادي من التغييرات التي يحتاج بعضها الى تقييم وبعضها إلى تعديل، مع التركيز بوجه خاص في التفضيلات الاستراتيجية الدائمة للتحالف الوطني الحاكم.

 

مستقبل العلاقات العراقية – السعودية صار ينسجم مع التوجهات السائدة في الساحة السياسية الإيرانية فيما يتعلق بالعلاقة مع الرياض، ضمن سياسة التقارب الإيراني – السعودي.

الصراع الإيراني – السعودي، يعتمد على حالة الأذرع الإيرانية الفاعلة في العراق ولبنان واليمن وسورية!! تأثيرات التقارب الإيراني – الأميركي على توجهات المرجعيات الشيعية من القضية الفلسطينية.

 

والعلاقات الروسية – الإيرانية مكَّنت إيران من تغيير المعادلات؛ سواء في العراق أو سورية أو اليمن، فهل سيستمر ذلك، أم سترجّح إيران التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية على حساب روسيا في ملفات أخرى.

 

ومع التقارب الأميركي – الإيراني والعلاقات العراقيّة معهما، هل ستكون للحكومة العراقية القدرة على حساب الربح والخسارة، ثم تتحيز للمصلحة العراقيّة الوطنيّة.. أم تبقى بلا إرادة واضحة؟!!

 

إقرأ أيضا