\”كلاوات\” المالكي

أعتذر للقراء العرب من غير العراقيين عن استخدام كلمة \”كلاوات\” في عنوان هذا المقال، وهي كلمة عراقية عامية خالصة تنم عن العبقرية الشعبية العراقية  – إن جاز التعبير – وتعني (النصب والاحتيال والضحك على الذقون)، وتنطبق على بعض العراقيين الجدد، الذين سلطهم (اليانكي) على رقاب شعبنا. وتعبر تماما عن سلوك حكومة اعتادت ان تستخف بعقول العراقيين وتتحايل عليهم بالبيانات الكاذبة والانجازات الموهومة، ولكن لنبدأ الحكاية من أولها.

في أوائل حزيران 2011 أعلنت وزارة الاتصالات العراقية أن \”الحكومة الايطالية ستقوم بتأهيل مهندسين فضائيين عراقيين في نهاية العام الحالي لغرض صناعة أول قمر عراقي وعربي\”.

ويبدو أن صورة القمر الصناعي -الذي طال انتظاره- لا تفارق خيال الوزير ومستشاريه الأفذاذ الذين دأبوا على إصدار بيانات جديدة حول القمر الموعود \”الذي يأتي ولا يأتي\” على حد قول الشاعر الراحل عبد الوهاب البياتي. ويعتقدون أنهم بذلك سيجعلون الناس تصدق حكاية القمر الموهوم، إيمانا بمقولة وزير الدعاية النازي جوزيف غوبلز \”اكذب حتى يصدقك الناس\”.

(راجع على سبيل المثال بيانات الوزارة حول هذا القمر الساحر الصادرة في (أيار / مايو 2012، كانون الثاني / يناير 2013، نيسان / أبريل 2013، أيار / مايو 2013).

ويبدو أن وزير الاتصالات يود أن يتوج انجازات العهد المالكي الذهبي بإنجاز تكنولوجي مبهر! بعد أن تحول العراق إلى واحة للأمن والأمان وجزيرة للاستقرار والازدهار، ولم يتبق سوى العمل على اللحاق بالدول الصناعية المتقدمة.

ومن أولى المهام العاجلة في هذا الشأن ليس تطوير القطاع الزراعي وضمان الأمن الغذائي أو إعادة تشغيل وتحديث مئات المصانع الحكومية وآلاف المصانع في القطاع الصناعي الخاص المتوقفة عن العمل، بعد تسلط الجهلاء على شؤونها -فهذه كلها أمور هامشية تافهة لا تستحق الاهتمام-، بل الأهم من كل ذك هو البدء بتصنيع الأقمار الصناعية وغزو الفضاء الخارجي.

ولا شك أن حكومة المالكي -التي تضم في صفوفها أفضل الخبراء التكنوقراط في العراق والمنطقة- قد وضعت الخطط اللازمة لبناء قاعدة صناعية متطورة في البلاد، ابتداء من ذروة التقدم العلمي – التكنولوجي المعاصر وليس العكس.

وإذا كانت الدول شبه الصناعية تلجأ إلى الدول المتقدمة صناعيا مثل روسيا وفرنسا لوضع أقمارها الصناعية في الفضاء الخارجي وتأمين الاتصال معها، فأن خبراء المالكي في مجال الصواريخ وتقنية الفضاء قادرون لوحدهم من دون مساعدة خارجية على تخطي كل الصعوبات الفنية التي تقف أمامهم بعزيمة لا تلين مستمدة من عزيمة \”القائد الضرورة\” ووضع أول قمر صناعي عراقي في مدار حول الأرض في القريب العاجل! 

والحق أن خطط القائد الضرورة فى مجال غزو الفضاء، تتسم بأبعاد إستراتيجية مهمة!، حيث أن من المعروف أن تصنيع الأقمار الصناعية يتطلب، البدء أولا بتصنيع صواريخ الإطلاق ومن ثم إنشاء محطات الاتصال وأخيرا صنع القمر ذاته. وهذه المراحل الثلاث المترابطة ضرورة حتمية لكل من يود إطلاق قمر صناعي مهما كان نوعه أو الغرض من تصنيعه. وانجاز هذه المراحل بنجاح يمهد لإنتاج صواريخ أرض – أرض.

ولابد من الإشارة هنا إلى عدم وجود فروق جوهرية بين صواريخ الإطلاق والصواريخ البالستية، فالصاروخ الذي يحمل قمرا صناعيا، يمكنه، بتعديلات فنية صحيحة، أن يحمل رأسا حربيا تقليديا أو كيمياويا أو نوويا، ولذلك فإن امتلاك العراق لصواريخ إطلاق الأقمار الصناعية، يخدم أكثر من هدف إستراتيجي واحد .

ويبدو أن تصنيع منظومة متكاملة لإطلاق الأقمار الصناعية (الصواريخ، محطات الاتصال، القمر الصناعي) أسهل على خبراء \”القائد الهمام\” من تصنيع جهاز لكشف المتفجرات، لا يزيد سعره عن عشرات الدولارات!

كان الله في عون الشعب العراقي المبتلى بـ(كلاوجية) لا يملون من الكذب والضحك على الذقون، لأنهم لا يتقنون مهنة سواها.

jawhoshyar@yahoo.com

* كاتب عراقي

إقرأ أيضا