دوستويفسكي كاتب عبيط

حينما يكتب دوستويفسكي في \”الأبله\” إحدى الروايات الكلاسيكية الثقيلة، عن شخصية عجيبة، عبيطة، زمباوية، وانوب شعره أسود! يدعى سيميون بارفينوفيتش وصل روسيا حديثا على سكة حديد فارصوفيا – سان بطرسبرغ قادما من سويسرا بعد نضال طويل مع حمى كادت أن تودي بحياته، ليرث وبـ(الصدفة) من آخر عنقود في عائلة آل روغوزين التي ينتمي إليها، مبلغ مليون ونصف المليون روبية ومكانة اجتماعية مرموقة بين كبار العائلات الارستقراطية في موسكو وامتيازات أخرى كثيرة، أتوقف قليلا عن القراءة، لأني ومن دون الحاجة لمتابعة رواية دوستويفسكي، أعرفُ مسبقا خاتمة الأحداث.

ومع الأسف وحدي ومن بين القليلين أكتشف سذاجة وعباطة دوستويفسكي، لأن شرط الكاتب العظيم والكبير عندي هو ذاك الذي يكتب عن شيء لم ولن يحدث إلا مرة واحدة فقط، أن يكتب عن شيء غاية في الروعة، يرفع من إحساسنا بمتعة الحياة ولا يزيد الطين بله. لست ناقدا أدبيا، لكن ما كتبه دوستويفسكي في رواية الأبله مجرد استمناء للحروف، إذ لا يمكن أن أعيش حالة القصة أكثر من ثلاث مرات في بغداد بعد أن حدثت في موسكو، حينما يرث العبطاء كصديق دوستويفسكي الأبله الذي لا يستطيع أن يرى إلا بلون واحد قيادة سفينة الأحلام المليئة بأمنيات ملونة.

سيمون الأبله المذكور في الرواية نسخة مكررة من كتّاب وصناع الحياة اليوم في بغداد، خذ مثلا هناك مدير عام في وزارة العدل كان قبل تسلم منصبه الجديد بأيام قليلة (مصلّح تلفزيونات) في منطقة الشعلة، وهو المعروف باسم علي المصري! هذا الشخص يرث ومن دون سابق إنذار، هكذا صدفة، مقدرات العدل في العراق ويعيّن مدير إدارة الوزارة لأنه من حزب الفضيلة وآخر ما تبقى للحزب عاطل عن العمل الحكومي!

شخص آخر بعد أن كان عضوا في حزب البعث ويمارس كل أشكال الغطرسة على شباب منطقة الحرية في تسعينيات العقد الماضي، ورث، وبالصدفة أيضا وعن طريق البخت والحظوظ، اللجنة الأمنية في الدورة السابقة لمجلس محافظة بغداد! وآخرون كثر من الذين تاجروا بحياة الناس.

وعجيب كيف يجرؤ دوستوفيسكي العظيم على تعليم الناس فن الصدفة في كتاب \”الأبله\”. من حيث لا أدري صرت اُحمّل دوستوفيسكي مسؤولية الخدعة القديمة. حاليا أفكر بفضح مخططات دوستوفيسكي وإحراق كتاب الأبله بكل ما فيه من حروف وصدف وامتيازات بروس اليتامى، مع الأسف.

* كاتب عراقي

إقرأ أيضا